استدعى مقتل أكثر من 20 شخصًا من دروز إدلب في شمال سورية، على يد عناصر من "جبهة النصرة" أول من أمس في قرية قلب لوزة في جبل السماق، ردود فعل سياسية وروحية في لبنان، خصوصًا من الأوساط الدرزية، ويعقد المجلس المذهبي الدرزي اجتماعاً طارئًا الجمعة دعا إليه شيخ عقل الطائفة نعيم حسن.
واتّصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري في كل من الشيخ حسن، ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، ورئيس الحزب "الديموقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان، ورئيس حزب "التوحيد العربي" وئام وهاب، والأمين العام لـ"حركة النضال اللبناني العربي" فيصل الداود، مدينًا "المجزرة المتطرفة ضد أبناء البلدة".
واعتبر رئيس الحكومة تمام سلام أن "الجريمة الوحشية اعتداء صارخ على مكون أساسي من مكونات الشعب السوري الشقيق، وتظهر مرة أخرى وحشية القوى الظلامية التي تنتهك كل الحرمات ولا تقيم أي وزن للاعتبارات الإنسانية".
ورأى أن "اعتداءات بشعة من هذا النوع على المدنيين الآمنين، لا يمكن وضعها إلا في سياق السعي الحثيث الذي درجت عليه القوى المتطرفة لإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد واستهداف وحدة سورية وتماسكها الوطني"، داعيًا الجميع الى "العمل الجاد لإيجاد حل سياسي للأزمة يتوافق عليه السوريون ويصون النسيج الاجتماعي بكل مكوناته".
ودان "لقاء الجمهورية" الذي اجتمع للمرة الثالثة برئاسة الرئيس ميشال سليمان المجزرة.
وتلقى جنبلاط اتصالًا من زعيم "تيار المستقبل" الرئيس سعد الحريري ناقش معه الاحداث في سورية، وذكر بيان صادر عن مكتب اعلام الحزب "التقدمي الاشتراكي" أن الجانبين أكدا "أهمية متابعة التواصل والتنسيق في هذه المرحلة الحرجة التي تشهد منعطفات كبيرة في المنطقة ما يحتم بذل أقصى الجهود لحماية الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان التي تبقى فوق كل الاعتبارات".
الحريري يصفها بـ"انحدار للثورة"
واعتبر الحريري في بيان أن "أسوأ ما يمكن أن تنحدر إليه الثورة السورية، التطوع في مهام قتالية لا وظيفة لها سوى تقديم الخدمات المجانية لنظام الأسد، وأحداث قلب لوزة نموذج خطير عن السلوك المشين الذي يسيء إلى الشعب السوري وثورته وانتصاراته".
وأكد "تضامننا مع أهالي الضحايا، وأهلنا وإخواننا أبناء الطائفة الدرزية في لبنان وسورية"، داعيًا إلى "الاقتداء بالموقف الوطني النبيل لزعيم الحزب التقدمي وليد جنبلاط".
وكتب جنبلاط في وقت سابق عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر أن "غدًا (اليوم) في الاجتماع الطارئ للمجلس المذهبي سيجري النقاش حول أحداث إدلب"، لافتًا إلى أن "كل كلام آخر تحريضي لن ينفع. تذكروا أن سياسة بشار الأسد أوصلت سورية إلى هذه الفوضى"، وحذر جنبلاط "من التحريض الإسرائيلي حول العرب الدروز في سورية"، أصرّ على موقفه "من أهمية المصالحة مع أهل درعا والجوار، من أجل سورية عربية موحدة حرة".
والتقى جنبلاط مساء أول من أمس السفير السعودي لدى لبنان، علي بن عواض عسيري في حضور وزير الصحة وائل أبو فاعور وعرض معه التطورات السياسية.
جعجع يدعو المعارضة لتوضيح ما جرى
ووصف رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ما جرى بـ"المجزرة"، مضيفًا "نحن أصلًا ضد نظام بشار الأسد لأنه يقوم بمثل هذه الأعمال وأيضًا ضد كل من يقوم بأعمال مماثلة، ولن نؤيد الأسد اذا ما وجد أحد يقوم بهذه الأعمال المتطرفة".
وطالب "قيادات المعارضة السورية سواء السياسية أم العسكرية منها بضرورة رفع الصوت لتوضيح ما جرى فعليًا لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق مرتكبي هذه المجزرة كي لا نشهد مثل هذه المأساة في أي مكان آخر"، ودعا "دول المنطقة وغير المنطقة التي تدعم المعارضة السورية الى التدخُل بقوة لوضع حدٍّ لبعض المجموعات التي ترتكب أعمال كهذا، اذ انه لم يُبذل كل هذا المجهود للتخلُص من إجرام معيّن لنعيش هذا الإجرام مجددًا ولو بيدٍ أخرى".
والتقى جعجع منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد، الذي رأى "أن هناك أزمةً موصوفة يعيشها حزب الله على الجبهات وانهيارًا لحليفه بشار الأسد الذي ربط صورته بصورته، وبات همّ حزب الله الوحيد إنقاذه بينما همّ 14 آذار انقاذ لبنان والحفاظ على الوحدة الداخلية وألا تدفع الطوائف اللبنانية أثمانًا نتيجة ارتكابات بعض الأحزاب أو حماقات قامت بها زعاماتها".
وأكد الحزب "التقدمي" في بيان إدانته "لما جرى وسعيه الى معالجة هذا الحادث مع المعارضة السورية اذ أثمرت الاتصالات التي قام بها جنبلاط مع فصائل المعارضة ومع قوى إقليمية فاعلة ومؤثرة سعيًا مشتركًا لضمان سلامة أبناء تلك القرى الذين وقفوا إلى جانب الثورة منذ انطلاقتها".
وأوضح أن "إشكالًا وقع بين عدد من الأهالي في قلب لوزة في جبل السماق وعناصر من "جبهة النصرة" حاولوا دخول منزل أحد العناصر الذي يعتبرونه مواليًا للنظام السوري، وتطور الإشكال إلى إطلاق نار أوقع عددًا من القتلى"، مؤكدًا أنه "تم تطويق هذا الإشكال ووضع حد له في إطار من التواصل والتعاون مع كل الأطراف الفاعلة والمعنية".
موقف لجنبلاط الجمعة
وعقدت قيادة الحزب اجتماعًا برئاسة جنبلاط على أن يعلن موقفًا بعد مشاركته الجمعة في الاجتماع الطارئ للمجلس المذهبي.
ودان الشيخ حسن "بشدة الاعتداء"، مؤكدًا "ضرورة التحلي بالوعي والمسؤولية لتلافي وقوع مثل حوادث كهذه"، داعيًا إلى "مواكبة الاتصالات التي جرت وتجري على مختلف المستويات لإنهاء ذيول هذا الحادث المؤسف والأليم الذي يأتي في إطار ما يعيشه كل الشعب السوري بمختلف توجهاته من مأساة، وعدم الانجرار خلف أصوات محرضة من شأنها أخذ الأمور إلى ما لا يريده السوريون".
وطالب "جميع الأفرقاء والفصائل في منطقة ادلب، كما في كل سورية، بعدم الانزلاق الى أتون الفتنة المميتة والثبات على وحدة قضية الشعب السوري في نضاله للحصول على حقوقه"، طالبًا من الموحدين الدروز "التنبه في هذه المرحلة الخطيرة لكل المخططات الرامية إلى سلخهم عن واقعهم وتاريخهم وانتمائهم".
واعتبر وهاب أن "سقوط السويداء يعني سقوطنا جميعًا وهذا أمر لن نقبل به وما يحمينا هو حمل السلاح، وكلنا سنحمل السلاح هنا وغير هنا، وكل من يخص "جبهة النصرة" أو يتعامل معها على الأراضي اللبنانية غير مرغوب به وليغادر هذه الأراضي لأن ردود الفعل لا يمكن أن تضبط".
وتابع "أقول لبشار الأسد إننا بحاجة إلى السلاح في السويداء وأي تأخير تتحمل مسؤوليته الدولة السورية"، داعيًا "الجميع الى التطوع من لبنان وغير لبنان لحمل السلاح شرط أن يكون هذا التسلّح منظمًا"، حيث اعتبر أن "محور المقاومة يحمينا"، محملًا "تركيا وقطر مسؤولية المجزرة".
وعقد عدد من مشايخ البياضة، اجتماعًا في منزل الشيخ فــندي جمال الدين شجاع، واعتبروا في بيان أن "ما حصل عدوان صارخ مستنكر وهذا ما يزيدنا تشبثًا وتجذرًا بأرضنا، وتمسكًا بالوحدة الوطنية والإسلامية"، مؤكدين أن "إثارة النزعات المذهبية والطائفية ودعوات التفرقة، لا تخدم إلا العدو الإسرائيلي المتربص شرًا في سورية، وتمزيق النسيج الاجتماعي لسورية وإثارة الضغائن والأحقاد، خدمة مجانية لدعاة تقسيم المنطقة
أرسل تعليقك