جهاد الخازن
صعود الدولة الإسلامية في العراق وسورية سببه فشل الحكومة الأميركية في التحقيق في دور السعودية في إرهاب 11/9/2001، ودعمها الحركات الجهادية مثل القاعدة في السنوات التالية.
الكلام السابق يساوي في الكذب القول إن الشمس تشرق من الغرب فمَنْ قاله؟ هو الفقرة الأولى في مقابلة أجراها الصحافي البريطاني باتريك كوكبرن مع السناتور السابق بوب غراهام، ونشرتها جريدة «الاندبندنت» الموضوعية الليبرالية. الآن السعودية تحارب الإرهاب بالسلاح فماذا سيكذب.
الكذب في كلام السناتور يصبح مضاعفاً عنــدما يعـــرف الـقــارئ العــربــي أن هذا السناتور كان رئيساً مشاركــاً للتحقيــق الرسمي الأميركي في الهجوم على برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك، وأنه رأس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، وكانت سمعته أنه معتدل.
كنت في 11 من هذا الشهر كتبت عن الإرهاب في نيويورك وواشنطن بمناسبة ذكراه الثالثة عشرة، وفوجئت في 14 من الشهر نفسه بالمقابلة مع غراهام واتهام السعودية بدور في الإرهاب. وأشرت في زاويتي إلى مقال في المناسبة نفسها كتبه الصحافي المحقق الأميركي جاستن ريموندو عن التحقيق الأميركي الرسمي في الإرهاب ووجود 28 صفحة مطموسة بالحبر تتهم دولة أجنبية بمساعدة الإرهابيين بالمال ووسائل أخرى. وقرأت مقالاً آخر قبل يومين عن تجاهل الكونغرس الموضوع عمداً.
اتهام السعودية سببه أن 14 إرهابياً من أصل 19 كانوا سعوديين غير أن الجانب الآخر هو وجود مئات الجواسيس الإسرائيليين في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، وقد اعتُقِل أكثر من 60 منهم وكذبوا على المحققين.
في المقابلة مع غراهام هناك عبارة تقول إن أسامه بن لادن، زعيم القاعدة، كان من «النخب الحاكمة» في السعودية وأن أفراداً وجماعات في السعودية والخليج مولوا القاعدة.
أسامه بن لادن كان إرهابياً مطلوباً للعدالة في السعودية، ولو أنه اعتُقِل لكان الحكم عليه حتماً بالقتل، وهو لم يكن من أية نخب حاكمة، فحتى في أسرة بن لادن المحترمة الكريمة، كان رئيس الأسرة بعد المعلم محمد بن لادن ابنه الأكبر سالم، رحمه الله، ثم بدر الآن، وكلاهما صديق عزيز وأبعد أهل العالم عن الإرهاب.
أرجو أن يلاحظ القارئ شيئاً في المقابلة، ففي الفقرة الأولى الحديث عن دور المملكة العربية السعودية في هجمات 11/9/2001، ولكن في الفقرة الأخرى الحديث عن أفراد وجمعيات خيرية. هناك فرق هائل بين اتهام السعودية، أي الحكومة، واتهام أفراد وجمعيات، فالتهمة الأولى باطلة كاذبة حقيرة أما الثانية فصحيحة في حينها واليوم، لأن هناك أفراداً في الخليج يؤيدون الإرهاب.
على كلٍ بوب غراهام ذاكرته قصيرة ولا أتهمه بأكثر من ذلك، فهو في 9/11/2012 طالب بإعادة فتح التحقيق في الإرهاب إياه وزعم أن هناك معلومات قوية عن دعم السعودية الإرهاب. كما كرر التهمة السنة الماضية في حديث له عن قضية رفعها أهالي ضحايا الإرهاب. غير أن السناتور نفسه نسي على ما يبدو مقابلة له مع شبكة PBS سنة 2002 لمَّح فيها إلى أن الصفحات المغطاة بالحبر تتحدث عن دور إسرائيلي لا سعودي رسمي في ذلك الإرهاب، ووصف صدمته أو ذهوله أمام المعلومات المتوافرة. الصحافي الأميركي نفسه جاستن ريموندو الذي أثار الموضوع من جديد هذا الشهر نُشِرَ له موضوع في 18/12/2002 عنوانه: 11/9، مَنْ يعرف؟ اسألوا السناتور بوب غراهام، والكاتب تحدث عن المقابلة التلفزيونية وتلميحات السناتور. وأمامي موضوع يعود إلى 3/3/2003 عنوانه: السناتور بوب غراهام يقول إن إسرائيل موّلت إرهابيي 11/9. تحقيق الكونغرس عن الإرهابيين مدفون والميديا التي يملكها يهود تتجاهله. ولم أسمع يوماً أن بوب غراهام أنكر ما نشِر أو رفع قضية على كتّابه.
كل المادة محفوظ عندي، فأعود غداً إلى الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، وأشياء عن انفجار الخبر سنة 1996، والتحقيق التالي، وصولاً إلى الإرهاب في نيويورك وواشنطن.