قال صندوق النقد الدولى إن تبنى سياسة نقدية أكثر مرونة فى مصر وما صاحبه من الهبوط الحاد للجنيه قفز بالتضخم إلى أكثر من 25%، فضلا عن تطبيق ضريبة القيمة المضافة، مرجحا هبوط التضخم على المدى المتوسط مع انحسار تلك العوامل مدعوما بسياسات مالية ونقدية.
ونجحت السلطات فى نوفمبر الماضى فى إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولى لإتاحة فرض بقيمة 12 مليار دولار لدعم خطة الإصلاح الاقتصادى لمدة 3 سنوات. وللحصول على القرض، تم تطبيق حزمة من الإصلاحات كان أبرزها تعويم الجنيه وتطبيق ضريبة المضافة، وتخفيض دعم الوقود.
ويرجح الصندوق فى تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذى صدر بالإنجليزية وحصل "اليوم السابع" على نسخة منه، أن يتراجع معدل التضخم إلى 16.9% خلال العام المالى المقبل، مقابل ذروة بلغت 30.9 فى مارس الماضى، هى الأعلى منذ 30 عاما.
وأشار إلى أن ارتفاع الدين العام فى بعض الدول المستوردة للنفط فى المنطقة ومنها مصر والأردن ولبنان لا تضعف ثقة المستثمرين فقط بل تزيد من مخاطر الاستقرار المالى فى ضوء تمركز حيازة أغلبية الدين فى القطاع المصرفى.
وأضاف أن عبء سداد خدمة الدين يشكل عبء كبيرا على الدول المستوردة للنفط ومنها لبنان وباكستان ومصر، إذ يلتهم ما يتراوح بين 28 إلى 48% من الإيرادات فى عام 2016، مما يتيح مجالا أضيق للإنفاق على الحماية الاجتماعية والاستثمارات العامة.
ونوه التقرير إلى أن تراجع أسعار النفط ساهم فى زيادة مخصصات الإنفاق على البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية فى مصر والمغرب وباكستان وتونس، إلا أنه من المرجح الإبقاء على هذا الإنفاق حاليا فى ظل التوقعات بارتفاع أسعار النفط عالميا. ولذلك، شدد الصندوق على ضرورة التعجيل باستكمال إصلاحات منظومة الدعم فى كل من (مصر والسودان وتونس).
ونوه الصندوق إلى أن تشديد السياسة النقدية (رفع أسعار الفائدة) سيؤثر على نمو معدلات الإقراض فى مصر خلال 2017، مطالبا السلطات بتعزيز ترتيبات التأمين على الودائع المصرفية لمواجهة البيئة الصعبة التى تواجه البنوك. ويرى الصندوق أن تشديد السياسة النقدية سيشكل تحديا لمصر والأردن ولبنان وباكستان وتونس، والتى ستتبارى فى الحصول على التمويل من الأسواق الدولية.
وبدأت بعثة من صندوق النقد الدولى يوم الأحد زيارة إلى القارة تستمر حتى 11 مايو لمراجعة ما أحرزته مصر من تقدم فى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى يدعمه الصندوق بقرض قيمته 12 مليار دولار لمدة 3 سنوات. وتأمل القاهرة الحصول على 1.2 مليار دولار كشريحة ثانية من قرض صندوق النقد البالغ قيمته الإجمالية 12 مليار دولار بعد إتمام المراجعة. وكانت القاهرة حصلت فى نوفمبر الماضى على دفعة أولى قدرها 2.7 مليار دولار بعد أيام من الموافقة على القرض.
ومن المرتقب أن تركز محادثات فريق الصندوق على مراجعة مؤشرات أداء الاقتصاد الكلى التأكد من تحقق المستهدفات المتفق عيلها، فضلا عن بحث سبل السيطرة على التضخم الذى قفز بأعلى وتيرة منذ أكثر من 30 عاما بسبب تعويم الجنيه والإصلاحات الأخرى.
وكانت كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولى، قالت عقب لقائها الرئيس عبد الفتاح السيسى على هامش زيارته لواشنطن مطلع إبريل الجارى: "ندرك التضحيات والمصاعب التى يتعرض لها الكثير من المواطنين المصريين، خاصة بسبب التضخم المرتفع".
وأكدت لاجارد أن الصندوق يعمل على مساعدة الحكومة والبنك المركزى للسيطرة على التضخم، كما يدعم الخطوات التى تتخذها السلطات المصرية لحماية الفقراء ومحدودى الدخل.
وألمح جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لدى صندوق النقد، فى مؤتمر صحفى خلال اجتماعات الربيع فى واشنطن، إلى ضرورة استخدام كافة أدوات السياسة المالية والنقدية، بما فى ذلك رفع أسعار الفائدة للسيطرة على معدلات التضخم الحالية، فيما يشكك اقتصاديون فى جدوى هذا الإجراء، مبررين أن التضخم الحالى نجم عن ارتفاع تكلفة الإنتاج والاستيراد بعد تعويم العملة وليس نتيجة زيادة فى الطلب والمعروض النقدى.
ويتوقع صندوق النقد الدولى نمو الاقتصاد فى مصر خلال العام المالى الحالى بنسبة 3.5%، على أن يرتفع إلى 4.5% فى العام المالى المقبل 2017/18، مدعوما بالإصلاحات الاقتصادية التى تمضى السلطات قدما فى تنفيذها.
أرسل تعليقك