فيما تستعدّ منظمة الصحة العالمية لنشر التقرير النهائي الرسمي لبعثة الخبراء التي أوفدتها إلى مدينة ووهان الصينية للتحرّي عن منشأ فيروس «كورونا» المستجدّ، أعلن ليانغ واينان، رئيس الخبراء الصينيين الذين يحققون أيضاً في منشأ الوباء، أنه لا بد من مواصلة التحرّيات والبحث عن إصابات خارج الصين وسابقة لظهور الفيروس في سوق الحيوانات البرّية في ووهان أواسط خريف عام 2019.
وجاءت تصريحات واينان أمام مجموعة من الدبلوماسيين الأجانب في الوقت الذي ترددت فيه أنباء عن تضمين تقرير البعثة استنتاجات محرجة للسلطات الصينية التي عرقلت لأكثر من ستة أشهر سفر الخبراء وقيّدت تحركاتهم ولم تمدّهم بكل البيانات التي طلبوها وفقاً لما صرّح به أحد أعضاء البعثة.
في غضون ذلك، وبينما تتجه أوروبا نحو مزيد من تدابير الإغلاق التام لاحتواء الانتشار المتسارع للفيروس وتحسّباً لفترة الأعياد المقبلة، عاد اللقاح الذي طوّرته جامعة «أكسفورد» وتنتجه شركة «أسترازينيكا» البريطانية السويدية، إلى واجهة المشهد الوبائي بعد أن قررت عدة بلدان أوروبية وقف توزيعه إثر ظهور بعض حالات العوارض الخطرة لمن تناولوه، وإعلان الشركة مجدداً أنها لن تتمكّن من تسليم كميات اللقاحات الموعودة للاتحاد الأوروبي.
ورغم التأكيد الذي صدر عن منظمة الصحة العالمية والوكالة الأوروبية للأدوية نهاية الأسبوع الفائت أنه لا توجد قرائن علميّة تربط ظهور هذه العوارض مباشرةً باللقاح، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر مسؤول أن منظمة الصحة قررت تكليف فريق من الخبراء إجراء مراجعة معمّقة ومقارنة للبيانات التي وصلت إليها في الأيام الأخيرة حول الآثار الجانبية التي رصدتها دراسات عدة لمن تناولوا هذا اللقاح.
وتجدر الإشارة إلى أن بيانات حالات العوارض الخطرة أو الوفيات التي تظهر بعد تناول اللقاح ترسل إلى منظمة الصحة التي تُخضعها لنظام حسابي يفرز واحداً من ثلاثة استنتاجات هي: أن الحالة ناجمة عن تناول اللقاح، أو أنها غير ناجمة عنه، أو أن أسبابها مجهولة.
ويُذكر أن عدة بلدان أوروبية، مثل النرويج والدنمارك وهولندا وآيرلندا وألمانيا وفرنسا والسويد، كانت قد قررت وقف توزيع هذا اللقاح، فيما اكتفت إيطاليا والنمسا وإستونيا ولاتفيا ولوكسمبورغ وليتوانيا بتعليق توزيعه لفترة أسبوعين أو عدم توزيع إحدى الدفعات المشتبه بها. وكانت وزارة الصحة الدنماركية قد أعلنت أن سيّدة في الستين من عمرها لاقت حتفها بعد تناولها الجرعة الأولى من اللقاح وإصابتها بتخثر ونزيف دموي. وأفادت الوكالة الدنماركية للأدوية أنها رصدت عدة حالات ظهرت عليها «عوارض غير مألوفة» مثل تدنّي كمية الصفائح الدموية وتخثر في الأوعية الدموية الصغيرة والكبيرة على السواء.
وفي إيطاليا أفادت الوكالة الوطنية للأدوية، استناداً إلى البيانات المتوفرة حتى نهاية الأسبوع الأول من هذا الشهر، بأن 30 ألفاً من الذين تناولوا أحد اللقاحات الثلاثة المرخّصة حتى الآن قد أبلغوا عن إصابتهم بعوارض تتراوح بين الإنهاك والآلام في المفاصل والعظام، وأن 93% من هذه العوارض تمّت معالجتها خارج المستشفى. كما أفادت الوكالة بأن الحالات الخطرة بلغت 1800، وأن 40 شخصاً لاقوا حتفهم بعد تناولهم اللقاح، لكن من غير أن يحدد الأطباء علاقة مباشرة بين الوفاة وتناول اللقاح في أي من الحالات.
وتجدر الإشارة إلى أن نسبة الإصابات بعوارض خطرة إثر تناول لقاح «أسترازينيكا» تجاوزت بكثير نسبة الإصابات الناجمة عن لقاح «فايزر»، رغم أن عدد الذين تناولوا هذا اللقاح في إيطاليا حتى الآن بلغت 87% من المجموع، فيما لم تتجاوز نسبة الذين تناولوا لقاح «أسترازينيكا» 9%.
وبعد أسابيع من التهدئة بين المفوضية الأوروبية وشركة «أسترازينيكا» شنّ المفوّض الأوروبي للسوق الداخلية تييري بروتون، هجوماً عنيفاً على الشركة واتهمها بالمخادعة وعدم الوفاء بالالتزامات التي قطعتها، في وقت ما زالت الولايات المتحدة تمنع تصدير 40 مليون جرعة من لقاح «أسترازينيكا» أُنتجت في المصانع الأميركية، رغم أن وكالة الأدوية الأميركية لم توافق بعد على استخدام هذا اللقاح.
وأفادت مصادر بأن المفوضية الأوروبية تواجه صعوبة في إقناع الإدارة الأميركية الجديدة بالإفراج عن لقاحات «أسترازينيكا» المصنّعة في الولايات المتحدة والمخصصة للتصدير إلى الاتحاد الأوروبي، كما تخشى أن يؤدي موقف واشنطن إلى تأخير تصدير لقاح «جونسون آند جونسون» الذي وافقت الوكالة الأوروبية للأدوية على استخدامه مؤخراً.
وتشير هذه المصادر إلى أن الاتحاد الأوروبي يقارب هذا الوضع بحذر شديد في ظروف النقص في اللقاحات الذي تعاني منه دول أوروبية، فضلاً عن الاعتبارات السياسية في التعامل مع الإدارة الجديدة وكون معظم المواد الأساسية التي تُستخدم في صناعة اللقاحات المنتجة في أوروبا تأتي من الولايات المتحدة.
أرسل تعليقك