دريسدن الألمانية مدينة المآسي والمتاحف الفنيّة
آخر تحديث GMT16:26:38
 العرب اليوم -

"دريسدن" الألمانية مدينة المآسي والمتاحف الفنيّة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "دريسدن" الألمانية مدينة المآسي والمتاحف الفنيّة

مدينة دريسدن
محمود شاهين - العرب اليوم


من يزور مدينة دريسدن (عاصمة مقاطعة سكسونيا الألمانيّة)، التي دُمرت خلال الحرب العالميّة الثانيّة، حالياً، لا بد أن تُدهشه التغيّرات الكثيرة، التي طرأت على مرافقها، لا سيما القضم المؤسف الذي طال الآثار الفنيّة المجسمة والمسطحة، التي كانت تملأ شوارعها وحدائقها، لصالح المزيد من المحال التجاريّة الضخمة (المولات) التي نشطت عملية إشادتها في المدينة، بعد سقوط سور برلين وتوحد ألمانيا وتدفق رؤوس أموال المستثمرين، من غرب ألمانيا إلى شرقها، ولكن ثمة ظاهرة مدهشة شهدتها هذه المدينة الجميلة هي إعادة بناء كنيسة (النساء) التي كانت القنابل الأنجلو- أميركيّة قد سوّتها بالأرض، وفي داخلها آلاف النساء والأطفال الذين لجأوا إليها معتقدين أن قدسية المكان، ستحميهم من الموت.

طوال الفترة الاشتراكيّة، ظلت الكنيسة على حالها التي خرجت بها من الحرب، للتذكير بويلاتها ومآسيها، وهذه الكنيسة أحد المعالم الأثرية الهامة، التي تركها نبلاء السكسونيين، الذين كانوا يحكمون مدينة الخزف الشهيرة (مايسن) في القرن الخامس عشر، والواقعة إلى جوار دريسدن التي كانت آنذاك مدينة صغيرة وفقيرة بعض الشيء، تحوي معالم فنيّة قليلة جداً، مثل: كنيسة القديسة صوفيا، والقديس نيقولاي.

لوحة تمثل القيصر أوغست

انتعاش سكسونيا

في نهاية القرن السادس عشر، بدأ مهندسو العصور الوسطى الذين كانوا يتوافدون من منطقة جبال (الهارتس) في أواسط ألمانيا، ومن (بروسيه) إلى منطقة سكسونيا التي بدأت تنتعش اقتصادياً، لاسيما عاصمتها دريسدن، وبالتحديد في عصر قيصرها (أوغست القوي) الذي أدخل فن البناء الباروكي إلى أبنيتها، وحاول أن يجعلها مماثلة لمدينة البندقيّة الإيطاليّة، بفتحها على مياه نهرها «الإلبه» ودمجها بفكرة البناء بشكل كامل، وإلى هذا القيصر يعود الفضل في اكتشاف بورسلان مايسن الشهير الذي أطلق عليه اسم «الذهب الأحمر» نسبة إلى الطينة الحمراء التي يُصنع منها، وإلى الدخولات الهائلة التي يدرها على الخزينة الألمانيّة.

طراز الباروك

تجسد طراز «الباروك» في مبانٍ عدة في دريسدن أشهرها وأهمها قصر (سفنكر) الذي بُدأ بإنشائه عام 1709، وأُكمل على مراحل متتالية حتى أنجز في 1728. بجوار هذا القصر، وما بين عامي 1847و1857، وعلى ضفاف نهر الإلبه، أُقيم بناء «صالة اللوحات» التي تُعد ثالث أهم متحف مقتنيات فنيّة عائدة للقرون الوسطى بعد «الإرميتاج» في مدينة سان بطرسبورغ بروسيا، ومتحف «اللوفر» بباريس.

تضم الصالة الدريسدنيّة أعمالاً فنيّة عائدة لعمالقة الفن التشكيلي، في القرون الوسطى، من أشهرها لوحة (العذراء السكسونيّة) للفنان الإيطالي الشهير رافائيلو ولوحة (فينوس دريسدن) للفنان جورجوني ومجموعة لوحات للفنان الألماني الشهير ألبريشت دورر، إضافة إلى أعمال فنيّة أخرى، ومجموعة نادرة من الكتب/‏‏ ومنتجات مشاغل بورسلان مايسن.

من ضواحي مدينة دريسدن الألمانية

دار أوبرا سمبر

قام بتصميم قصر سفنكر المهندس ج. سمبر، الذي كان من أشهر المعماريين وبنائي المتاحف حينذاك، إضافة إلى دار الأوبرا الشهير التي تحمل اسمه، وقد أنجزت بين عامي 1871و1878 وتحوي 1712 مقعداً للجلوس، و3000 مكان للوقوف موزعة على شكل حدوة حصان، مؤلفة من 4 مستويات، ومسرح دائري مسطح يبلغ ارتفاعه 40 متراً، يمكن للمشاهدين رؤيته من أماكن تواجدهم أينما كانوا. تُشبه دار أوبرا سمبر دار الأوبرا الإيطاليّة التي شُيّدت في زمنها، وعزف في هذه الدار مشاهير الموسيقيين أمثال: كارل ماريا فون ميبر.

متحف ألبرتينوم

ينهض بالقرب من قصر سفنكر ودار أوبرا سمبر، متحف "ألبرتينوم" الذي شُيّد بين عامي 1559و1563 من قبل المعماريين: تروس، بوشنر، وفوكت، ويحوي اليوم مكتبة هامة، وأعمال المعلمين الجدد في مجالات الرسم والتصوير والنحت والحفر المطبوع أمثال: وليم رودولف، كارل فولكر، فيل لامبرت، أوكن هوفمان، أوتو ناكل، هاينريش دراكه، تيو بالدن، فرتس كريمر، أرنو مور، فالتر أرنولد، وكثيرون غيرهم.

جماعة الجسر

ولدت في هذه المدينة عام 1905 (جماعة الجسر) التي ضمت عدداً من الفنانين منهم: كريشنر، بكشتان، هيكل، نولدة، بليل. وكلمة (الجسر) تحمل دلالة مباشرة لأحد الجسور الواصلة بين ضفتي نهر الإلبه في المدينة، حيث كان يجتمع عليه فنانو هذه الجماعة، وغير مباشرة تُشير إلى التطلع إلى فن جديد، يُبيح التعبير عن الإنسان والعالم، بشيء من الحريّة.

غير أن هذا التجمع الفني انفرط عقده في 1913، ثم جاءت جماعة «الفارس الأزرق» التي ولدت في مدينة ميونيخ عام 1911 ومن أبرز ممثليها: كاندينسكي، فرانز مارك، إضافة إلى عدد من فناني تجمع الجسر.

جاء اسم «الفارس الأزرق» من حب الفنان مارك للخيول، وعشق الفنان كاندينسكي للون الأزرق الذي كان يراه لون القدسيّة والروحانيّة، ويعتقد أنه كلما زاد هذا اللون قتامة، ازدادت قدرته على إيقاظ الرغبة لدى الإنسان بالخلود والسرمديّة.

وقد اتفقت هذه الجماعة مع جماعة الجسر، في الميل نحو العالم الداخلي، والتفسير الذاتي للعالم المرئي، وقامت الحركتان بالتأسيس لولادة الاتجاه الفني الهام الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم وهو «التعبيريّة الألمانيّة» التي لم يقتصر تأثيرها على الفن الألماني فحسب، بل طال الأوروبي والعالمي.

قصور تاريخيّة

تعرف دريسدن باسم «مدينة المتاحف»، حيث تضم مجموعة كبيرة من المتاحف الاختصاصيّة كمتحف الطب، والمواصلات، وغيرهما، كما تُحيطها قصور تاريخيّة تعود إلى عصر قيصرها أوغست القوي، كما أنها تزخر بالتماثيل والأعمال الفنيّة المنوّعة منها: قصر موريتس بورغ، قصر فانزن شتاين، وقصر بلنيتس. كما تضم شوارع المدينة وحدائقها وجدرانها وعمائرها مئات التماثيل واللوحات الجداريّة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دريسدن الألمانية مدينة المآسي والمتاحف الفنيّة دريسدن الألمانية مدينة المآسي والمتاحف الفنيّة



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية
 العرب اليوم - مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط
 العرب اليوم - 3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 14:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
 العرب اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 04:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات فساتين زواج فخمة واستثنائية لعروس 2025

GMT 10:34 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتقاء شهيدين فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمال غزة

GMT 07:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق تذاكر معرض كريستيان ديور مصمم الأحلام

GMT 06:17 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

3 ركائز لسياسة ترمب في الشرق الأوسط

GMT 05:49 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بين قاهر.. وقاتل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab