أكد القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الوزير المفوض منذر منذر أن بعض الحكومات تتخذ موضوع حماية المدنيين ذريعة للتدخل في شؤون الدول الأخرى مشددا على أن سورية ستواصل ممارسة واجبها وحقها الدستورى في حماية مواطنيها من المجموعات الإرهابية.
وقال منذر خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي أمس حول حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.. اطلع وفد سورية على المذكرة المفاهيمية الخاصة بهذه الجلسة وعلى تقرير الأمين العام المعنون “حماية المدنيين في النزاعات المسلحة” ويشير إلى وجود ملاحظات وتحفظات على بعض المعلومات والتقييمات الواردة في هذا التقرير والتي سيتم نقلها إلى الأمانة العامة برسالة رسمية.
وأوضح منذر أن سورية تؤمن بأن “حماية المدنيين” كانت وستبقى أول وأسمى المقاصد التي أخذت حكومات العالم على عاتقها تحقيقها من خلال إنقاذ البشرية جمعاء ودون استثناء أو تمييز من ويلات النزاعات والحروب وصون الحقوق الأساسية للإنسان وكرامته لافتا إلى أن سياسات وممارسات بعض الحكومات لا تزال تثبت أن التعامل مع هذه المسألة النبيلة لا يزال يتسم بالانتقائية وتبني المعايير المزدوجة واستغلال موضوع “حماية المدنيين” بأسلوب أناني رخيص لخدمة الأهداف السياسية لهذه الحكومات وكذريعة للتدخل في شؤون الدول الأخرى.
وشدد منذر على أن مبدأ “حماية المدنيين” لا يمكن أن يستقيم إلا في ظل الالتزام الكامل بمبادئ الميثاق وأحكام القانون الدولي وفي مقدمتها احترام السيادة والمساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مشيرا إلى أن حماية المدنيين كانت وستبقى مسؤولية تقع في الأساس على عاتق الدولة المعنية وعلى حكومتها ومؤسساتها باعتبارها السلطة الوحيدة المخولة بحفظ الأمن والاستقرار على أراضيها ومن هذا المنطلق ستستمر سورية بالتعاون مع حلفائها وأصدقائها في ممارسة واجبها وحقها الدستوري في حماية مواطنيها من المجموعات الإرهابية المسلحة التي ضمت في صفوفها عشرات الآلاف من الإرهابيين الأجانب الذين تدفقوا إليها من أكثر من مئة دولة وهذه معلومات موثقة في تقارير لجان وفرق أممية مختصة بمكافحة الإرهاب.
وتابع منذر نحن نذكركم وسنبقى نذكركم بهذه الحقائق التي تؤكد أن ما تشهده سورية هو حرب إرهابية قذرة تورطت حكومات وأجهزة استخبارات في إشعالها عبر خلق المجموعات الإرهابية المسلحة وتدريب عناصرها وتمويلها وتسليحها وتسهيل تدفق الإرهابيين الأجانب إلى سورية.
وبين منذر أن أسوأ أنواع الخداع هو ذلك الذي ينصب على التعتيم على الحقيقة لكن الواقع يزداد سوءا حين يصل الأمر إلى أن تشوب التقارير الأممية سمة التسييس والقصور والاعتماد على مصادر مفتوحة تكون مرتبطة بالمجموعات الإرهابية المسلحة أو مدعومة وممولة من حكومات دول متورطة بدعم الإرهاب وأخص هنا بالذكر جماعة ما تسمى “الخوذ البيضاء” التي تنشط في مناطق سيطرة تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي المصنف من قبل مجلس الأمن ككيان إرهابي.
وأشار منذر إلى أن المنظمات والفرق الأممية العاملة على الأرض في المجال الإنساني في سورية وثقت قيام المجموعات الإرهابية المسلحة بتحويل المرافق الطبية والمدارس في كل منطقة سيطرت عليها في سورية إلى مقار لشن هجمات بالصواريخ وقذائف الهاون بعد أن نهبت ودمرت المستشفيات بكل ما تحتويه من أجهزة طبية متقدمة كما شاهدت الفرق الأممية بأم العين المستودعات التي كانت تسيطر عليها المجموعات الإرهابية المسلحة في حلب والغوطة الشرقية وحمص وغيرها من المناطق والتي كانت مليئة بآلاف الأطنان من مساعدات الأغذية والمواد والمعدات الطبية التي كانت هذه الجماعات تحتكرها لعناصرها وعائلاتهم وتمنعها عن المدنيين الذين كانت تستخدمهم دروعا بشرية أو تبيعها لهم بأسعار لا طاقة لهم بها لافتا إلى أن المؤسف والخطير في الأمر هو أن مثل هذه التقارير الموثقة أمميا على الأرض كانت ولا تزال تضل طريقها ولا تصل إلى الأمانة العامة.
وأوضح منذر أن هناك دولا دائمة العضوية في مجلس الأمن تستخدم موضوع هذه الجلسة في ممارسة النفاق السياسي وكذريعة للتدخل في شؤون الدول الأخرى مبينا أن بعثة الأمم المتحدة لتقييم الأوضاع في مدينة الرقة وثقت في تقرير لها مؤخرا تدمير ما يسمى “التحالف الدولي” غير الشرعي للمدينة بشكل شبه كامل بما يشمل المرافق الطبية والمدارس والبنى التحتية.
وشدد منذر على أن هناك أزمة أخلاقية وقانونية يعاني منها العمل الدولي الجماعي في إطار الأمم المتحدة فبعض الحكومات لا تجد غضاضة في الدفاع المستميت عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والجولان السوري وأجزاء من الأراضي اللبنانية ولا في تبرير الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان ولا تجد غضاضة في حماية “إسرائيل” من المساءلة عن قتل المدنيين العزل بدم بارد مشيرا إلى أن دماء أكثر من ستين فلسطينيا بريئا وجراح ثلاثة آلاف منهم ما زالت شاهدا على أن مجلس الأمن عجز عن “حماية المدنيين” بسبب موقف الولايات المتحدة الذي أعاق المجلس عن ممارسة مهامه في صون السلم والأمن الدوليين.
وأوضح منذر أن عقد مجلس الأمن جلسات النقاش المفتوحة مهم وفاعل إذا كانت الغاية هي البحث الجدي في تعزيز ضمانات “حماية المدنيين” أما أن تصبح هذه الجلسات وسيلة وغاية بحد ذاتها لممارسة الاستقطاب السياسي وتعميق الخلافات فإن ذلك يدعونا للقول ..إن الميثاق واضح والقانون الدولي جلي ومن يريد حماية المدنيين فعليه أن يبدأ بمعالجة الأسباب الجذرية لجميع أشكال معاناتهم والمتمثلة بالاحتلال الأجنبي والتهديد باستخدام القوة العسكرية أو استخدامها ودعم الإرهاب وتمويله والتدخل في شؤون الدول بقصد زعزعة الأمن والاستقرار فيها.
وأشار منذر إلى أن الآباء المؤسسين قد عهدوا لحكومات الدول الأعضاء بمهمة مقدسة هي منع نشوب النزاعات المسلحة ومنع الحروب والعدوان أما واقع الحال فهو أن دول النفوذ السياسي والعسكري والاقتصادي وأدواتها في هذا العالم تدعم الإرهاب وتموله وتتسبب بإشعال الحرائق وبؤر التوتر والنزاع في أنحاء العالم ثم تأتي لتلعب دور رجل الإطفاء أو رجل الشرطة الفاسد.
وختم منذر بيانه بالقول.. ردا على ما ورد من كذب وهرطقات في بياني كل من ممثلي النظامين السعودي والإماراتي فإننا نؤكد على أن من يرتكب الجرائم اليوم بحق الشعب اليمني هو أول من يجب أن يحاسب على انتهاك القانون الدولي الإنساني وعليه أن لا يعتقد بأن أموال النفط والغاز ستحميه إلى الأبد من المساءلة وهنا نذكرهما بأن الشعب السوري لن ينسى أن معظم المال الذي مول الإرهابيين في سورية قد أتى إما بشكل مباشر أو عبر “عمليات التبرع والجمعيات الخيرية المشبوهة” التي كانت تعمل تحت ستار الدعوة الدينية والعمل الخيري الإنساني وأقول لهذين النظامين أنتما طرف غير مؤهل أخلاقيا ولا قانونيا للحديث عن حماية المدنيين فدماء السوريين واليمنيين تتحملون المسؤولية التاريخية عنها.
أرسل تعليقك