القاهرة - أ.ش.أ
يشهد مهرجان الاسكندرية السينمائي فى دورته الثلاثين ، التي تعقد خلال الفترة من 10 الي 16 سبتمبر القادم ، عدة مفاجأت بعد قيام ادارة المهرجان بوضع خطة جديدة ليخرج للنور فى ثوبه الجديدة احتفالا بمرور 30 عاما على إنشاء المهرجان.
وتأتي في مقدمة هذه المفاجات قرار إدارة المهرجان برئاسة الناقد الأمير أباظة بتكريم المطرب الكبيرمحمد منير " الملك " الذي يمتلك رصيدا سينمائيا بلغ 12 فيلما الإ أن تأثيره في السينما لا يقاس بعدد أفلامه التي قدمها ووقف خلالها بجانب كبار النجوم في السينما ، ينافسهم في الأداء ودرجة تقمص الشخصية التي يؤديها ، وكانت أولي خطواته في عالم السينما علي يد المخرج الراحل يوسف شاهين من خلال فيلم "حدوته مصرية "عام 1982، بعدها توالت أفلامه ، فقدم مع شاهين عام 1986 فيلم "اليوم السادس" ، ثم مع المخرج خيري بشاره فيلم" الطوق والأسورة" ، ومع النجمة فاتن حمامة فيلم "يوم حلو ويوم مر " ، ثم قدم أفلام "شباب علي كف عفريت" و" اشتباه" و " ليه يا هرم" و" البحث عن توت عنخ آمون" و" حكايات الغريب" ، و" المصير" ، وضيف شرف في فيلم "مافيش غير كده" ، وكانت أخر أفلامه مع المخرجة اللبنانية جوسلين صعب في فيلم"دنيا" الذي شاركته بطولته النجمة حنان ترك.
وجاء التكريم الثاني للنجمة نادية الجندي لتاريخها السينمائي الطويل والذي قدمت خلاله أكثر من 55 فيلما وحصدت علي لقب" نجمة الجماهير" الذي ظل يسبق اسم نادية الجندي علي أفيشات وفي تترات أفلامها علي مدي أكثر من 20 عاما ، ولا يختلف اثنان علي أن نادية الجندي تعد حالة خاصة جدا في السينما المصرية والعربية ، ففي عالم السينما العالمية يعتمد شباك التذاكر دائما علي النجوم الرجال ، وساهمت السينما الهوليوودية في صناعة وترسيخ هذه الصيغة ، التي كانت نادرا ما يتم كسرها لصالح ممثلة أو نجمة ، لكن نادية استطاعت باصرارها وبكم هائل من التحدي في داخلها أن تكسر هذه القاعدة وأن تكون نجمة شباك وصاحبة أعلى الإيرادات وتنافس بقوة النجوم الرجال وتتفوق عليهم أحيانا.
والتكريم الثالث في دورة هذا العام من نصيب فيلسوف السينما المصرية المخرج الكبير داوود عبد السيد عن مجمل أعماله ودوره في صناعة السينما المصرية والعربية وصاحب مدرسة متميزة في الاخراج السينمائي يسعي دائما لتقديم أفلام مختلفة ، تحاول الخروج على التقاليد السائدة للسينما المصرية.
داود عبد السيد مخرج مصري بدأ حياته العملية بالعمل كمساعد مخرج في بعض الأفلام ، أهمها "الأرض" ليوسف شاهين ، " لرجل الذي فقد ظله" لكمال الشيخ ، " أوهام الحب" لممدوح شكري. ثم بعد ذلك توقف عبد السيد عن مزاولة هذا العمل.
وقال داود عبد السيد" لم أحب مهنة المساعد كنت تعسا جدا لانها تتطلب تركيزاً أفتقده.. أنا غير قادر على التركيز إلا فيما يهمني جداعدا ذلك ، ليس لدي أي تركيز".
ولهذا السبب قرر عبد السيد أن يحمل الكاميرا وينطلق بها في شوارع القاهرة يرصد الحزن والألم في عيون الناس ، ويصنع أفلاماً تسجيلية اجتماعية عنهم ، حيث قدم العديد من الأفلام التسجيلية ، أهمها "وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم ـ 1976"، "العمل في الحقل ـ 1979" ، " عن الناس والأنبياء والفنانين ـ 1980" ، وهي بالطبع أفلام قد حققت لعبد السيد فرصة للاحتكاك المباشر مع الناس ، ومعرفة أوسع وأعمق بالمجتمع المصري بكافة طبقاته ، إضافة إلى أنها أكسبته الإحساس بنبض الحياة المتدفق.
ويتحدث عبد السيد عن بداية اهتمامه وعلاقته بالسينما، فيقول " لم يكن ضمن طموحي في الطفولة أن أصبح مخرجا سينمائيا ، ربما أردت أن أكون صحفيا ، إلا أن ما غير حياتي هو ابن خالتي وكان يعشق مشاهدة الرسوم المتحركة وتطور معه الأمر لشراء كاميرا ، وعمل بعض المحاولات في المنزل ، وتدريجيا تعددت علاقاته بالعاملين في مجال السينما ، وأذكر ، وكنا آنذاك في السادسة عشر، أن أخذني لأستوديو جلال ، وهو القريب من سكننا بمصر الجديدة ، وكانوا يصورون فيلما من إخراج أحمد ضياء الدين ، الذي كنت أعرفه بحكم زمالتي وإبنه في المدرسة ، ما حدث يومها أني إنبهرت بالسينما بصورة مذهلة ، وهذا الأمر أفشل تماماً في تفسيره حتى الآن ، المؤكد إنه ليس النجوم وليس الإخراج وليس التكنولوجيا ، بل شيء آخر غامض حقا.. قررت بعدها دخول معهد السينما.
أما عن تجربته مع السينما التسجيلية ، فيقول إن الفيلم التسجيلي يتيح لك حرية التجريب بدون خوف من الخسارة المادية مثلا..أقصد بالتجريب هو أن تعبر عن المضمون الذي لديك بصورة متحررة.. وحين تعبر فقد صار في إمكانك التجريب ، ولو نجح التجريب فستكسب الثقة فيه وتجد القدرة على المزيد.
وعلى مدى خمسة عشر عاما..ظل عبد السيد يصنع بأفلامه حوارا من طرف واحد.. مفرداته الصورة لا الكلمة ، يصنع الحوار الصامت بالكاميرا ، لكن عبد السيد لم يستطع الاستمرار في هذا الصمت.. شعر بضياع جهده ، حيث لا يصل إلى جمهوره الحقيقي. فكان قراره بأن يكتب ويخرج فيلماً روائيا ليخرج من دائرة الأفلام التسجيلية المغلقة ، ويلتقي بالطرف الآخر الجمهور.
ويواصل المخرج داود عبد السيد حديثه "عشت أحلم بهذه اللحظة ، وللأسف رحلتي مع الأفلام التسجيلية لم تحقق أي شيء ، لأنه لا يوجد من يهتم بها ، وطالما نادينا بعرضها في دور السينما قبل الفيلم الروائي ، من هنا وجدت أنه لا يمكن الوصول لعقل المشاهد إلا من خلال الفيلم الروائي الطويل ".
ولا ننسى الإشارة إلى أن جانبا من أسباب تأخر تجربة عبد السيد في مجال الفيلم الروائي ، تعود إلى أنه قد رفض الاستمرار بالعمل كمساعد مخرج ، وكان دخوله المجال الروائي من ميدان خارجي ، ومظلوم إعلاميا هو مجال الفيلم التسجيلي الذي هيئه حقيقة لخوض المجال الآخر.
وأوضح عبد السيد " تخلصت من بعض الخوف من الكاميرا ، وشعرت أنني قادر على تجسيد فكرة في شكل سينمائي.. هذا أعطاني ثقة في أني قادر على تجسيد فكرة ، لا تكون مجرد ورق.. والجزء الأساسي في التعليم هو من كتابة السيناريو. فلا أرى أن هناك إخراجا وهناك كتابة سيناريو.. عندما تتعلم كتابة سيناريو تتعلم الإخراج.. والأساسي الذي تتعلمه كيفية أن توصل فكرة ".
وخلال هذه الرحلة مع الفيلم التسجيلي لم ينسى حلمه ، وهو إخراج فيلم روائي ، لهذا كان يكتب القصص والسيناريوهات ، حيث بدأ في كتابة أول سيناريو له بعد بضعة أشهر فقط من تخرجه من معهد السينما ، البدايات كانت محاولات غير ناضجة ، حتى كتب سيناريوهات " كفاح رجال الأعمال ، الوباء، الصعاليك ، بيت الست حياة).
ويقول عبد السيد " إن المحاولات الأولى لم تكن ناضجة بما يكفي ، لكي تقنعني بمحاولة إخراجها للنور.. ولكن بمجرد انتهائي من أول أعمالي الناضجة " كفاح رجال الأعمال " ، لم أتردد لحظة واحدة وبالفعل تعاقدت على إخراج هذا العمل سنة 1980.. ولكن للأسف ولأسباب تخص المنتج ، لم أتمكن من تنفيذ الفكرة.
أرسل تعليقك