أصناف أهل الفكر 2 2

أصناف أهل الفكر (2- 2)

أصناف أهل الفكر (2- 2)

 العرب اليوم -

أصناف أهل الفكر 2 2

عمار علي حسن

يتفرع من الصنف الأخير فرعان، الأول يستسلم أصحابه لقدرهم، فيواصلون العمل فى المؤسسات الفاشلة، التى لا تقدر قيمتهم، ولا تعترف بعلمهم الغزير، وتمارس عليهم ألواناً شتى من القهر المنظم. ومرد هذا الاستسلام إما لغياب الفرصة البديلة، أو افتقاد الروح المتمردة المغامرة، أو عدم تسرب الأمل فى إمكانية الخروج قريباً من هذا النفق المظلم، لتعود الأمور إلى نصابها السليم، وقد يظل هؤلاء فى مكانهم مخلصين للانتظار حتى تشتعل رؤوسهم شيباً، وقد يفارقون هذه الدنيا دون أن ينتهى هذا النفق الطويل، أو ينبلج فجر أحلامهم من طيات الظلام الدامس، أما الفرع الثانى فأصحابه يمتلكون قلوباً جريئة ونفوساً متمردة، ورغبة أصيلة فى تغيير الأوضاع المقلوبة، وتصحيح الأمور المعوجة، والانتصار للعدل، مهما كلفهم هذا من عناء، ويفكر مثل هؤلاء فيما هو أبعد من مصالحهم الذاتية بكثير، ويقيمون ما يجرى لهم وما يطولهم فى سياق أوسع، يمتد ليطوق الوطن بأكمله، وربما تنتابهم فى كثير من اللحظات نزعات ونوبات من التسامح والسكينة، فيمتد هذا التقييم إلى العالم من شرقه إلى غربه.

وبعض هؤلاء يقضى عمره فى النضال ضد الظلم والفساد فى مؤسسته الصغيرة، وبعضهم يترك مثل هذه المؤسسات، ليقيم مؤسسته الخاصة، أو يتحول هو فى حد ذاته إلى مؤسسة متنقلة، أينما حل صاحبها حلت المؤسسة، يحقق فيها كل ما عجز عن إنجازه فى الوظيفة الحكومية، أياً كان نوعها، ولا يعنى هذا تخلى أمثال هؤلاء عن النضال من أجل مجتمع أفضل، لكنهم يوسعون دائرة الكفاح، بعد أن يتخففوا من الأعباء البيروقراطية المعوقة، ويبتعدوا عن مصادر الإزعاج والنكد الوظيفى، التى تستنفد جزءاً كبيراً من جهد المبدعين، وتبدد طاقاتهم الخلاقة فى أمور تافهة، لا تسمن ولا تغنى من جوع.

ومن بين أصحاب هذا الفصيل الأخير هناك قلة تنجح فى بناء مشروعها الفكرى الخاص، بعيداً عن المناصب والمواقع الرسمية، واعتماداً على الموهبة التى تمثل بالنسبة لهؤلاء المنصب الذى لا يستطيع أى أحد أن يقيل الإنسان منه إلا خالقه سبحانه وتعالى. ويشق أتباع هذا الفريق طريقهم بالجهد والعرق والدأب، وامتلاك ذهنية الإبداع المتجدد، والقدرة على مقاومة ما يعترض مسيرتهم من مثالب ومشاكل، إما تقصد الواحد منهم لذاته، راغبة فى تبديد جهده وإفشاله، ليتقهقر ويتأخر ويسير ذليلاً مع القطيع. وقد تكون هذه المشاكل ذات سمة عامة، أو ناجمة عن خلل هيكلى، ويعانى منها جميع منتجى الأفكار والمعارف، مثل انتشار الفساد السياسى والاجتماعى وتردى الأخلاق وجمود البيروقراطية وتخلفها وتفشى الاستبداد والطغيان.

مثل هؤلاء يبينون أسطورتهم الذاتية على مهل وبجد وجهد صارمين، وينفضون عن كاهلهم غبار الأيام العصيبة، مجددين مع توالى الأيام تحديهم للظروف القاسية والأعداء الألداء، ولا ينفكون حتى ينالوا ما يطلبون، فيبدون نجوماً زاهية وسط الظلام الدامس، وطرقاً معبدة فى صحارى الوطن الشاسعة، حتى تتغير الظروف، ويأتى جيل جديد واع يسير على هذه الدروب بخطى واثقة، ويبنى على جوانبها كل أسباب العمران.

 

arabstoday

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

خيار الفاتيكان القادم: الكرازة أم التعاليم؟

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

السوداني والإخوة الحائرون

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

... والجامعيون أيضاً أيها الرئيس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أصناف أهل الفكر 2 2 أصناف أهل الفكر 2 2



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 08:52 2025 السبت ,26 إبريل / نيسان

قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس
 العرب اليوم - قادة العالم يشاركون في جنازة البابا فرنسيس

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab