تمييز الدين عن السلطة السياسية 2  2

تمييز الدين عن السلطة السياسية (2 - 2)

تمييز الدين عن السلطة السياسية (2 - 2)

 العرب اليوم -

تمييز الدين عن السلطة السياسية 2  2

عمار علي حسن

يذهب على عبدالرازق إلى ما هو أبعد فى حديثه عن علاقة الإسلام بالسلطة السياسية حين يتساءل فى كتابه «الإسلام وأصول الحكم» الذى لا يزال يثير جدلاً عميقاً: «كم من ملك ليس نبياً ولا رسولاً؟ وكم لله جل شأنه من رسل لو يكونوا ملوكاً، بل إن أكثر من عرفنا من الرسل إنما كانوا رسلاً فحسب؟.. محمد ما كان إلا رسولاً لدعوة دينية خالصة للدين، لا تشوبها نزعة ملك، ولا دعوة لدولة، وإنه لم يكن للنبى (صلى الله عليه وسلم) ملك ولا حكومة، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يقم بتأسيس مملكة، بالمعنى الذى يفهم سياسة من هذه الكلمة ومرادفاتها ما كان إلا رسولاً كإخوانه الخالين من الرسل. وما كان ملكاً ولا مؤسس دولة، ولا داعياً إلى ملك.. القرآن صريح فى أن محمداً (صلى الله عليه وسلم) لم يكن له من الحق على أمته غير حق الرسالة».

وربط الإسلام بالسلطة السياسية يقود إلى إنتاج «الدولة الدينية»، وهو مصطلح يثير مخاوف فى الفكر السياسى المعاصر، نظراً لأنه «يعطى الدولة احتكار تفسير النص الدينى، مما يجعلها مالكة للسلطة الإلهية الكامنة فى هذا النص، وهى سلطة مطلقة بطبيعتها، ومحصنة بعقوبات تصل إلى حد الموت.. وبذا تكون الدولة قد جمعت فى قبضتها بين السلطتين: السلطة الطبيعية للدولة فى ذاتها، وسلطة التفويض الضمنى السماوية»، حسبما ذهب عبدالجواد ياسين فى كتابه «السلطة فى الإسلام: نقد النظرية السياسية».

وحين نتعرض لطبيعة دور الرسول (صلى الله عليه وسلم) علينا أن نفرق بين «القيادة» و«الرئاسة»؛ فالأولى ذات طبيعة اجتماعية، وهى تتأسس على سمات وصفات لدى شخص تلقى قبولاً عند الجماعة التى ينتمى إليها، فيخلعون عليه مهابة واحتراماً وحباً، من دون أى تقيد رسمى حياله، ولا سلطة رسمية له عليهم. أما الثانية فذات منحى رسمى، يرتبط وجودها بوجود منصب، ولا يحظى من يشغله بالضرورة حباً واحتراماً ومهابة. وليس له من طاعة على الناس إلا بمقتضى ما يوفره له المنصب من صلاحيات. وأعتقد أن وضع الرسول الكريم كان وضع «القائد» فى المسلمين، وليس وضع الرئيس، وأن تصرفاته السياسية كانت بنت القيادة وليست نابعة من الرئاسة.

من أجل كل هذا فلا تقدم حقيقياً من دون تحقيق هذا التمييز، الذى لا يعنى فصل الدين عن السياسة، فهذا طرح نظرى من الصعب تطبيقه، إذ إن السياسة والدين يهبطان ويصعدان معاً ويلتقيان فى كل الثقافات والمجتمعات والحقب التاريخية فى مفاصل عديدة ومتفاوتة القوة، إنما يعنى التمييز التام بين الدين والسلطة السياسية، فلا يتحول الدين إلى أيديولوجيا ولا يزعم أى حاكم أن سلطته مستمدة من الله، ولا يستغل الدين فى الدعاية السياسية، أو يكون مجالاً للصراع بين المتبارين فى المجال السياسى.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمييز الدين عن السلطة السياسية 2  2 تمييز الدين عن السلطة السياسية 2  2



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
 العرب اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab