القاهرة - محمد عبد الحميد
يبدو ميدان سباق الخيل الذي أطفأ شمعته المائة غريبًا عن العاصمة التي احتلتها الأبنية الباطونية، أشجار الصنوبر الصامدة والرمال الحمراء تجعله أشبه بقرية صغيرة معزولة عن محيطها، تمامًا كرواده المعزولين (وربما المنبوذين)، هم أيضًا، عن بيئاتهم ومنها، معظم هؤلاء من كبار السن الذين “علقوا” بالمضمار منذ سنوات طويلة، ويعيشون معه “قصة حب” لا تؤثر فيها خسارة ولا تبرّدها سمعة “لعيبة السبق”.
ويطفئ إيهاب سيجارته “شغلتين ما قدرت إتركن الدخان والسبق”، أفراد عائلة الرجل الخمسيني اعتادوا غيابه نهار الأحد قبل أن يعود إليهم بصوت مبحوح، يقول إنّ “بالميدان ما في شي أسرع من الأحصنة إلا دقّات قلوبنا وقت السبق، وخاصة إذا كنّا مكبّرين الرهان”، هو واحد من كثيرين يعتبرون الميدان ملاذًا للتسلية والهروب من مشاكل الحياة، رغم أن الميدان نفسه سبب أساسي في مشاكلهم.
والميدان أشبه ما يكون بقرية هادئة وسط “عالم من الباطون”، لكنه في يوم السباق ينقلب رأسًا على عقب، قبل نحو ساعة من انطلاقه، يبدأ “لعيبة السبق” بالتوافد الى شباك التذاكر، يبتاعون الصحف الخاصة بالسباق من الموزعين قبالة البوابة الأساسية، قبل أن يودعوا هواتفهم لدى عناصر قوى الأمن لمنع التواصل مع مكاتب المراهنات غير الشرعية، قليلون من يأتون للاستمتاع بالسباق، فيما الغالبية تأتي للمراهنة، “مش خجلانين، هذه أموالنا ونحن أحرار بالتصرف فيها كما نريد”، يقول أحدهم.
أرسل تعليقك