تُعد حقيبتا الدفاع والداخلية من الملفات المهمة والحساسة في تشكيلة الحكومة العراقية الجديدة برئاسة حيدر العبادي، لاسيما أنَّ البلاد تتعرض إلى هجمة شرسة من طرف ما يسمى بـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام"
ولم تتفق الكتل السياسية فيما بينها على مرشح واحد لنيل الحقيبة التي يثار بشأنها جدل واسع في الشارع العراقي، وداخل التحالفات السياسية.
واعتبر البعض الحديث الذي أدلى به نائب رئيس الجمهورية العراقية أسامة النجيفي لوسائل الإعلام، من أنَّ "تحالف القوى لديه مرشحين فقط يتنافسان على نيل ثقة المكونات السياسية، وهما كل من وزير المال المستقيل رافع العيساوي، وحاجم الحسني"، ورقة ضغط على التحالف الوطني الشيعي، كي يتجنب طرح اسم أمين عام منظمة "بدر" هادي العامري لوزارة الداخلية.
وأبرز أسامة النجيفي، أنّ العيساوي يحظى بمكانة لدى أبناء المحافظات المنتفضة، ولأنه كان هدفًا واضحًا للحكومة السابقة، ورئيسها نوري المالكي بسبب مواقفه المبدأية.
ولفت النجيفي إلى أنّ "العيساوي قادر على النهوض بالأعباء والمسؤوليات التي تفرضها وزارة الدفاع، لاسيما أنّ الجيش الحكومي لا يزال يستهدف محافظاتنا بصورة يومية، ويخلف وراءه عشرات الضحايا بين شهيد وجريح".
من جانبه، أكّد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، في بيان له، الإثنين، بعد لقائه رئيس المجلس الأعلى الإاسلامي عمار الحكيم، "قرب حسم ملف الوزارات الأمنية"، مبيّنًا أنّ "هناك نقاشًا مع رئيس البرلمان لعقد جلسة للتصويت".
إلى ذلك، دعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، الكتل السياسية إلى الإسراع في حسم تسمية مرشحيها لتولي الوزارات الأمنية، موضحًا أنّ "رئاستي البرلمان والوزراء لا تريدان أن تبقى وزارتي الدفاع والداخلية شاغرتين"، ومشيرا إلى "إننا لا نريد أن نتحدث عن وزارات شاغرة تدار بالوكالة، كوننا نسعى لإنهاء دولة الوكالة".
واعتبر الرئيس الأسبق للبرلمان العراقي، والقيادي في ائتلاف "الوطنية"، محمود المشهداني، في تدوينة له عبر صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ "هناك غالبية من العراقيين يرفضون مرشحي الأحزاب السياسية للوزارات الأمنية ويفضلون الشخصيات المستقلة، بغية إبعاد هذه المناصب الحساسة عن نفوذ الأحزاب والكتل".
وخاطب المشهداني العبادي قائلاً "هل سيصغي السيد رئيس الوزراء لصوت ومراد غالبية أهله، أم سيضطر لمجاراة رغبات المافيات السياسية وحيتان المصالح الحزبية، والتي كان وجودها في مركز القرار أحد أهم أسباب بقاء البلد في مربع الفشل المريع".
ولفت المشهداني إلى أنّ "البرلمان العراقي وجه رسالتين برفضه إقرار مرشحي حيدر العبادي لتولي منصبي وزيري الدفاع والداخلية، وهما جابر الجابري ورياض الغريب"، مبيّنًا أنّ "الرسالة الأولى تؤكد رفض الإملاءات والضغوط الخارجية التي حاولت أن تفرض رأيها على السيد رئيس الوزراء، وثانيهما رفض تدنّي مستوى كفاءة بعض المرشحين للوزارات المهمة".
وعلى الجانب الآخر، أكد القيادي في ائتلاف "دولة القانون" خلف عبد الصمد، أنَّ "الكلام عن تولي رافع العيساوي وزارة الدفاع غير صحيح، وحالة من الاستفزاز التي يسعون عبرها إلى إرباك الساحة العراقية"، مشيرًا إلى أنَّ "صاحب التصريحات الذي تحدث في شأن هذا الموضع هو دائمًا وفي الفترة السابقة صاحب تصريحات غير مسؤولة، ولا تبعث رسالة اطمئنان إلى المجتمع العراقي"، في إشارة من إلى أسامة النجيفي.
وأضاف أنه "لا يمكن لأيّ عراقي أو لأي إنسان مطلوب للقضاء أن يرشح إلى أيّة مسؤولية كبيرة"، مبيّنًا أنَّ "العيساوي متهم بقضايا تطرف، فمن غير الممكن أن يكون مسؤولاً أمنيًا، أو يرشح لهذا المنصب".
من جهته، رأى النائب عن اتحاد القوى العراقية عبد الرحمن اللويزي، أنّ "الكتل السّنية لم تتفق بعد على مرشحين محدّدين لشغل منصب وزارة الدفاع"، عادًا أنَّ "ما يتم تداوله من أسماء هي ترشيحات من طرف رؤساء الكتل السياسية لرئيس الحكومة حيدر العبادي".
واعتبر اللويزي طرح اسم رافع العيساوي من طرف نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، أخيرًا "أنهما في حلف سياسي واحد"، مبيّنًا أنَّ "الدفع بالعيساوي كمرشح لوزارة الدفاع في الوقت الراهن، يهدف لإحراج التحالف الوطني ليعدل عن ترشيح هادي العامري لوزارة الداخلية"، معتبرًا أنَّ "ذلك الترشيح بمثابة ورقة ضغط على التحالف الوطني لاستبدال العامري بمرشح آخر".
ورجح اللويزي أن "يكون ترشيح العيساوي لوزارة الدفاع لتسويق مرشح آخر مثل خالد العبيدي، أو حاجم الحسني"، وتابع أنَّ "لدى رافع العيساوي مشاكل قانونية وسياسية مع التحالف الوطني".
وأبرز اللويزي أنَّ "ترشيح جابر الجابري، لحقيبة الدفاع سابقًا، كان من الفريق المقرّب من الإدارة الأميركية، المتمثل في أسامة النجيفي"، مواصلًا أنَّ "التدخلات الخارجية أملت على رئيس الحكومة اختيار الجابري للمنصب في حينها وتقديمه لمجلس النواب الذي لم يحظِ بثقته".
ومضى النائب عن اتحاد القوى العراقية، قائلًا إن "الإدارة الأميركية تريد ترشيح شخصية مقرّبة من أسامة النجيفي ورافع العيساوي، لوزارة الدفاع، عبر ضغطها على التحالف الوطني لتمرير مرشحيهما للمنصب"، مؤكّدًا أنَّ "الجانب التركي يضغط بقوة لدعم توجهات أسامة النجيفي ورافع العيساوي، في طرح خالد العبيدي وحاجم الحسني للمنصب، كشرط للدخول بقوى التحالف ضد داعش".
وأردف اللويزي أنّ "كل منهما لا يمتلك المقاعد التي تؤهلهما للحصول على حقيبة الدفاع، داخل الكتل السّنية"، مستدركًا "لكن لديهما علاقات متميزة في الخارج مع الجانبين الأميركي والتركي".
أرسل تعليقك