مقديشيو - العرب اليوم
ضجة وقلق في المنظمات الدولية المعنية بحقوق المرأة والطفل نتيجة رفض أعضاء مجلس الشعب الصومالي قانون يحدد سن الزواج واعتبروه مخالفا للشريعة الإسلامية، واصفين هذا الرفض بأنه يشرع للاعتداء الجنسي على الأطفال، حيث يُذكر أنه ليس هناك سن محدد للزواج في القانون الصومالي، وفقا لما أكده تقرير أصدره مركز دراسات أمريكي استنادا إلى معطيات جمعتها وزارة الخارجية الأمريكية، أن أغلبية قوانين الدول العربية تسمح بتزويج القاصرات، وذكر التقرير أن 45 في المئة من المتزوجات في الصومال اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عاما، تزوجن دون سن الـ 18، وثمانية في المئة منهن تزوجن دون الـ 15عاما.
وأظهر التقرير أنه حتى في الدول التي تحدد السن الأدنى لزواج الفتيات في 18 عاما مثل المغرب وتونس وموريتانيا ومصر والأردن، تبقى نسبة زواج القاصرات منتشرة فيها بشكل متفاوت خاصة في المناطق الريفية.
هيئة العلماء
وقال المحلل السياسي الصومالي عبد الناصر معلم، إن قانون منع الإعتداء الجنسي وزواج الأطفال، كان مشروع قانون تقدمت به وزارة شؤون المرأة وحقوق الإنسان الصومالية في عام 2018 إلى مجلس الوزراء الذي صادق عليه وأوصى بعرضه على مجلس النواب لإجازته، وتضمن بنودا وصفها بيان هيئة علماء الدين في الصومال بأنها مخالفة بصورة صريحة لأحكام الفقه الإسلامي.
وأضاف المحلل السياسي، من البنود التي اعترضت عليها هيئة علماء الدين، تحديد سن البلوغ والزواج، حيث أن القانون كان يحدد سن البلوغ بـ 18 عاما، وسن الزواج من الثامنة عشرة فصاعدا، وما دون الثامنة عشرة يعد قاصرا دون السن القانونية غير مؤهل للتعاقد، ويضيف القانون في فقراته المكملة، أن الزواج عن سبق الإصرار بمن هي دون الثامنة عشرة يعد جريمة يستحق صاحبها عقوبة سجن لا تقل عن عشر سنوات ولا تتجاوز الخمس عشرة سنة.
مخالفة الشريعة
وأوضح معلم، أن العلماء يحتجون على أن تلك المادة تعد مخالفة صريحة لأحكام الشريعة التي تنص على أن سن البلوغ وتحمل المسؤولية هي الخامسة عشرة، أو الاحتلام للذكور والإناث أو الدورة الشهرية للإناث في سن التاسعة وأن الزواج ممن دون سن البلوغ لم يرد النهي عنه في أحكام الفقه الإسلامي، ومما استدلوا به على ذلك ما قالوا إنه ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج السيدة عائشة أم المؤمنين قبل التاسعة ودخل بها في التاسعة من عمرها.
وأشار المحلل السياسي إلى أن القانون المطروح على مجلس النواب يحدد الاغتصاب والاعتداء الجنسي ويعرفه القانون المطروح، بالاتصال الجنسي بالمرأة قسرا من غير رضاها، وهنا قال بيان علماء الدين، إن القانون الجديد لم يفرق في تعريف الاغتصاب بين الاتصال بالزوجة الشرعية بدون رضاها والاتصال الجنسي بدون رضى خارج إطار الزواج.
ولفت معلم إلى أن الدستور الصومالي ينص في أولى مواده أن الشريعة الإسلامية هى إحدى مرجعيات سن القوانين بالبلاد التي توصف بأنها مسلمة بنسبة 100%، وكان شبيه بهذا القانون تم فرضه من قبل نظام سياد بري عام ١٩٧٥ وأثار معارضة واسعة التي أدت إلى إصدار أحكام بالإعدام وتنفيذها بحق عشرة من كبار علماء الدين حينها الذين دعوا إلى رفض هذا القانون بوصفه مخالفا للشريعة الإسلامية.
الرد الحكومي
من جانبه قال مدير مركز مقديشو للدراسات عبد الرحمن إبراهيم عبدي لـ"سبوتنيك" إن معالم الرفض والقبول والنقاش حول القانون لم تتضح بعد ولم تعلن الحكومة بشكل رسمي قبول أو رفض القانون.
الأمم المتحدة
أعربت الأمم المتحدة وجهات دولية أخرى عن قلقها من مشروع قرار حول الاعتداء الجنسي طرح السبت الماضي على نواب مجلس الشعب الصومالي الذين رفضوا مناقشته لتنافيه- حسب ما قالوا- مع الشريعة الإسلامية.
وأشار بيان صدر من مكتب بعثة الأمم المتحدة في الصومال إلى أن المنظمة الدولية وأصدقائها في الصومال قلقون من محاولة رئيس مجلس الشعب الصومالي محمد مرسل شيخ عبد الرحمن تمرير مشروع قرار يسمح بزواج الأطفال ويتنافى مع القوانين العالمية.
وورد في البيان "مكتب بعثة الأمم المتحدة في الصومال يدعو مجلس الوزراء الصومالي إلى إعادة مشروع القرار الأصلي المتعلق بالاعتداء الجنسي"، حيث كان الكثير من نواب مجلس الشعب الصومالي عبروا في اجتماع عقده المجلس أمس الأحد عن غضبهم الشديد من طرح مثل ذلك المشروع وطالبوا بسحبه وقد اضطرت رئاسة مجلس الشعب إلى رفع الجلسة بعد الضجة التي أثارها، وتسمح الدول العربية، التي تحدد سن الزواج بـ 18 سنة، للوالدين أو الأوصياء بالموافقة على تزويج القاصرات دون السن الذي يحدده القانون، وقد يكون ذلك أحيانا تحت مبرر "مصلحة" الفتاة.
أرسل تعليقك