طرابلس - العرب اليوم
لا يشبه «مهرجان طرابلس للأفلام»، غيره من مهرجانات السينما، فقد كتب عليه باستمرار أن يكون فعل مقاومة. ولد في زمن كانت فيه طرابلس مكاناً لمعارك ضارية، ثم ما إن استتب الأمن حتى جاءت ثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، ولحقها الانهيار الاقتصادي، واستتبعته الجائحة التي أرغمته على أن يقيم دورته السابقة «أونلاين» حاله حال بقية المهرجانات. الإصرار هذه السنة على إعادة المهرجان حيّاً، كان فعل مغامرة جديدة من مؤسسه السينمائي إلياس خلاط، الذي افتتح الدورة السابعة في «بيت الفن» في طرابلس الميناء، مبدياً سعادته بالوصول إلى هذه اللحظة رغم كل المعوقات. فأكبر المهرجانات في لبنان لم تنعقد هذه السنة، للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. وقال خلاط في كلمة مؤثرة شاكراً كل الداعمين، إن المهرجان كان بحاجة إلى دعم مادي ولكن معنوي أيضاً. ولفت خلاط إلى ما بذلته هيئات من المجتمع المدني، ووزارة الثقافة التي ترعى المهرجان من الوزير القاضي محمد وسام المرتضى إلى مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد الذي بذل كل جهد ممكن، منذ ولد المهرجان يوم كان أستاذاً في الجامعة اللبنانية إلى اليوم.
وتابع خلاط: «كما أن دعم مؤسسات المجتمع المدني كان أساسيا لكي نستيطع الوقوف هنا اليوم والمتابعة على مدى 8 أيام، حيث إننا حصلنا على منحة من مؤسسة آفاق والمورد الثقافي التي تمنحها للمؤسسات الثقافية، كذلك الدعم من مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد، كل هذا لنستطيع تقديم نسخة من المهرجان جديرة ليس فقط بمدينة طرابلس، لا بل جديرة بكل لبنان».
كما أن هناك مؤسسات من خارج لبنان منها مركز السينما العربية بالقاهرة ومؤسسة ماد سولوشين، ومؤسسة كان، قدمت مساعدتها. ولم ينس خلاط الإشارة إلى فريق العمل: «الفظيع الموجود في كل مكان في الكونترول والتقنيات وخلف الكواليس، خاصة أن قسماً كبيراً منهم يعمل بشكل تطوعي». في كل سنة يمنح المهرجان استثنائياً جائزة إنجاز الحياة «life time achievement» لأشخاص استثنائيين عملوا ويعملون في مجال السينما، هذه الدورة ستمنح الجائزة للفنان منير معاصري الممثل والمخرج في الفنون المسرحية، وهو أيضاً منتج ومؤلف وكاتب، كما سيتم تكريم المنتج المصري صفي الدين محمود عن أعماله المميزة. وتتنافس الأفلام في هذا المهرجان وفقاً لثلاث فئات. فئة الفيلم الروائي الطويل، ولجنة التحكيم هي برئاسة جان كلود قدسي (لبنان) وعضوية صفي الدين محمود (مصر) وكارول عبود (لبنان). أما الفئة الثانية الفيلم الوثائقي الطويل، فلجنة التحكيم برئاسة زينة دكاش (لبنان) وعضوية سينتيا شقير (لبنان) وشريف فتحي (مصر). فيما الفئة الثالثة وهي الفيلم القصير، فلجنة التحكيم برئاسة ديامان بو عبود (لبنان) وعضوية نيكولا خباز (لبنان) ومارك لطفي (مصر).
ولم يستسلم المهرجان العام الماضي أمام الجائحة، فقد أطلق «نادي مهرجان طرابلس للأفلام TFF CLUB»، حيث لم تقتصر العروض على مدينة طرابلس بل تمت عروض الأفلام في كل المناطق والقرى الشمالية. ولمهرجان طرابلس للأفلام ذراعان، ذراع المسابقة الرسمية للأفلام المتنافسة، وذراع الفعاليات المتخصصة حيث تفتح الأبواب للشباب عبر ورش عمل وماستر كلاس وللتصوير السينمائي لطلاب الإعلام المرئي والمسموع، و«منتدى» المتخصص الذي سيعقد على مدى 3 أيام في بيت الفن، ويتناول موضوع إشكاليات الإنتاج السينمائي في لبنان وفرص التمويل المتاحة، ويشارك حصرياً في حلقاته سينمائيون اختصاصيون من آفاق متعددة محلياً ودولياً، بالإضافة إلى حلقات مناقشة Q & A مع المخرجين اللبنانيين والعرب والأجانب الموجودين أثناء عروض أفلامهم. من خارج إطار المسابقة الرسمية، مساحة «أضواء شمالية» لعرض أفلام المخرجين الشباب من شمال لبنان، ومناقشتها معهم وبحضورهم. وسيتم توقيع كتاب «العرض الأخير - سيرة سيلما طرابلس» للمخرج اللبناني هادي زكاك، يقدم له الدكتور خالد زيادة ويدير الندوة المخرج جان رطل. ويدعم مهرجان طرابلس بدوره «مهرجان القدس للسينما العربية» في دورته الأولى الذي أطلقته نيفين شاهين الناشطة في المخيمات الفلسطينية في لبنان. وهو مهرجان يعمل على إدخال أفلام عربية ممنوعة من قبل الاحتلال إلى القدس، حيث تقوم فلسفة هذا المهرجان على استقبال أفلام من دون مخرجين، وأعضاء لجان تحكيم «أونلاين»، وتمنح جوائزه خلال مهرجانات عربية.
وستكون شاهين في طرابلس حيث سيتم تسليم جائزة فيلم «تحت التحت» للمخرجة اللبنانية سارة قصقص، الفائز في مهرجان القدس للسينما العربية عن فئة الفيلم الوثائقي الطويل، وسيتم عرض الفيلم ومناقشته مع المخرجة. كما سيتم تسليم جائزة الفيلم «ستاشر» وله اسم آخر «أخشى أن أنسى وجهك» للمخرج المصري سامح علاء والمنتج مارك لطفي عضو لجنة تحكيم في مهرجان طرابلس للأفلام الفائزة، الذي حصل على السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي 2020.
في كلمته، مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد قال: «ليس لنا من خيار إلا أن نتطلع بعين الرجاء، رغم السواد الذي يلفنا من كل الجهات، آملين أن تعود الأيام الخوالي سيرتها الأولى، ويكون للثقافة دور أساسي في إضفاء أجواء مريحة، تحرر الناس من معتقلات الحجر الذي فرض عليهم وتنسيهم بعض همومهم». عرض في نهاية الحفل الافتتاحي فيلم «حظر تجول» بطولة إلهام شاهين وأمينة خليل، ومن تأليف وإخراج أمير رمسيس، الذي تدور أحداثه عام 2013 بعد قرار حظر التجوال في مصر. تخرج (فاتن) من السجن بعد قضاء عشرين عاماً بسبب ارتكابها جريمة قتل زوجها، وتجبر على قضاء ليلتها عند ابنتها (ليلى) التي ما تزال غير قادرة على العفو عن والدتها، في مقابل رفض تام من (فاتن) للإفصاح عن سبب الجريمة، مما يضع الابنة في صراع ما بين عقلها الرافض للأم وقلبها الذي يميل إلى مسامحتها.
قد يهمك ايضا
تأجيل المهرجان الدولي للفيلم في مراكش للمرة الثانية بسبب كورونا
انطلاق فعاليات مهرجان الحرية المسرحي بالإسكندرية
أرسل تعليقك