دخل اقتصاد الولايات المتحدة في فبراير/شباط 2020 في ركود منهيا أطول نمو متواصل له في التاريخ (128 شهرا) بسبب جائحة فيروس كورونا، وفقا لتقرير المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية الذي عدل تعريفه للانكماش نتيجة شدّة الصدمة التي سببها فيروس كورونا المستجد.
وانطلق قطار أطول نمو اقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية منذ يونيو/حزيران 2009، قبل أن يتوقف في فبراير/شباط 2020.
وقال المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في بيان، إن باحثيه "توصلوا إلى أن الحجم الذي لم يسبق له مثيل للانخفاض في التوظيف والإنتاج ونطاق انتشاره في الاقتصاد بكامله يبرر توصيف هذه الحلقة بأنها ركود، حتى إذا اتضح أنها أقصر من انكماشات سابقة."
وهبط الناتج المحلي الأمريكي 4.8% على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام. ومن المتوقع أن تظهر بيانات الربع الثاني انخفاضا أسوأ على أساس سنوي ربما يبلغ 20% أو أكثر.
وارتفع معدل البطالة من مستوى قياسي منخفض بلغ 3.5% في فبراير/شباط 2020 ليسجل 14.7% في أبريل/نيسان و13.3% الشهر الماضي.
لكن النمو قد يتعافى بعد مايو/أيار وربما يجعل التراجع الحالي ليس فقط بين الأكثر حدة بل أيضا بين الأقصر أجلا منذ الاحتفاظ بسجلات.
ومنذ الحرب العالمية الثانية استمر انكماشان للاقتصاد الأمريكي من 6 أشهر إلى 18 شهرا، وهي فترة لا تقارن بالانكماش الذي استمر 43 شهرا أثناء الكساد الكبير الذي بدأ في عام 1929.
وسيجتمع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) هذا الأسبوع، وسيصدر مسؤولون توقعات اقتصادية جديدة تظهر مدى السرعة التي يتوقعونها لتعافي الاقتصاد.
وأودى وباء كوفيد-19 الذي ضرب الولايات المتحدة بداية العام بنحو 110 آلاف شخص، وفق الأرقام الرسمية، وتسبب باضرار كبيرة طاولت أول اقتصاد عالمي.
واتخذت السلطات المحلية في أنحاء البلاد تدابير حجر صارمة أدت إلى توقف قطاعات اقتصادية كاملة على غرار السياحة والمطاعم وجزء من الإنتاج الصناعي.
نتيجة ذلك، سجّل مئات آلاف الأمريكيين لأول مرة في سجلات البطالة منذ مارس/آذار الماضي، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي نحو 5% خلال الربع الأول من العام.
ويتوقع خبراء اقتصاديون أن يبلغ تراجع الناتج المحلي الاجمالي 20% خلال الربع الثاني.
مع ذلك، أظهر الاقتصاد الأمريكي بعض إشارات التعافي عقب الاستئناف الجزئي للنشاط في بعض الولايات، وضخّ مساعدات للشركات والأفراد تناهز قيمتها 3 آلاف مليار دولار، إضافة إلى ضخّ آلاف المليارات الأخرى على شكل قروض عبر الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي).
وتعافت سوق الوظائف بشكل كبير في النصف الأول من مايو/أيار 2020 إذ استأنفت الشركات نشاطها بعد إغلاق في منتصف مارس/آذار لإبطاء انتشار (كوفيد-19).
كما تشهد ثقة المستهلكين وقطاعا التصنيع والخدمات استقرارا على الرغم من أنهما عند مستوى منخفض، وهي مؤشرات على أن الأسوأ قد انتهى.
ويوم الجمعة الماضي، قالت وزارة العمل الأمريكية إن معدل البطالة في الولايات المتحدة انخفض على غير المتوقع في مايو/أيار الماضي.
وكشف التقرير عن أحدث مؤشرات على أن التراجع الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد-19 بلغ القاع.
بيانات البطالة
وأظهر تقرير الوظائف الشهري لوزارة العمل الذي يحظى بمتابعة وثيقة أن معدل البطالة تراجع إلى 13.3% الشهر الماضي من 14.7% في أبريل/نيسان.
وارتفعت الوظائف في القطاعات غير الزراعية بالولايات المتحدة 2.509 مليون وظيفة بعد تراجع قياسي قدره 20.687 مليون في أبريل/نيسان الماضي.
كان خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم توقعوا أن يقفز معدل البطالة إلى 19.8% في مايو/أيار الماضي، من 14.7% في أبريل/نيسان.
وكان من المتوقع أن ينخفض عدد الوظائف في القطاعات غير الزراعية في مايو/أيار بمقدار 8 ملايين وظيفة.
تعافي حقيقي
وأشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتراجع الذي سجله معدل البطالة، قائلا إن الاقتصاد يقلع مثل "مركبة صاروخية"، متعهدا بإنجاز تعاف سريع من التباطؤ جراء فيروس كورونا.
وقال ترامب يوم الجمعة الماضي، إن "اليوم ربما يمثل العودة الأكبر في التاريخ الأمريكي، ولن يتوقف هنا، بل سيستمر.. لا أحد يتوقع ذلك".
وأضاف ترامب أن التعافي الحقيقي سوف ينطلق خلال عام 2021، مشددا على أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على التعامل مع الجائحة مستقبلا.
ولا يزال معدل البطالة فوق مستوى 13%، على الرغم من تراجعه في مايو/أيار.
ومارس ترامب مرارا ضغوطا لتخفيف قيود الإغلاق بشكل أكبر، وإعادة فتح الاقتصاد في كل أنحاء الولايات. وقال إننا "نقوم بفتح (الاقتصاد) بقوة شديدة".
وذكر أن تعافي الاقتصاد الأمريكي له تأثير إيجابي على النمو العالمي. وقال إننا "قوة إيجابية. نحن مفتاح العالم بطريقة ما".
وقال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس إن تقرير الوظائف علامة على أن الاقتصاد الأمريكي يبدأ التعافي من الضرر العميق الناجم عن تفشي فيروس كورونا المستجد، لكنه قال إن الرئيس دونالد ترامب لا يزال يفضل خفض ضريبة كسب العمل.
وقال بنس في مقابلة مع سي.إن.بي.سي "سنفعل ما يلزم فعله لإعادة هذا الاقتصاد بشكل كامل".
أرسل تعليقك