واشنطن - العرب اليوم
تختلف أقمار المريخ عن قمر الأرض، حيث إن فوبوس، الأكبر حجما بينها، أقرب بكثير إلى كوكبه، ما يجعله يدور حول المريخ بشكل عمودى مع خط الاستواء للكوكب ثلاث مرات كل يوم مريخى، وهذا يعنى أن كسوف الشمس أكثر تواترا على الكوكب الأحمر من الظاهرة الموجودة على الأرض، ويمر القمر فوبوس أمام الشمس، لكن لا يغطيها بالكامل، ما يخلق كسوفا حلقيا أو جزئيا فى معظم الأوقات المريخية.
ونظرا لأن فوبوس يتحرك بسرعة كبيرة، فإن الكسوف على سطح الكوكب الأحمر لا يدوم سوى 30 ثانية، لكن حتى خلال هذه الفترة القصيرة، تمكن المسبار "إنسايت" (Mars InSight) من تسجيل شىء غريب يحدث على الكوكب، فأثناء كسوف الشمس الناتج عن قمر فوبوس، يميل مقياس الزلازل، الأداة التى تسجل حركات الأرض لمراقبة نشاط الزلزال المحتمل على متن مسبار المريخ، قليلا بشكل متناهى الصغر، باتجاه جانب واحد، وهو ما أدهش العلماء، حسب روسيا اليوم.
وكان العلماء فى معهد الجيوفيزياء التابع للمعهد الفدرالى للتكنولوجيا فى زيورخ، يدرسون بالفعل بيانات من مسبار "إنسايت" لمعرفة ما إذا كانت بعض آثار الكسوف هنا على الأرض تحدث أيضا على المريخ.
وعلى وجه التحديد، أوضح عالم الزلازل سيمون ستالر: "عندما تتعرض الأرض لكسوف شمسى، يمكن للأجهزة الكشف عن انخفاض فى درجة الحرارة وهبوب رياح سريعة، حيث يبرد الغلاف الجوى فى مكان معين ويندفع الهواء بعيدا عن تلك البقعة".
وتم تجهيز "إنسايت" بأجهزة استشعار لدرجة الحرارة والرياح، لكنها لم تسجل أى تغيير فى الغلاف الجوى أثناء عبور فوبوس أمام الشمس، وظلت الاضطرابات الجوية ودرجة حرارة الغلاف الجوى والضغط الجوى متسقة إلى حد كبير مع التربة العادية، أثناء عبور فوبوس، ولم تتغير الرياح كما هو متوقع.
ومع ذلك فقد سجلت الخلايا الشمسية (الخلايا الكهروضوئية وهى جهاز يحول الطاقة الشمسية مباشرة إلى طاقة كهربائية مستغلا التأثير الضوئى الجهدي) عمليات العبور، وفى الواقع، سيكون الأمر مثيرا للفضول إذا لم تفعل الخلايا ذلك، لأن فوبوس يمكنه حجب ما يصل إلى 40% من ضوء الشمس، لذلك كان من المطمئن أن شيئا ما سار وفقا للخطة.
وقال شتالر: "عندما يكون فوبوس أمام الشمس، يصل ضوء الشمس إلى الخلايا الشمسية، وهذا بدوره ينتج كهرباء أقل. ويمكن قياس الانخفاض فى التعرض للضوء الناجم عن ظل فوبوس".
ولاحظ العلماء أن كلا من مقياس المغناطيسية ومقياس الزلازل يتوافقان مع قراءات غريبة، حيث إن مقياس الزلازل يميل قليلا جدا إلى جانب واحد خلال الكسوف الشمسى، ويقول شتالر: "لم نكن نتوقع هذا لمقياس الزلازل، إنها إشارة غير عادية، رغم أن هذا الميل صغير للغاية".
وأوضح: "التفسير الأكثر وضوحا كان جاذبية فوبوس، على غرار ما ينتجه قمر الأرض لتحديد المد والجزر، لكننا سرعان ما استبعدنا ذلك"، مشيرا إلى أنه فى هذه الحالة ستكون إشارة مقياس الزلازل موجودة لفترة أطول من الوقت، ومع كل عبور لفوبوس، ليس فقط أثناء الكسوف.
واستنتج العلماء بعد ذلك أن السبب الأكثر ترجيحا لتفسير الحدث الغريب سيكون انخفاضا طفيفا فى درجة حرارة سطح المريخ خلال عبور فوبوس، حيث يتم الكشف عنه بواسطة مقياس الإشعاع بالأشعة تحت الحمراء على المسبار.
ويقول عالم الزلازل مارتن فان دريل: "خلال الكسوف، يبرد سطح المريخ، ويتشوه بشكل غير متساو، ما يسبب إمالة الجهاز"، ويمكن استخدام هذا البحث، الذى نُشرت نتائجه فى مجلة Geophysical Research Letters، لدراسة القمر فوبوس بشكل أفضل، والذى يتوقع أن يضرب سطح المريخ فى غضون 30 إلى 50 مليون سنة، مع عواقب ستؤثر حتى على الجزء الداخلى من الكوكب الأحمر نفسه.
أرسل تعليقك