بامبلونا ـ أ.ف.ب
ارتدت مدينة بامبلونا في شمال اسبانيا الحلة البيضاء والحمراء ودبت فيها الحماسة مع انطلاق حفلات سان فيرمين وتسعة ايام من الجنون على وقع سباقات الثيران الهائجة الاشهر في البلاد.
عند الظهر بالتمام يصيح الجميع "فيفا سان فيرمين" ويطلق "التشوبيانثو" اي سهم من شرفة البلدية الواقعة في ساحة بلاثا كونسيستوريال التي يحتلها مد بشري يلوح بمحارم حمراء، معلنا انطلاق الاحتفالات.
وقد تأخر اطلاق السهم 18 دقيقة هذه السنة بعد نشر علم باسكي كبير على واجهة دار بلدية بامبلونا.
وفي الصباح الباكر، بدأ سكان بامبلونا وقد ارتدوا الابيض ووضعوا حزاما احمر عند الخصر فضلا عن سياح من كل ارجاء العالم يتوافدون بالالاف الى الساحة الصغيرة .
ماريا غوتيريث مارتينيث وهي ستينية من سكان المدينة كانت من اول الواصلين للتأكد من عدم تفويت المشهد وتقول فرحة "انه مكان فريد من نوعه. التشوبيناثو هو لحظة الفرح الكبرى. الامر مؤثر جدا".
وتروي قائلة "اتي في كل سنة منذ كنت طفلة. واليوم بات عدد الشباب والسياح اكبر لكن اجواء الاحتفال لا تزال هي نفسها".
اليسون ويندسور اتت خصيصا من استراليا. وهي تشارك للمرة الاولى في احتفالات سان فيرمين. وتؤكد الشابة البالغة 27 عاما "انها من الامور التي ينبغي للشخص ان يقوم بها قبل ان يموت. قيل لي ان الامر جنوني لذا علي ان افعله مرة واحدة على الاقل في حياتي".
ما ان تعطى صفارة الانطلاق تغرق المدينة في اجواء حماسية.
ويرقص المشاركون في الاحتفالات ويغنون ويسرفون في الشرب حتى ساعات الفجر الاولى. وينبغي الانتظار حتى الساعة الثامنة من الاحد من اجل متابعة اول سباق "انثييرو" للثيران الهائجة التي جعلت لعاصمة نافارا شهرة عالمية.
السباقات التي تستمر دقائق قليلة تجرى وسط توتر كبير جدا ويهرول فيها مئات المشاركين بسرعة فائقة، على مسار يمتد على 848,6 مترا على امتداد ازقة متعرجة في قلب بامبلونا التاريخي.
الساعون الى انجاز يقتربون قدر الامكان من الحيوانات الضخمة وهي ستة ثيران يزيد وزنها عن النصف طن وستة ابقار محاولين لمسها مع تجنب قرونها. ويفضل اخرون البقاء على مسافة منها.
وتستمر هذه السباقات الخطرة كل صباح حتى 14 تموز/يوليو. المسار الموروث من تقليد يعود الى القرون الوسطى، يقود الثيران الى الحلبات حيث ستبقى بانتظار مصارعة الثيران مساء.
وجذور هذه الاحتفالات تعود الى القرون الوسطى وهي تخلط بين الاحتفالات الدينية تكريما لسان فيرمين شفيع بامبلونا وتقليد المعارض التجارية عندما كانت الحيوانات تقتاد الى المدينة من الارياف وتقليد مصارعة الثيران.
وقد زادت شهرة هذه الاحتفالات في مطلع القرن العشرين بفضل قلم ارنست هيمنغواي الكاتب والصحافي الاميركي الذي سيجعل منها خلفية لروايته "ذي صن اولسو رايزز" (الشمس تشرق ايضا) الذي صدر العام 1926.
ومنذ ذلك الحين لم تتراجع شعبية سان فيرمين. ففي كل سنة تستقبل المدينة البالغة عدد سكانها 200 الف نسمة مئات الاف الاسبان والفرنسيين والبريطانيين والاستراليين وغيرهم يسعون الى المغامرة والحماسة.
في العام 2012، شارك 20700 متسابق في السباقات الثمانية اي ما معدله 2587 في كل سباق. لكن احيانا يتحول السباق الى مأساة. فقد قتل 15 متسابقا منذ العام 1911. وتعود اخر حالة وفاة الى العام 2009 عندما قضى اسباني في السابعة والعشرين.
والعام الماضي حضر الاحتفالات مليون ونصف ملوين شخص.
الا ان احتفالات سان فيرمين ليست بمنأى عن الازمة الاقتصادية التي تضرب اسبانيا فقد خفضت البلدية هذه السنة 13,8 % من الميزانية البالغة 2,1 مليون يورو.
أرسل تعليقك