مدريد - الإسبانية
مثلما ظل أراجورن، أخر نسل الملوك في ثلاثية (مملكة الخواتم)، في حالة من التيه بعيدا عن عرشه، كان هذا هو حال ريال مدريد طيلة 12 عاما مرت على خزائن بطولاته دون أن يدخلها لقب دوري الأبطال الـ"ثمين"، منذ هدف الفرنسي زين الدين زيدان الأسطوري الذي منح للـ"ميرينجي" اللقب في 2002 بعدما كسر حالة التعادل مع بايرليفركوزن.
12 عاما مرت على النادي الملكي قبل أن يسترد لقبه الغالي ومعه هيبته الأوروبية بجانب الانجاز الأهم ألا وهو القضاء على "هوس" العاشرة بالتتويج باللقب في ملعب النور بلشبونة، تماما كما نجح فرودو باجنز في نهاية الثلاثية الروائية السينمائية بمساعدة صديقه ساموايز في التخلص من عبء الخاتم بصهره في حمم جبل النار بأرض (موردور).
في رحلة (عودة الملك) اضطر الريال للمرور بالكثير من التجارب السيئة ومواجهة خصوم لم يكن يتوقعها أو يأمل في أن يلقيها القدر أمامه، ولكنه نجح في التعامل معها بكل الأساليب المتاحة ليصل في النهاية إلى الهدف المنشود وهو التخلص من "هوس" العاشرة وتسيد أوروبا من جديد.
- مورينيو.. "سميجول" العاشرة
رغم أن الريال توج باللقب هذا الموسم تحت قيادة كارلو أنشيلوتي إلا أنه لا يمكن انكار الدور الذي لعبه مدرب الملكي السابق وتشيلسي الإنجليزي الحالي، البرتغالي جوزيه مورينيو في وصول الـ"ميرينجي" لهذه المرحلة، ذلك لأن "ذا سبيشيال وان" دوره كان مثل (سميجول) في ثلاثية (مملكة الخواتم)، فلولا الأخير لم يكن فرودو وساموايز سينجحان في الوصول إلى (موردور) أو يسلكوا الطريق السري إلى جبل النار، ولولا مورينيو لم يكن الفريق تخطي عقدة الخروج مندور الـ16 على يد ليون الفرنسي واعتاد على الحضور الدائم في قبل النهائي.
ولكن مورينيو بخلاف وضعه لأساس جيد للفريق الحالي للريال كان مثل سميجول متناقضا مع ذاته، فإذا كان الأخير قد سيطر عليه هوس خاتم القوة المرضي، فإن الأول سيطرت عليه الرغبة في الدخول بمعارك مع الجميع وعلى رأسهم الإعلام وعدد من رموز ريال مدريد- سواء كانوا أخطأوا أم لا- فكان هذا الهوس سببا في انهاء تعاقده مع الريال ومجيء كارلو أنشيلوتي الذي عمل على اعادة الاتزان النفسي قبل أي مستجدات فنية أو تكتيكية يضيفها على الفريق.
- بايرن ميونيخ.. وحش مملكة موريا
حينما حط الرحال بـ(صحبة الخاتم) في مملكة الأقزام القديمة (موريا) كان يتوجب عليهم محاربة عدد من وحوش الـ(أوركس) المفترسة التي طالما خشوها قبل المعركة الكبرى أمام وحش الجحيم الأحمر (بالروج)، هكذا كان حال ريال مدريد الإسباني حينما أنهى دور المجموعات حيث أنه وطوال طريقه للنهائي اضطر لمواجهة أسوأ مخاوفه: الفرق الألمانية.
الفرق الألمانية وخاصة اللعب على أراضيها كان يمثل عقدة ولكن القدر كان قاسيا مع الريال خلال النسخة الأخيرة من دوري الأبطال فهو لم يواجه فريقا ألمانياً واحدا بل ثلاثة، أولهم كان شالكة في دور الـ16 والذي فاز عليه ذهابا وايابا، ثم جاء الموعد الثاني مع وحش أكثر جرأة وقوة وهو بروسيا دورتموند الألماني في دور الثمانية، حيث فاز عليه ذهابا بثلاثية وخسر منه ايابا بثنائية في مباراة كادت توقف قلوب عشاق الملكي، ثم جاء موعد معركة هذا العصر.
كما ظهر بالروج بلهيبه ونيرانه من جحيم مناجم (موريا) أمام (صحبة الخاتم) ليهدد مصيرهم، ألقت القرعة بالعملاق البافاري حامل اللقب أمام الريال مع العلم بأن الأخير لم يسبق له أبدا تحقيق الفوز على بايرن ميونخ في ملعبه (أليانز أرينا)، هذا إلا أن كارلو أنشيلوتي المدير الفني للملكي تقمص دور (الساحر الأبيض) ونجح في قيادة الفريق للفوز ذهابا بالبرنابيو بهدف ونظيف وإيابا في الأليانز أرينا برباعية نظيفة، كما لو كان يقول لبيب جوارديولا مدرب بايرن مثلما صرخ جاندالف في وجه (بالروج) قبل القضاء عليه "لا يمكنك أن تمر!".
دي ماريا.. الملاك الحارس
بدأ موسم الأرجنتيني أنخل دي ماريا مع ريال مدريد بالصورة التي لم يكن يتمناها وهي باستياء الجماهير والاعلام منه، ليس لأنه لاعب سيء، بل لتفضيل كارلو أنشيلوتي له على الألماني مسعود أوزيل واختياره رحيل الأخير صاحب الشعبية المرتفعة بين الجماهير وبقاء الأول، هذا فضلا عن محاولة الصاق تهمة قيامه باشارة بذيئة للجماهير عقب تغييره في إحدى المبارايات.
دي ماريا نجح في فصل نفسه عن كل هذه المهاترات ولم يستحق فقط أن يكون رجل المباراة في نهائي دوري الأبطال أمام أتلتيكو مدريد بل "رجل الموسم" فهو كان مثل ساموايز الطيب، صديق فرودو في رحلته نحو التخلص من الخاتم، حيث لم يكل أو يمل من اللعب في كل المراكز التي أشركه أنشيلوتي بها طوال الموسم، سواء كصانع ألعاب في الناحية اليسري أو اليمنى بمهام دفاعية أو بدون، كله من أجل التخلص من العبء الذي يشكله هوس العاشرة.
دي ماريا في الوقت الذي كان خلاله الارهاق أصاب كل لاعبي الريال بعد التعادل مع أتلتيكو في الوقت بدل الضائع من المباراة والدخول في الوقت الاضافي لعب نفس الدور الذي قام به ساموايز حينما حمل فرودو فوق ظهره للتخلص من خاتم القوة في جبل النار، حيث حمل الفريق فوق ظهره وسدد الكرة التي تصدى له كورتوا ليضعها الويلزي جاريث بيل برأسه لتسكن الشباك وتمهد الطريق لهدفين آخرين سجلهما مارسيلو وكريستيانو رونالدو وينتهي "هوس" العاشرة كما انصهر الخاتم في نيران (موردور).
أرسل تعليقك