بقلم : جهاد الخازن
كنت والقارئ نريد أن نبلغ درجة من الثراء تجعل بيل غيتس يحسدنا عليها. وعندما لم نحقق ذلك هبط طموحنا تدريجياً، وكان أن صدرت القائمة السنوية لأثرياء العالم عن مجلة «فوربس» قبل أسابيع، ولم يكن اسم القارئ أو اسمي فيها مع أنها ضمت أكثر من ألف ثري «أفقرهم» يملك أكثر من بليون دولار.
الآن صدرت قائمة تضم 11.5 مليون ثري، تحمل اسم «أوراق بنما»، وهي وثائق لشركة قانونية سُرِّبَت ونشرت صحف العالم أهم تفاصيلها. ومرة أخرى غاب اسم القارئ واسمي عنها... يعني لم نكن بين بضع مئة اسم، ولسنا من ضمن بضعة ألوف من الأسماء. ربما لو نشرت قائمة بأسماء فقراء الهند أو بيافرا لكنا نتصدر هذه أو تلك.
طبعاً الغنى هو غنى النفس، والقارئ وأنا نعزي أنفسنا بأننا نرأس قائمة هؤلاء الزاهدين بالأصفر الرنّان.
بعض الذين فاتهم قطار البلايين والملايين في الغرب يزعم أن الدين المسيحي يقول أن المال أساس كل شر. هذا وهم شائع فأناجيل السيد المسيح تقول أن حب المال أساس كل شر. وقد سمعت الذي قال أن الحب أساس كل شيء في الحياة الدنيا، وهو يحب الفلوس.
«أوراق بنما» كشفت أسماء رؤساء دول وحكومات ومسؤولين في هذا البلد أو ذاك، وقد استقال رئيس وزراء آيسلندا سغمندر غونلوغسن بعد أن قامت تظاهرات حاشدة ضده في ريكيافيك لورود اسمه في الأوراق.
اسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تردد في صحافة الغرب، لكن التهمة هي أن أصدقاء له يملكون بليوني دولار في حساب خارجي. روسيا بعد سقوط الشيوعية أنتجت عشرات من أصحاب البلايين، وليس منطقياً أن يحتمي رئيس روسيا وراء صديق والمبلغ هو بليونا دولار.
عندي ألف اعتراض على رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، وقد اتهمته غير مرة بأنه آخر المحافظين الجدد. والآن ردّدت الصحف اسمه لأن «أوراق بنما» ضمت اسم والده إيان كاميرون، وكان رجل أعمال توفي سنة 2012، وتبين أن كاميرون باع أسهماً في شركة والده قبل أن يصبح رئيساً للوزراء.
الأثرياء في الشرق والغرب عادة ما يخبئون جزءاً كبيراً من أموالهم في حسابات وراء البحار هرباً من الضرائب، و «أوراق بنما» ضمت أسماء زعماء حاليين أو سابقين من حول العالم فكان هناك من الصين حتى فنزويلا، ومن كندا والبرازيل وفرنسا وإيطاليا وقزخستان وباكستان وغيرها.
بين العرب تردد كثيراً اسم الرئيس السوري بشار الأسد، غير أن الأوراق تضم اسمَيْ رامي وحافظ مخلوف، ابني خاله، والأول رجل أعمال يملك كل ما له قيمة في سورية من مناطق التجارة الحرة على الحدود إلى الهاتف وغيره.
أيضاً ورد اسم علاء مبارك، ابن الرئيس حسني مبارك، وهو أيضاً رجل أعمال لم يكن له دور سياسي يوماً.
وأعود إلى ما بدأت به فقد قررت في لحظة يأس بعد غياب اسمي عن قوائم الأثرياء وأصدقائهم أن أوصي بكل ما عليّ من ديون للجمعيات الخيرية.