شهدت مصر جدلا كبيرا بعد الإعلان في القاهرة عن موافقة شركة "إيني" الإيطالية على بيع 30 % من أسهمها في حقل "ظهر" البحري، إلى شركة "روس نفط" الروسية.
وبلغت قيمة الصفقة 1.125 مليار دولار، وهو ما سيترتب عليه تخفيض حصة شركة النفط والغاز الإيطالية في حقل الغاز الطبيعي "ظهر" بالبحر المتوسط إلى 60%.
ويعود سبب الجدل إلى ملكية قطر نحو 19.5% من أسهم "روس نفط" الروسية، وهو ما يواجه معارضة من بعض الأوساط المصرية نظرا إلى الدور القطري في دعم الجماعات المناوئة للحكم في مصر، سيما جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة، والتي تحملها الحكومة المصرية المسؤولية عن أعمال العنف التي تشهدها البلاد.
وفي هذا الإطار، أبدى متعاملون في سوق النفط والغاز قلقهم من هذا الاتفاق الذي سيمكن القطريين من السيطرة علي حصة كبيرة من إنتاج الحقل؛ مطالبين الحكومة بمراجعة الاتفاقية بعناية، حتى لا تحدث مفاجأة غير سارة، ونجد القطريين فجأة يبيعون الغاز المصري ويشترونه، عبر حصتهم البالغة 19.5% من "روس نفط"، ومن دون أي استفادة اقتصادية لمصر.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر حكومية مصرية عن لقاء عاجل، تم ترتيبه بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير النفط المصري طارق الملا، مساء الاثنين 12/12/2016. وتوقعت المصادر أن يكون اللقاء قد تناول تفاصيل هذه التطورات.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط المصرية حمدي عبدالعزيز أن الاتفاق المبرم بين الشركتين الإيطالية والروسية لا يضر بمكاسب مصر، مضيفا أن الشركة الإيطالية تبيع من حصتها، وليس من حصة مصر؛ نافيا في هذا السياق ما تردد عن وجود مساع قطرية للسيطرة على الغاز المصري في الحقل البحري.
وأصدرت شركة "إيني" بيانا، قالت فيه "إن شركة "روس نفط" الروسية ستسدد لها قيمة مساوية لاستثمارات نفذتها المجموعة الإيطالية، يبلغ مجموعها نحو 450 مليون دولار في الوقت الحاضر.
في المقابل، رأت مصادر مسؤولة بوزارة النفط المصرية أن موافقة "إيني" على بيع 30% من أسهمها في منطقة الامتياز بحقل "ظهر" هو إجراء طبيعي وعادي جدا، ويحدث في كل بلدان العالم.
وأوضحت المصادر أنه سبق للشركة الإيطالية أن قامت ببيع 10% لشركة "بي بي" العالمية في الحقل نفسه، وأن الاتفاقيات الدولية، وخاصة المصرية، التي توقعها الهيئة العامة للبترول مع الشركاء الأجانب تنص على ألا يتم البيع إلا بعد موافقة السلطات المصرية على الشريك الثالث، الذي سيدخل في منطقة الامتياز، وأن شركة "روس نفط" الروسية هي من أكبر الشركات على مستوى العالم، وأن دخولها السوق المصرية يعد ثقة منها في الاقتصاد المصري والقيادة المصرية ومناخ الاستثمار في البلاد.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن رئيس شركة "إيني" كان قد أشار في وقت سابق إلى رغبة الشركة في بيع نحو 50 في المئة من أسهمها في حقل "ظهر"، لأن هذا الحقل يعد من أكبر حقول النفط في العالم، وأن استثماراته مكلفة للغاية، ولا بد لها من استثمارات كبيرة وحاضرة في ذات الوقت حتى لا تتعطل عمليات الانتاج لاستخراج الغاز.
ويأتي هذا التطور في التعاون المصري-الروسي في المجال النفطي، وسط ترحيب مصري على أعلى مستوى، حيث استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المدير التنفيذي للشركة الروسية إيغور سيتشين، وأكد حرص مصر على التعاون مع الشركات الروسية في مختلف المجالات، بما في ذلك قطاع البترول والغاز، والذي يعد قطاعا واعدا ومتميزا. وذلك في ضوء ما تتمتع به الشركات الروسية من خبرة واسعة وإمكانات كبيرة.
ورحب السيسي بالخطوات التي اتخذتها شركة "روس نفط" للعمل في مصر، وتوسيع أنشطتها بها. فيما أكد المسؤول الروسي أهمية الأنشطة التي تقوم بها الشركة في مجال البترول، باعتبارها إحدى كبريات الشركات العالمية في هذا المجال، بالإضافة إلى الشراكة والتعاون القائم بينها وبين بعض الشركات العاملة في السوق المصرية، ومن بينها الراغبة في الدخول والاستثمار في التحالف الخاص باستخراج الغاز من حقل "ظهر" في البحر المتوسط.
وأكد المدير التنفيذي لشركة "روس نفط" الروسية أن خططها للعمل في السوق المصرية تأتي في ضوء ما تمثله مصر من سوق واعدة في مجال البترول والغاز، كما أنها تعكس قوة ومتانة العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين مصر وروسيا.
أرسل تعليقك