نتنياهو في متاهة روما

نتنياهو في متاهة روما

نتنياهو في متاهة روما

 العرب اليوم -

نتنياهو في متاهة روما

عبد الرحمن شلقم
بقلم _ عبد الرحمن شلقم

زار بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، العاصمة الإيطالية روما، يوم الجمعة الماضي، حاملاً معه عروضاً ومطالب للحكومة الإيطالية، وبرنامجاً واسعاً في مجال التعاون الاقتصادي والتقني. لكن العرض الكبير كان استعداد إسرائيل لتزويد إيطاليا بكميات ضخمة من الغاز. إيطاليا تعيش زمناً من القلق الاقتصادي، جراء ما عانته في المدة الماضية، مثل بقية شريكاتها الأوروبية، من نقص في النفط والغاز، بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا. رافق نتنياهو عددٌ كبيرٌ من رجال الأعمال بهدف تطوير واسع للعلاقات الاقتصادية بين إيطاليا وإسرائيل. الهدف «الحلم» من زيارته كان إقناع الحكومة الإيطالية بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. لماذا إيطاليا؟ كان هدف نتنياهو أن تكون روما بوابة للدخول في مسار اعتراف أوروبي بالقدس عاصمة للدولة الإسرائيلية. روما أرض الفاتيكان وهي قلب المذهب الكاثوليكي. لقد رفع بابا الفاتيكان منذ سنوات، من على شرفة ساحة سان بيترو، الثقل الديني والتاريخي الذي حمله اليهود على ظهورهم على مدى قرون، عندما برأهم من دم المسيح عيسى بن مريم. كانت تلك التهمة بقعة ساخنة تركت مشاعر وحساسية بين اليهود والمسيحيين الكاثوليك.
نتنياهو سبقته قبل وصوله إلى روما هزَّة سياسية، فقد وصلت طائرته إلى مطار روما، بعد ساعات من الموعد المحدد لها، بسبب المظاهرات التي حاصرت مطار بن غورين احتجاجاً على مشروع الحكومة الإسرائيلية بإدخال تغييرات على المنظومة القضائية الإسرائيلية.
مطلبه (اعتراف حكومة إيطاليا بالقدس عاصمة للدولة الإسرائيلية) سبّب انقساماً داخل الحكومة الإيطالية. مجلس الوزراء رفض ذلك، وكذلك وزارة الخارجية. فالقدس الشرقية تعتبرها الحكومة الإيطالية أرضاً محتلة، ومعها دول الاتحاد الأوروبي، تعتبر القدس أرضاً محتلة، حسب قرارات الأمم المتحدة. القدس الشرقية هي مدينة المقدسات الإسلامية والمسيحية، ولها معنى مقدس في عاصمة الفاتيكان. الوزير الوحيد الذي أعلن عن دعمه للمطلب الإسرائيلي كان ماركو سالفيني، زعيم رابطة الشمال، والوزير في الحكومة الائتلافية المثلثة، سيلفيو برلسكوني. زعيم حزب «فورزا إيطاليا» اصطف مع جورجيا ميلوني، رئيسة الحكومة وزعيمة حزب «إخوان إيطاليا»، ورفض مطلب نتنياهو، الذي قدّم طلبه متسلحاً بوجود غبار فاشي على كتف رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، التي يقال إن لها ميراثاً فاشياً سياسياً عائلياً. إيطاليا في أواخر الحقبة الفاشية، وبعد تحالف موسوليني مع هتلر، أصدرت القانون العرقي الذي لاحق الجالية اليهودية في إيطاليا وليبيا التي كانت تحت الاستعمار الإيطالي الفاشي. لقد فعلت ألمانيا ما بعد النازية الكثير، من أجل التكفير عما ارتكبه النظام النازي ضد اليهود، وقدمت تعويضات سخية من المال والسلاح وغيرهما. نتنياهو جاء إلى روما، حيث تجلس سيدة قيل الكثير عن خيوط تربطها بالماضي الفاشي، وظن أن ذلك الخيط يمكن تحريكه وتوظيفه، من أجل الحصول على مفتاح سياسي للاتحاد الأوروبي، يفتح باب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في عدد من الدول الأوروبية. ما حدث أثار القضية الفلسطينية بقوة في وسائل الإعلام الإيطالية، وبين شرائح واسعة في الرأي العام الإيطالي. ما يعانيه الشعب الفلسطيني من قتل، وتوسيع المستوطنات، وهدم بيوت الفلسطينيين، نال مساحات واسعة في وسائل الإعلام الإيطالية. القضية الفلسطينية لاقت دعماً قوياً في إيطاليا، وخاصة بين قوى اليسار والنقابات، حتى أحزاب يمين الوسط، عبر كل السنوات الماضية. إعلان ماركو سالفيني عن دعمه للطلب الإسرائيلي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل انقلب عليه، ووصفته قوى سياسية ووسائل إعلامية بأنه مجرد تهريج شعبوي نزق. فخسر الاثنان نتنياهو وسالفيني.
اللكمة الثانية لرئيس الحكومة الإسرائيلية كانت من ذوي القربي في روما. من الجالية اليهودية. استقبله جمع من اليهود الإيطاليين، يتقدمهم الحاخام ريكاردو دي سينيي في المعبد اليهودي، وبرفقة نتنياهو زوجته سارا. بدأ نتنياهو بالحديث عن الانقسام الذي تعيشه إسرائيل، وعن المظاهرات التي لم تتوقف. لكنه ردد أن اليهود في إسرائيل سيبقون شعباً موحداً وفريداً. وقال؛ لنا ماضٍ ومستقبل واحد. وتحدت عن لقائه برجال الأعمال، وعن البرنامج النووي الإيراني المخيف لأوروبا وللعالم. وتحدث عن المشروع الإبراهيمي مع بعض الدول العربية، آملاً توسيعه في المستقبل. الصدمة كانت بصوت عالٍ، فقد تحدث أكثر من شخص بين الحاضرين عن المحاولات التي يقودها اليمين الإسرائيلي، بهدف إجراء تغييرات في المنظومة القضائية الإسرائيلية، وعن تحرك بعض القوى اليمينية لتحويل إسرائيل إلى دولة ثيوقراطية، وهدد بعض الحاضرين بالقيام بمظاهرات في روما ضد جهود نتنياهو لتغيير المنظومة القضائية الإسرائيلية. نتنياهو الذي جاء إلى روما حاملاً معه حلماً بإقناع الحكومة الإيطالية بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وتعبئة الجالية اليهودية في إيطاليا لتكون اللوبي السياسي والمالي، الذي يخدم أهداف إسرائيل، وجد نفسه في متاهة سياسية وإعلامية، وسط غضب من أبناء عمومته اليهود الإيطاليين. القضية الفلسطينية عادت بقوة إلى صفوف الرأي العام الإيطالي. الحديث عن سياسات إسرائيل العنصرية رافق نتنياهو، وهو يؤدي زيارة إلى إيطاليا، كان يعتقد أنه سيحقق فيها نجاحاً، يحمله معه على طائرته إلى القدس، ليقول للغاضبين من سياساته؛ ها قد جئتكم باعتراف من بلاد الفاتيكان بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. لكنه عاد بغبار الفشل من الحكومة الإيطالية، وبغضب من يهود روما. لا شك أن هناك قوى يمينية إيطالية تعمل بقوة مع عناصر يهودية فاعلة، من أجل الضغط على الحكومة الإيطالية لنقل سفارتها إلى القدس، وذلك ليس بالأمر السهل، لكن قدره سيبقى فوق النار.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو في متاهة روما نتنياهو في متاهة روما



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab