حين يكف الإعلام عن الإعلام

حين يكف الإعلام عن الإعلام !

حين يكف الإعلام عن الإعلام !

 العرب اليوم -

حين يكف الإعلام عن الإعلام

عريب الرنتاوي

بلغ الاستقطاب بالصحافة ووسائل الإعلام والعاملين فيها وعليها، حداً لم يعد ممكناً معه التمييز بين “الخبر” و”الرأي”، لا أحد يكترث حقيقة بنقل أمين ودقيق ولو نسبياً لمجريات الوضع على الأرض ... حتى التطورات الميدانية، باتت تُقرأ من زاوية نظر من يغطيها، وهنا أتحدث مرة أخرى عن مجريات الوضع على الأرض، وليس عن “مغزى ودلالة” ما حدث ويحدث.

أمس على سبيل المثال، انصرف الإعلام المناصر للنظام السوري وحلفائه، في شرح الأهمية الاستراتيجية الفائقة للتقدم الذي أحرزه الجيش وحزب الله في بلدة الزبداني، وصُرفت ساعات من البث الإذاعي والتلفزيوني، وأهدر الكثير من المِداد في تدبيج المقالات وتسطير التقارير صبيحة اليوم التالي، حتى أن المتابع لهذا الإعلام، يظن أننا أمام “نقطة تحول استراتيجي” في مسار الأزمة السورية برمتها، وليس على جبهة واحدة من جبهاتها.

في المقابل، الإعلام المناهض للنظام، أصر على الذهاب في الاتجاه المعاكس، وبزاوية قدرها 180 درجة ... فما حصل في الزبداني، ليس سوى “لطمة جديدة على خد النظام وحلفائه”، وأن سير المعارك هناك، ينبئ كما على بقية الجبهات، بدنو أجل النظام “الآيل للسقوط” ... هذا الإعلام لا يكف يتحدث عن ثورة ومعارضة، وثوار ومعارضين، من دون أن يضيف “جملة مفيدة واحدة” تشي بهويتهم السلفية الجهادية أو انتماءاتهم للقاعدة ... وهذه المقاربة تسم تغطياته لكل الأحداث، وفي كل الساحات، بما فيها اليمن والعراق.

نضطر للبحث في ركام “التحليلات” و”وجهات النظر” التي تسمى زوراً بالأخبار والتقارير الإخبارية، علّنا نعثر على الحقيقة أو ما يشبهها ... نضطر للبحث عن مصادر من خارج هذه القنوات والوسائل والصحف المستقطبة بالكامل، والتي لا تختلف نشراتها وتقاريرها الإخبارية عن البيانات الحزبية في غابر الأزمان، التي تقول كل شيء ولا تقول شيئاً.

الصورة في اليمن تبدو أكثر تعقيداً ، ربما بسبب بعدها الجغرافي وطوبوغرافيا الحرب الجبلية الوعرة... أنت لن يكون بوسعك التعرف على صورة الوضع الميداني هناك، بمجرد مشاهدة وقراءة والاستماع لإعلام الأفرقاء المحتربين وداعميهم ... هذه “مهمة مستحيلة” ... المناهضون للحوثي وصالح، يتحدثون عن متمردين وميليشيات، لا تقتل إلا المدنيين، تتعرض لأفدح الخسائر في الأرواح والمعدات والعتاد ... فيما يجري إسدال ستار سميك من التعتيم على قاعدة الجزيرة في اليمن، ولا توصف المليشيات المقابلة، إلا باسمها الحركي “المقاومة الشعبية”، وهذه لا تصيب مدنياً واحداً برصاصها وقذائفها، فكل ضحاياها من المتمردين والمليشيات الذين لا يكفون عن التقدم وتحقيق الانتصارات (؟!)، وكذا الحال بالنسبة لطائرات التحالف، التي يجمع العالم على أنها لا تقتل إلا المدنيين، ولا تضرب سوى أهداف مدنية، بعد أن استنفدت “بنك الأهداف”، ومع ذلك لا بأس من “التغطية” بمعنى حجب الحقيقة أن عزّت “التغطية” بالمعنى الصحفي والإعلامي.

قنوات الحوثيين وحلفائهم، تقارف شيئاً مماثلاً ... لا أحد من مقاتلي هذا الفريق يقتل برصاص الخصوم أو بقذائف الطائرات، جميع ضحايا الطرف الآخر من المدنيين ... لا وجود لمقاومة شعبية ولا لخصوم على الأرض ... القاعدة وحدها من يتصدى لهؤلاء، وهم وحدهم الذين يخوضون الحرب ضد الآخر ... إلغاء كامل ومتبادل، وحالة إنكار تلقي بظلالها على مختلف الأطراف.

من منّا يعرف على سبيل المثال، كيف هو الحال في تعز أو عدن؟ ... من منا يعرف كيف هي الأوضاع على خطوط التماس الحدودية بين اليمن والسعودية ... من منا يعرف ما هي أحجام القوى المؤيدة للعدوان على اليمن أو المناهضة له؟ ... من منا يعرف بالضبط، كيف تسير الأمور على مسار الحراك السياسي أو المشهد الميداني؟ ... ببساطة، لا أحد بمقدوره أن يعرف اعتماداً على وسائل الإعلام هذه.

ولأن لكل وسيلة إعلامية حزبها ومعسكرها الذي تنطق باسمه وتسبح بحمده، فإن لكل وسيلة كذلك، محلليها السياسيين وخبراءها الاستراتيجيين، المفصلين على مقاسها بالضبط، وعند حائك ماهر، أما الجمهرة العريضة من المحللين والخبراء والسياسيين والمثقفين، الذين ما زالوا يحتفظون بّذرة عقل وضمير، فلا مطرح لهم هنا أو هناك ... هؤلاء “لا مع سيدي بخير ولا مع ستي بخير كذلك”؟!

حتى أكثر المذيعات أنوثة وعذوبة، بدأن يتصرف كما “النمرات الكاسرات” على الهواء مباشرة، عندما يخرج متحدث أو معلق عن المسار المرسوم، أو الصراط المستقيم... هناتبدأ المقاطعات والاختزالات، بل وأحياناً التصرف من دون كياسة مع الضيوف، الذين قرروا عدم تأجير عقولهم وأصواتهم، لهذه المحطة أو تلك.
ضحايا الاستقطاب والإقصاء المتبادل كثيرة وفي ارتفاع مستمر ... وفي صدارة لائحة الضحايا، يقف الإعلام المهني والصحافة المستقلة والموضوعية.

 

arabstoday

GMT 06:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 06:16 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منطقتنا واليوم التالي

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تتهدّد الحربُ الأهليّة لبنان؟

GMT 06:04 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة السيستاني الذهبية

GMT 05:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة في حفرة الأرنب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يكف الإعلام عن الإعلام حين يكف الإعلام عن الإعلام



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:21 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
 العرب اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 23:36 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
 العرب اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 15:16 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء

GMT 05:00 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:05 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد المصابين بأخطر سلالة من جدري القرود في بريطانيا

GMT 18:25 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مانشستر سيتي يرصد 150 مليون يورو لضم رودريغو

GMT 18:20 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

17 ألف ريال غرامة للهلال السعودي بسبب أحداث مواجهة النصر

GMT 02:26 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 4 بسبب صاعقة رعدية بملعب كرة قدم في بيرو

GMT 03:11 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمطار الغزيرة تغمر مطار برشلونة في إسبانيا

GMT 18:15 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة لاعب وإصابة 5 بـ صاعقة في بيرو

GMT 13:14 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط مروحية عسكرية مصرية ووفاة ضابطين أثناء تدريب

GMT 15:29 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير من مخاطر استخدام ChatGPT-4o في عمليات الاحتيال المالي

GMT 03:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يواصل هجماته على إسرائيل ويطلق 90 صاروخًا

GMT 18:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

آينتراخت فرانكفورت يحدد 60 مليون يورو لبيع عمر مرموش

GMT 19:28 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

قتلى من حزب الله بقصف إسرائيلي على محيط السيدة زينب في دمشق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab