مقديشو عنقاء تخرج من رمادها وتقهر سنوات العجاف والدمار
آخر تحديث GMT09:39:58
 العرب اليوم -

مقديشو عنقاء تخرج من رمادها وتقهر سنوات العجاف والدمار

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - مقديشو عنقاء تخرج من رمادها وتقهر سنوات العجاف والدمار

مقديشو ـ عمر مصطفى

تشهد العاصمة الصومالية مقديشو حاليًا، رواجًا في حركة الاستثمار، والإقبال على المشاريع التجارية المربحة واستثمار العقارات، بشكل غير مسبوق، بعد سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة التي حوّلت المدينة إلى سفينة خربة تتقاذفها الأمواج، وصنفتها الوكالات الدولية  بأنها "مدينة أشباح" يموت الناس فيها تحت الرصاص أحيانًا، والجوع والعطش والفقر أحيانًا أخرى. وقد خرجت مقديشو من ماضيها الدامي إلى الحياة النمطية الحديثة، بعد أن كانت المنازل مهدمة بالكامل، والطرق مقطوعة الأوصال لسبب الخراب الذي شهده الصومال طيلة عقود من الزمن، فأصبحت العاصمة صاخبة بسياراتها الفارهة صباح مساء، بعد أن كانت حركة المرور معدومة ولا يتعدى نهار أكثر من ثمان ساعات في اليوم. وتسود حالة من الاكتظاظ الأسواق المحلية، التي تشهد ارتفاعًا حادًا في السلع الغذائية والمنتجات المستوردة من الخارج، كما أن حركة الشراء والبيع مستمرة في الأسواق الصومالية ولا سيما في سوق البكارو، الذي كان في السنوات الأخيرة مرتعًا للموت لسبب القذائف المتبادلة بين أطراف الصراع في البلاد، وكانت الحياة الاقتصادية في هذا السوق المركزي شبه مشلولة، فأصبح التجار يقصدون إلى مناطق أخرى لنقل أمتعتهم وسلعهم وموادهم التجارية، لكن بعد فترة الهدوء التي تسود مقديشو، بدأ التجار وبشكل غير عادي في العودة إلى السوق، الذي يشهد حركة عمران تجارية واقتصادًا واعدًا بالنسبة للصوماليين. كما بدأت شركات تجارية تصدير المواشي الصومالية إلى الدول العربي في منتصف العام الجاري، حيث صدرت أكثر من ألفي رأس من الماشية إلى الدول العربية مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة، وفي غضون الأسبوع الجاري، شرعت شركة صومالية في تصدير الموز إلى الإمارات، وتم تصدير أكثر من 3 ألف كرتون من الموز إلى الخليج، مما ينعش الاقتصاد الصومالي الهش في السنوات الأخيرة.  أما في مجال السياحة، فبدأت المقاهي الصغيرة المقامة على الشواطئ تجتذب السياح والمصطافين المحليين، بعد أن كانت في الفترة الأخيرة مكانًا تلجأ إليه العصابات الإجرامية والمليشيات المسلحة، وتقع على جنباتها حوادث اغتصاب وقتل للمدنيين العزل، أما اليوم فحدث ما كان يتمناه الجميع، مقاهي منتشرة تقدم للسياح كل ما لذّ وطاب، كما تم افتتاح مقاهي أخرى يعمل فيها الأجانب تستقبل الصوماليين، فمثلاً أُقيم في الأيام الأخيرة عند سواحل ليدو مقهى يملكه تجار مصريون ويديرونه، حيث يزيد عدد العاملين فيه عن أكثر من 25 مصريًا، ما بين نادل ومدير وعامل، لاستقطاب الشريحة الصومالية المثقفة التي تخرجت من الجامعات العربية. وفي مجال العمران، بدأت في العاصمة حركة عمران تجارية غير مسبوقة، فالبيوت التي كانت مهدمة عن آخرها، بدأت تستوي اليوم على ساقها، وتشهد حركة بيع المنازل القديمة والأراضي ارتفاعًا جنونيًا، وتُباع المنازل المقامة على الشوارع أكثر من 200 ألف دولار، كما وصلت قيمة بعض المنازل أكثر من مليون ونصف دولار.  وانتشرت الجامعات المحلية تنتشر في ربوع الصومال، ففي العاصمة وحدها أطلق أكثر من 30 جامعة محلية تستوعب الخريجين من المدارس الثانوية في البلاد، وتخرج تلك الجامعات سنويًا ألافًا من الجامعيين من مختلف التخصصات العلمية والتطبيقية، غير أن معظم تلك الجامعات تواجه تحديات عدة، كما أن طلباتها تواجه أيضًأ صعوبات في استكمال  دراساتهم العليا في الجامعات الأجنبية في الخارج، غير أن المسؤولين في الجامعات الصومالية يحاولون مجددًا إطلاق التخصصات العليا والتعاون مع الجامعات الأجنبية في هذا المجال. وفي مجال الفن، بدأت الحكومة الصومالية جهودًأ حثيثة لإعادة ترميم المسرح، الذي شيد في أواخر سبعينات القرن الماضي، والذي تعرض إلى النهب والسلب إبان الحرب الأهلية، فالحكومة الجديدة تكثف جهودها لاستقطاب رواد الفن الصومالي بمجالاته المختلفة، غير أن وعود الحكومة الصومالية في بناء المسرح من جديد لم تتحق بعد، سوى ترميمات في بعض أجزائه، مما دفع عدد من الأدباء والشعرء والمسرحيين إلى إقامة عروض مسرحية على خشبة المسرح الوطني وأغاني جديدة وأناشيد وطنية. وتُعتبر مقديشو على مر العصور مركزًا تجاريًا مهمًا، وملتقى لطرق الملاحة البحرية كموقع وسط بين شبه القارة الهندية وأوروبا من جهة (قبل شق قناة السويس)، والجزيرة العربية والساحل الأفريقي من جهة أخرى، ويعود المؤرخون تاريخ تأسيس المدينة إلى ما بين القرن الثاني أو الثالث للميلاد، ولكنها اكتسبت أهمية كبيرة في فجر الإسلام لاعتناق أهلها الدين الإسلامي مبكرًا، وهاجر إليها العرب والفرس بصورة مكثفة ابتداءً من القرن الأول للهجرة، وتعود تسمية مقديشو إلى أنها مشتقة عن مقعد شاه التي تعني بالفارسية "كرسي الملك"، مما يشير إلى أن المدينة حكمها الفرس في العصور الوسطى، وقد مرّ على مقديشو حكام مختلفون، حيث استولى عليها الشيرزايون وبنو مساجد عدة في العاصمة التي لا تزال تستذكر حكم الشيرزايين لها، إلى جانب أنها أخضعت للحكم العماني الذي امتد حتى مدينة دار السلام التنزانية، ففي العصر الحديث وفي نهاية القرن التاسع عشر استولى عليها الاستعمار الإيطالي، الذي حكم فيها أكثر من نصف قرن من الزمن، فسقطت بعد الاستقلال تحت حكومة العسكر الذي انتهي نهاية تسعينات القرون الأخيرة، فدخلت في أتون الأزمات السياسية والأمنية، وتعاقب على حكمها في تلك الفترة أكثر من خمس حكومات، أصبحت وصمة عار على جبين المدينة العذراء. وظلت شوارع مدينة مقديشو التي كانت تخلو من الحركة مساءً، مفعمة بالنشاط، وعادت المتاجر والمطاعم إلى نشاطها في أجزاء مختلفة من المدينة حتى أوقات متأخرة من الليل. وقال حسين محمد، طالب جامعي مقيم في حي طركينلي، في حديث إلى "العرب اليوم"، إن الحياة في العاصمة في الوقت الحاضر بدأت تعود تدريجيًا إلى طبيعتها في السابق، معربًا عن أمله وفرحته لتطور المدينة، وأن هذا التطور يأتي بعد جهود لقوات الحكومة الصومالية بمساهمة من القوات الأفريقية التي تحمل اسم مظلة "اميصوم "الموجودة في البلاد. وقد استطلع مراسل "العرب اليوم" أراء سكان مقديشو للحديث عن وضعها الحالي بعد سنوات العجاف والجوع والدمار، فأكد عبدالله محمد علي (30 عامًا)، عائد من المهجر، أن "الوضع الأمني في العاصمة جيد وآمن مقارنة بالوضع السابق الذي كانت مخففات الموت تتخلله بين حين وآخر، وكنت في الخارج لمدة 5 سنوات، وكان الخدمات الأساسية للمدينة في ذلك الوقت معدومة، فانقطاع الماء والكهرباء وإغلاق جميع المحلات التجارية والمدارس، وكانت تلك الأمور تربك حياة الصوماليين، ولكن بعد عودتي إلى المدينة أدركت أن أشياءً كثيرة اختلفت تمامًا، وأن مقديشو ليست الماضية التي شوهتها الحروب والأزمات. وأكد علي أحمد، من سكان مقديشو، "نشعر الآن بالأمان والاستقرار، ويجب علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى، نحن قادرون الآن على الذهاب إلى المقاهي وأماكن التجمع والبقاء لفترة، وكان ذلك الأمر غير ممكن في الماضي".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقديشو عنقاء تخرج من رمادها وتقهر سنوات العجاف والدمار مقديشو عنقاء تخرج من رمادها وتقهر سنوات العجاف والدمار



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab