دمشق ـ نور خوّام
أكدت وثائق استخباراتية أميركية، رُفعت صفة السرية عنها أخيرًا، أنَّ واشنطن كانت تعرف مسبقًا نتائج دعمها للمعارضة السورية وسمحت بقيام "داعش" عمدًا من أجل عزل النظام السوري.
وتعود الوثائق لوكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأميركية. ومن اللافت أنَّ هذه الوكالة ردت على أسئلة وجهت إليها بشأن مضمون الوثائق، بتكرار عبارة "لا تعليق" حتى لدى الإجابة عن سؤال بشأن ما إذا كان الأميركيون يدعمون تنظيم "القاعدة" في العراق (تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين) بصورة مباشرة، علمًا بأنَّ هذا التنظيم غير اسمه لاحقًا إلى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ومن ثم إلى "الدولة الإسلامية".
وتتضمن الوثيقة التي يجري الحديث عنها، وهي تعود إلى آب/ أغسطس العام 2012، ليس معلومات فحسب، بل وتحليلات وتنبؤات، تثير مدى دقتها الدهشة، إذا قورن بين تلك التنبؤات والأحداث التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الثلاث الماضية.
وكانت منظمة "Judicial Watch" نشرت، في 18 من الشهر الماضي، مجموعة من الوثائق التابعة لوزارة الدفاع الأميركية رُفعت صفة السرية عنها نتيجة دعوى قضائية رفعتها المنظمة ضد الحكومة الأميركية. وكانت الدعوى ومعظم الوثائق تتعلق بأحداث بنغازي العام 2012، لكن إحدى الوثائق تتضمن معلومات مقلقة للغاية متعلقة بالوضع في سورية والعراق.
ويتعارض مضمون هذه الوثيقة جذريا مع ما كررته واشنطن مرارا عن الطابع الفطري والمعتدل للتظاهرات ضد النظام، وهي تؤكد مباشرة أنَّ "السلفيين والإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة في العراق تعد القوى الرئيسية التي تدفع التمرد في سورية".
وتتابع الوثيقة التي شطبت بعض البنود منها قبل تسليمها للناشطين الحقوقيين، أنَّ "الغرب ودول الخليج وتركيا تؤيد المعارضة، في الوقت الذي تدعم فيه روسيا والصين وإيران النظام"، وتؤكد أنّ "تنظيم القاعدة في العراق كان يدعم المعارضة السورية منذ البداية أيديولوجيا وعبر وسائل الإعلام".
لكن الجزء الأكثر أهمية في الوثيقة هي التنبؤات، إذ استنتج محللو الوكالة أن: نظام الأسد سيبقى وسيحتفظ بالسيطرة على مساحات من الأراضي السورية، وأنَّ الوضع سيتحول إلى حرب بالوكالة، بالإضافة إلى أنَّ الدول الغربية ودول الخليج وتركيا ستدعم جهود المعارضة السورية للسيطرة على أراضي محافظتي الحسكة ودير الزور المجاورتين للأراضي العراقية، فيما ستعمل الدول المذكورة على إقامة مناطق عازلة تتم حمايتها بجهود دولية، على غرار المنطقة التي تم إقامتها حول بنغازي في ليبيا العام 2011.
واستنتج المحللون أنَّ القوات السورية ستنسحب من الحدود مع العراق، ليواجه حرس الحدود العراقي مخاطر ضخمة، واحتمال قيام كيان سلفي في شرق سورية "الحسكة أو دير الزور"، إذ تؤكد الوثيقة أن ذلك “هو بالذات ما تريده الدول الداعمة للمعارضة من أجل عزل النظام السوري.ر
أرسل تعليقك