دمشق - العرب اليوم
يبدو ان مسلسل الندم استطاع ان ينال حصة الاسد من حيث عدد المتابعين والمهتمين في الشارع السوري فالعمل الذي كتب نصه حسن سامي يوسف واخرجه الليث حجو اصبح حديث الناس واعتبر كثيرون انه عاد بالدراما السورية الى عصرها الذهبي , ويروي العمل عبر لسان كاتب سيناريو شاب (عروة) قصة عائلة دمشقية مرموقة تمتد احداثها من عام 2003 وحتى 2016 مؤلفة من الاب التاجر الغني الاصيل وزوجته واربعة ابناء يمثل كل واحد منهم شخصية مختلفة تجسد طباع الانسان بين الجشع والتمرد والحكمة والصبر راصدا بذلك التحوﻻت التي جرت في المجتمع مقدما مقوﻻت عميقة في الحب والحياة والاسرة والمال مستعرضا عبر توثيق زمني تداعيات الحرب على السوريين ومنعكساتها.
وتشكل حياة عروة الشاب الوسيم والابن الاصغر للعائلة خريج كلية الحقوق بجامعة دمشق وكاتب السيناريو المحور الرئيسي للعمل حيث تتداخل تفاصيل حياته مع حياة اخوته لتجسد اشكال مختلفة من الحب والكره والتنافس على الثروة كما يشكل دخول عدة نساء الى حياته وعلاقاته بهن التي تنتهي غالبا بشكل مأساوي بسبب الحرب وما قبل الحرب دفعا قويا للأحداث.
ومن اللافت ان المؤلف استطاع القبض بيده على الشخصيات وتحريكها بذكاء وسط حالة ابداعية صنعتها كاميرا المخرج حجو الذي جعل القصة تنساب بسلاسة رغم اعتماده طريقة التنقل بين زمنين وقد تصدرت تعليقات المتابعين للمسلسل الثناء على حجو بلقطة اخراجية ذكية قدمت رسالة كبرى جعلت من الحاضر في القصة ابيض واسود والماضي ملونا ليعكس بذلك حال السوريين الذي بات ماضيهم ملونا وحاضرهم اسود, وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صور ابطال المسلسل ومقوﻻته ونال سلوم حداد الكثير من المدح على اداءه لدور ابو عبدو الغول وهذا ليس غريبا على ممثل مخضرم لعب مئات الادوار في الدراما السورية .
وبشر الندم بوﻻدة نجوم جدد سينافسون حتما على الصف الاول في الدراما مثل محمود نصر (عروة ) الذي كشف بأدائه الهادئ عن موهبة كبيرة تختبئ وراء هذا الشاب الوسيم ودانا مارديني (هناء) التي تختصر بملامحها الجميلة صورة الشابة السورية التي تجمع متناقضات القوة الحب الحزن خفة الدم والذكاء , ولأن النجاح ﻻ يمكن ان يكون إﻻ متكاملًا فقد تميز المسلسل كذلك بأغنية التتر التي خرجت من بين يدي المبدع السوري اياد الريماوي والتي ﻻ تقل في جماليتها عن القصة والحوار .
وانعكست مهنية حجو في اهتمامه بأدق التفاصيل اثناء التنقل بين زمنين مختلفين حيث راعى دقة التواريخ والاحداث وركز على التفاصيل الصغيرة ليؤكد احترامه لعقل المشاهد , واجمعت التعليقات على مسلسل الندم انه استطاع ان يعيد للدراما السورية صورتها المحترمة بعيدا عن مشاهد الخيانة والابهار التي اصبحت للأسف سمة اساسية للكثير من المسلسلات السورية معتبرين ان النجاح يعتمد على القصة والاخراج والاداء وليس على الاثارة وهذا ما اكده نجاح مسلسل الندم , ويبقى المشاهدون على موعد يومي مع تطور الاحداث في عائلة ابو عبدو الغول ليروا في الشخصيات انعكاسا لصورة حياتهم عبر هذه السنوات دون تجميل او تشويه .
أرسل تعليقك