لا يكاد يخلو العراق من مرض، حتى يجتاح أجواءه، ويثير الهلع في صفوف مواطنيه، في ظل نظام صحي مهترئ، يعاني كثيرا بسبب تهالك بناه التحتية، حيث عاد مرض الحصبة الذي اعتقدت وزارة الصحة منذ عقد ونصف أنها قد إقتربت من القضاء عليه، ليضيف عبئا آخر إلى السلطات الطبية التي تحاول أن تخفف من هواجس القلق لكون الأطفال يحملون العبء الأكبر لهذا المرض الذي غالبا ما تكون نتائجه مميتة.
فبعد الإعلان وزير الصحة صالح الحسناوي عن تطعيم مليونين و400 ألف تلميذ من أصل 7 ملايين، أعلنت وزارة الصحة، عن تسجيل أكثر من 27 ألف إصابة بمرض الحصبة و43 حالة وفاة.
وتعد الحصبة مرض فيروسي شديد العدوى يسببه نوع من الفيروسات قد يؤدي إلى مضاعفات تكون خطيرة في بعض الأحيان، وينتقل المرض من طريق الجهاز التنفسي للشخص المصاب بواسطة الرذاذ المتطاير في أثناء السعال أو العطس أو بالاتصال المباشر مع إفرازات الأنف والحلق.
وقال مدير عام الصحة العامة في وزارة الصحة، رياض عبد الأمير الحلفي، إن “الوزارة سجلت أكثر من 27 ألف إصابة بمرض الحصبة، 96 بالمئة منها من غير الملقحين، و4 بالمئة هم من الملقحين الذين لم يكملوا الجرعتين”، مبيناً أن “عدد الوفيات بلغ 43 حالة وفاة، 42 منهم غير ملقحين، وحالة واحدة فقط كانت امرأة ملقحة ولديها أمراض مزمنة”.
وأشار إلى أن “نسبة موافقة أهالي التلاميذ على إعطاء لقاح الحصبة لأبنائهم متفاوتة، تتراوح بين الـ 60 و70 و90 بالمئة، لذلك لدينا رغبة في أن تسجل المدارس نسباً عالية من الموافقة خلال العشرة أيام من حملة اللقاح”، داعياً الأهالي إلى “الموافقة على تلقيح أبنائهم في المدارس للحفاظ على صحتهم وحياتهم من خطورة مرض الحصبة”.
وأكد الحلفي، أن “مناشئ لقاح الحصبة من شركات عالمية، وهي معتمدة ضمن جدول لقاحات الأطفال في المراكز الصحية”، مبيناً أن “وزارة الصحة قررت إعطاء اللقاحات في المدارس ضمن حملاتها الصحية، لوجود نسبة كبيرة من غير الملقحين، فضلاً عن سرعة انتشار المرض بين طلبة المدارس”.
وأعلن وزير الصحة صالح الحسناوي، الأحد الماضي، انطلاق الحملة الشاملة للقاح الحصبة في رياض الأطفال والمدارس الابتدائية، فيما أكد وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري، أن الحملة تستهدف نحو 7 ملايين تلميذ وتلميذة.
وتظهر مؤشرات مرض الحصبة وأعراضه بعد التعرض للفيروس بفترة تتراوح بين 10 و14 يوماً، وعادة ما تشمل مؤشرات مرض الحصبة وأعراضه، هي الحمى والسعال الجاف وسيلان الأنف والتهاب الحلق والعينين (التهاب الملتحمة)، فضلاً عن ظهور بقع بيضاء صغيرة مع بؤر بيضاء مائلة للزرقة على خلفية حمراء داخل الفم على البطانة الداخلية للخد، وتسمى أيضا بقع “كوبليك”، إضافة إلى طفح جلدي يتكون من بقع كبيرة مسطحة، وكثيراً ما تكون متصلة معاً.
وفي شباط الماضي، سجلت المؤسسات الصحية زيادة في عدد الإصابات بالحصبة عن المعدل الطبيعي منذ العام الماضي، مشددة على أهمية تطعيم الأطفال والالتزام بجدول اللقاحات.
والحصبة مرض فيروسي شديد العدوى ينتقل عبر الهواء، ويصيب الأطفال دون سن الخامسة، ويمكن الوقاية منه بأخذ جرعتين من اللقاح، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فأنه جرى تجنب ما يزيد عن 50 مليون حالة وفاة منذ عام 2000.
وكانت منظمة الصحة العالمية، قد حذرت من أن أكثر من نصف دول العالم سيكون عرضة بشكل كبير لتفشي مرض الحصبة، بحلول نهاية العام الحالي، ما لم يجرِ اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة.
ويخشى المواطنون من الذهاب إلى المستشفيات الحكومية لعدم ثقة المواطن العراقي بالنظام الصحي الحالي، ولكونها أصبحت مصدرا لانتشار الأمراض بدلا من العلاج، الشيء الذي فاقم من انتشار الأمراض بين المواطنين.
وشهد قطاع الصحة في العراق مزيدا من التدهور بعد 2003 لعدم وجود حلول حقيقية من قبل الحكومات المتعاقبة للنهوض بالواقع الصحي في البلاد، ما أوقع المزيد من العراقيين ضحية فشل هذه الحكومات بسبب تردي النظام الصحي.
أرسل تعليقك