بغداد– نجلاء الطائي
انقسم البرلمان العراقي على قضية تنامي القلق بشأن ظهور جيل متطرف يحمل أفكارًا دينية متعصبة لا تنتمي إلى الروح الوطنية، بين مؤيد ومعارض؛ إذ تؤكد كتلة بدر النيابية أن "الفكر الداعشي" يدرَّس حاليًا في مدارس العراق، بينما نفت لجنة الأوقاف والشؤون الدينية البرلمانية احتواء مناهج مدارس الأوقاف الدينية على أفكار "داعش"، وأخلت الحكومة مسؤوليتها عن متابعة مناهج المدارس الدينية الحكومية.
وأبدى عددٌ من السياسيين تخوفهم من أن الأطفال داخل العراق يعتبرون ضحية يحاول رجال الدين والمتطرفون السياسيون استغلالهم فكريًا وعقائديًا، كما تصاعدت الأصوات المحذرة من خطورة نشر المناهج "المتطرفة" التي تعد المصدر الأساسي لقوى التطرف بعد صعود نجم "داعش" وانتشار أفكاره بشكل متصاعد بين فئات الشباب والأطفال في مختلف دول العالم، الأمر الذي دفع مجلس الأمن الدولي إلى تبني قرار يؤكد ضرورة القضاء على أفكار التعصب والعنف والكراهية التي يعتنقها "داعش".
وأكد رئيس كتلة بدر النيابية، قاسم الأعرجي، أنه لا قيمة للنصر العسكري لو بقي فكر داعش يدرَّس في تلك المدارس، وأن مواجهة التنظيمات المتطرفة تحتاج مواجهة عسكرية، لافتًا إلى أهمية محاربة التطرف، حيث بدأت أفكار بن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب تدرس في المدارس الدينية الحكومية في العراق بعد العام 2003، وأن محاربة الفكر المتطرف أمر لم تعالجه الحكومات المتعاقبة، وأن الكتلة ستعمل من أجل مساندة الحكومة ورئيس ديوان الوقف السُني عبداللطيف الهميم في هذه المهمة الوطنية والإنسانية.
ونفت لجنة الأوقاف والشؤون الدينية البرلمانية احتواء مناهج مدارس الأوقاف الدينية على أفكار "متطرفة"، وأن المناهج "المتطرفة" تدرس في مدارس "داعش" فقط، وأوضح رئيس اللجنة، عبدالعظيم العجمان، أن مناهج مدارس الأوقاف الدينية لا تحتوي على أفكار "داعشية".
ولفت العجمان إلى أن الوقف الشيعي يعتمد على المنهج الجعفري والوقف السُني يدرِّس منهج أبوحنيفة و"داعش" لا يعترف بهذه المناهج أساسًا، وأن "المناهج "المتطرفة" تدرَّس في مدارس "داعش" التي أنشأها في بعض مناطق العراق التي يسيطر عليها فقط، وأن مدارس العراق الدينية تتبنى الخطاب المعتدل وتنبذ التطرف.
وأشار أستاذ علم الاجتماع، معن خليل، في تصريح خاص إلى "العرب اليوم"، إلى ضرورة نزع الأفكار المتطرفة من المناهج التعليمية على أيدي التربويين العراقيين أنفسهم، والذين يجب أن تعطى لهم الفرصة لصياغة مناهج تعليمية عراقية تعكس ثقافة أهل العراق وقيمهم الاجتماعية ورؤيتهم لمستقبل بلادهم، كما يجب أن يتم ذلك من دون أيّة ضغوط خارجية حتى لا تتأكد مخاوف العراقيين من وجود محاولات أجنبية للهيمنة الثقافية عليهم، وأنه لابد أن تكون هناك صلة وثيقة بين التربية والتعليم وضرورة وضع المناهج بما يخدم الطالب ويرفع من مستواه العلمي.
وأوضح أن العالم الآن بدأ يركّز على موهبة الطالب في مجال معين، والعلوم الأخرى تعطى له بشكل ثانوي، أما في العراق فليس هناك مجال للإبداع في الرياضيات أو علوم الحياة أو اللغة، الكل يدرسون والكل يمتحنون لكن النتائج متباينة، مشددًا على ضرورة وضع خطة استراتيجية شاملة خاصة، تتعلق بتحديث وتطوير المناهج الدراسية للمراحل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية لتغيير المناهج الدراسية كافة، وبما يلائم تطور الدول المتقدمة ووفق الفلسفة التربوية الحديثة وتطوير المناهج والمقررات على أسس علمية، من حيث إدخال معلومات المواد والتقنيات المستخدمة في عرض كل مادة.
وأكدت لجنة التربية والتعليم البرلمانية، مسؤولية وزارة التربية عن متابعة المناهج الدراسية في المدارس الدينية الحكومية، بينما نفت علمها بتدريس المناهج "المتطرفة" في تلك المدارس، وذكرت عضو لجنة التربية البرلمانية، منى صالح العميري، أن وزارة التربية مسؤولة عن متابعة مناهج التدريس في المدارس الدينية الحكومية، وأن المدارس الدينية تتبع الوقفين السُني والشيعي وبعض الجامعات الدينية.
وأوضحت العميري أن لجنة التربية لا تعلم بشأن تدريس المناهج المتطرفة ضمن مناهج تلك المدارس، مشيرة إلى أن لجنة الأوقاف والشؤون الدينية مسؤولة عن متابعة مناهج المدارس الدينية، بينما نفت وزارة التربية مسؤوليتها عن مدارس الأوقاف الدينية أو المناهج التي تدرس فيها، وأكدت أنها لا تعترف بالشهادات الممنوحة من قِبل الوقفين الشيعي والسُني.
وذكرت المتحدث باسم وزارة التربية، هديل العامري، أن الوزارة غير مسؤولة عن مدارس الأوقاف الدينية أو المناهج التي تدرس فيها، وأن المناهج التي تدرس في تلك المدارس لم تخضع لمراقبة واطلاع التربية، وأن وزارة التربية لا تعترف بالشهادات الممنوحة من قِبل الوقفين الشيعي والسُني، مشيرةً إلى أنها اشترطت إجراء امتحانات الوقفين في المراكز الامتحانية التابعة للوزارة وتحت إشرافها للاعتراف بها.
أرسل تعليقك