اعترف عضو اللجنة الفنية في الاتحاد الدولي للسباحة (فينا) أيمن سعد، بأن السبّاح الأميركي الشهير مايكل فيلبس أسطورة لن تتكرر في عالم السباحة وأن أرقامه القياسية التي حققها على مدار مسيرته الرياضية تحتاج لسنوات طويلة حتى تتحطم.
وأشار سعد إلى أن "فينا" يجيد صناعة النجوم ويدرك تمامًا فائدة هذا في مجال تنمية ألعاب الماء وتدعيم موارد الاتحاد والتسويق للبطولات المختلفة التي ينظمها الاتحاد ولكن هذا لا يعني ظهور أساطير مماثلين لفيلبس. وأكد سعد المدير التنفيذي السابق للاتحاد الإماراتي للسباحة، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) ، أن فيلبس صنع أسطورة يصعب تكرارها حيث أحرز عددا من الميداليات الذهبية يستحيل على أي سباح تحقيقه مستغلا في ذلك إمكانياته البدنية والذهنية وإصراره خاصة بعد العدول عن قرار الاعتزال بعد أكثر من عامين على اتخاذ القرار ليعود بنفس القوة والحماس إلى صراع الميداليات والأرقام القياسية.
وأضاف أنه على الرغم من اعتزال فيلبس ، الذي أحرز 28 ميدالية أولمبية منها 23 ذهبية ، لا يزال "فينا" قادرا على صناعة النجوم وتقديمهم إلى العالم عن طريق الإعلام مثل السباحة المجرية كاتينكا هوزو وغيرها. وأكد سعد على أن الرياضة ، بشكل عام وليس كرة القدم فقط ، أصبحت صناعة ولم تعد كما كانت في الماضي للهواة أو للمتعة فقط وإنما أصبحت صناعة بالمليارات في كل أنحاء العالم بما فيها مصر.
وقال إن هذه الصناعة تحتاج دائما إلى إدارة احترافية فلا يمكن إدارة منظومة احترافية بفكر الهواة الذي كان أمرا ممكنا في السبعينيات والثمانينيات وحتى التسعينيات من القرن الماضي فيما اختلف الحال في العقدين الأخيرين بشكل هائل. وأوضح أن النواحي التسويقية والتجارية والاستثمارية أصبحت جزءا لا يتجزأ من منظومة العمل الرياضي ، ومن ثم يجب النظر إلى الهيئات الرياضية وخاصة الاتحادات والأندية كشركات تجارية من خلال دخول رعاة ومساهمين في الارتقاء بالمستوى المالي لهذه الاتحادات وهو ما يتماشى مع الفكر الحديث للدولة المصرية حاليا والذي يهدف إلى اعتماد الاتحادات والأندية على نفسها مستقبلا مع تقليص الدعم تدريجيا في السنوات المقبلة حتى يكون كل اتحاد وناد قادرا على الاكتفاء الذاتي ثم الربحية في المستقبل.
ولفت إلى أن المهندس خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة المصري لجأ إلى إنشاء صندوق أهلي بتمويل من شخصيات وطنية مرموقة لدعم الاتحادات ولكن الهدف الرئيسي أن تعتمد الاتحادات على نفسها من الناحية المالية في المستقبل وهو الفكر السائد حاليا في معظم دول العالم وكان سببا في طفرة رياضية هائلة في العديد من هذه البلدان. وأوضح أن هذا الفكر يحتاج إلى الاعتماد على شركات تسويق واستثمار كبيرة وذات سمعة طيبة مع وجود إدارة مالية جيدة لهذه الاتحادات ومن خلالها يمكن صناعة الأبطال في المستقبل.
وتابع سعد أن المال وحده لا يصنع الأبطال ولكن المنظومة بأكملها مشيرا إلى أنه في معظم الاتحادات ومنها الاتحاد المصري للسباحة على سبيل المثال يمكن الاستفادة من وجود أبطال وعناصر مميزة مثل فريدة عثمان وأحمد أكرم في تسويق الاتحاد والسباحة المصرية بشكل جيد وهو ما سيدر مبالغ مالية كبيرة من التسويق والرعاة يمكن إنفاقها على إعداد أجيال متتالية من السباحين من جهة وزيادة شعبية هذه الرياضة التي تضم خمس رياضات هي السباحة القصيرة وسباحة المياه المفتوحة والسباحة التوقيعية والغطس وكرة الماء. وبسؤاله عن كيفية صناعة البطل في عالم السباحة ، أوضح سعد أن صناعة البطل تحتاج لمنظومة متكاملة تبدأ من الاهتمام الإعلامي بأفضل العناصر تمهيدا لتسويقهم وجذب الرعاة مثلما فعل الأهلي بفريقه الأول لكرة القدم في السنوات الماضية وهو ما يساهم في الارتقاء بمستوى مكاسب هؤلاء النجوم وتخريج عناصر جديدة متميزة للمستقبل.
وأردف أن تطبيق هذا يحتاج لمنظومة احترافية تشمل جميع عناصر اللعبة من إدارة ومدربين ورياضيين وحكام ويجب تثقيف وتطوير جميع العناصر ومنها الحكام بالطبع بأحدث التطورات والمستجدات كما يجب إقامة دورات تدريبية وتعليمية للحكام بشكل مستمر ، "ففي معظم البلدان يجب إقامة ست أو سبع دورات للمدربين سنويا فيما اقتصر الحال في مصر على دورة أو اثنتين في آخر تسع سنوات علما بأن مثل هذه الدورات يمكن استغلالها لتدر أموال على الاتحاد".
وقال سعد إن الاتحادات يجب أن تدير هذه المنظومة وأن تقيم نظام مسابقات جيد يفرز أبطال ونظام تعليم جيد يفرز حكام ومدربين متميزين وهو ما سيثمر سريعا في ظل وجود تعداد سكاني هائل يمكن من خلاله توفير قاعدة ضخمة للممارسة إضافة لوجود الإمكانيات المطلوبة. وعن مواكبة الإمكانيات في مصر لمثل هذه المنظومة ، أكد سعد أن البعض قد يشعر بالدهشة إذا قيل له إن مصر لديها إمكانيات رائعة لمنظومة متميزة في السباحة ، ولكن الحقيقة أن مصر تمتلك عددا من أحواض السباحة يفوق معظم دول العالم.
وبيّن أن منطقة جزيرة الزمالك بها عدد من أحواض السباحة قد يفوق عدد أحواض السباحة في العاصمة البريطانية لندن نظرا لوجود أندية الأهلي والجزيرة والقاهرة ومركز شباب الجزيرة وغيرها من المنشآت الرياضية وهو ما يؤكد عدم وجود عجز في الإمكانيات مشيرا إلى أن المطلوب حاليا هو توسيع قاعدة الممارسة بشكل مناسب لأنه لا يعقل على سبيل المثال اختزال الجمعية العمومية للاتحاد المصري في 14 ناديا إضافة لعدم الاهتمام بالعديد من الأندية.
وعن قدرة بلد مثل مصر على تنظيم بطولات عالمية ، أكد سعد إن مصر لديها كل الإمكانيات اللازمة لاستضافة بطولات عالمية كبيرة وخاصة في سباحة المياه المفتوحة لوجود شواطئ ممتدة ومدن وأماكن تمتلك كل خصائص الاستضافة مثل الغردقة وشرم الشيخ والعين السخنة وغيرها. وأكد سعد أنه يتطلع في حال فوزه برئاسة الاتحاد المصري للسباحة إلى تطبيق خطة طموحة تعتمد على استضافة عدد من الفعاليات الدولية وبطولات العالم في سباحة المياه المفتوحة والغطس العالي وهو ما يمكن أن يدر أموال طائلة تدريجيا إلى الاتحاد وإلى الدولة ككل من عائدات جديدة في المجال السياحي والرياضي والاستثماري ولهذا يجب أن نطرق باب الاحترافية ونبدأ عملية التطوير بعيدا عن العمل الروتيني.
واسترشد سعد ببطولة هليوبوليس الدولية لكرة الماء والتي حققت نجاحا هائلا على مدار سنوات بمجهودات ذاتية من النادي وهي فكرة يمكن تعميمها على أندية عديدة بمساعدة الاتحاد الذي يمكنه أيضا تنظيم بطولة سنوية منتظمة باسم بطولة "مصر الدولية" في الفروع الخمسة للسباحة. ولفت سعد إلى تجربته السابقة كمدير تنفيذي للاتحاد الإماراتي للسباحة حيث عمل خلالها على تنظيم بطولة دبي للسباحة والتي أصبحت من أهم البطولات حيث بلغ عدد المشاركين في إحدى نسخها إلى 1350 سباحا وسباحة.
وأوضح أن توافد مئات من السباحين والسباحات على أي مدينة يعمل بالفعل على الرواج السياحي والاقتصادي وتنشيط عملية التسوق وهو ما يدر عائدات مالية رائعة بشكل عام بخلاف الخبرة التي يكتسبها السباحون الصغار المنتمون للبلد المضيف من مشاركتهم في مثل هذه البطولات التي تمنحهم الثقة والخبرة من الاحتكاك بالأبطال العالميين كما تعزز صورة البلد المضيف على مستوى العالم من خلال بث فعاليات هذه البطولات والإمكانيات السياحية للبلد المضيف على مئات القنوات والشبكات التلفزيونية.
استطرد أنه قدم تجربة نموذجية على مستوى تنظيم البطولات وجذب السياحة والرعاة خلال عمله بالاتحاد الإماراتي حتى أصبحت دبي خاصة والإمارات عامة من أبرز منظمي البطولات في العالم ويرى أن التجربة ستكون أكثر سهولة في مصر لإمكانية توسيع قاعدة الممارسة من ناحية ووجود ثقافة تنظيم البطولات بالفعل في رياضات مختلفة مثل كرة القدم واليد والطائرة وهو ما يمكن نسخه إلى عالم السباحة. وتابع حديثه أن تنظيم هذه البطولات كانت مكلفة في البداية لكنها أصبحت تدر عائدا للاتحاد الإماراتي في الوقت الحالي كما وضعت الاتحاد الإماراتي بقوة على ساحة السباحة العالمية.
وكشف سعد أن من أهم أهداف قائمته في الانتخابات المقبلة ، والمقررة في وقت لاحق من أيلول/سبتمبر الجاري ، هو دمج الرياضة بالسياحة بصناعة الأبطال وتنظيم البطولات وتسويق السباحة والسباحين وتعزيز موارد الاتحاد على غرار ما يحدث في كرة القدم إضافة للاهتمام بكافة فروع السباحة مثل كرة الماء والغطس والسباحة التوقيعية وعدم التركيز فقط على السباحة القصيرة أو سباحة المياه المفتوحة. وأوضح أنه راعى هذه الأهداف لدى اختيار قائمته للانتخابات المقبلة حيث ضمت عناصر لديها خبرة جيدة في الإدارة الرياضية والشؤون المالية والتقنية. وضمت القائمة مع سعد المرشح لرئاسة الاتحاد كلا من أسامة المصري المرشح لمنصب النائب ودكتور محمد السيد أمينا للصندوق ومعتز رضوان سكرتيرا عاما وأمين منتصر وهيثم حازم وطارق بكري وعمرو حافظ ومحمد الزناتي ودينا لويس عادل للعضوية.
ووعد سعد بأنه في حال توليه رئاسة الاتحاد ، سيعمل من خلال علاقاته الطيبة بمسؤولي الاتحاد الدولي للسباحة (فينا) على تنظيم بطولتين كبيرتين في 2018 منهما بطولة عالمية في سباحة المياه المفتوحة وبطولة "مصر الدولية" لتكون البطولتان نواة للعديد من البطولات في السنوات التالية منها على الأقل بطولتين عربيتين وبطولة أفريقية وثلاث بطولات عالمية ودولية في كل عام بما يضمن تنظيم بطولة على الأقل كل شهرين. وعن المستوى الفني وتقييمه لنتائج السباحين العرب والمصريين في أولمبياد 2016 وبطولة العالم الماضية للسباحة والتي أقيمت في المجر منتصف هذا العام ، أشاد سعد بالميدالية البرونزية التي أحرزتها السباحة المصرية فريدة عثمان لتكون أول ميدالية مصرية في سباحة المسافات القصيرة لتعوض إخفاق السباحين العرب في أولمبياد 2016 حيث خرجوا جميعا من هذا الأولمبياد بلا ميداليات رغم تألق السباح التونسي الشهير أسامة الملولي في السنوات السابقة وحصده أكثر من ميدالية عالمية وأولمبية.
وأعرب سعد عن اعتقاده بأن السباحة المصرية فريدة عثمان ومواطنيها أحمد أكرم ومروان القماش وعلي خلف الله يمكنهم المنافسة على ميداليات في أولمبياد طوكيو 2020 . وعما يتردد عن كون فريدة عثمان وعدد من السباحين المصريين والعرب صناعة أمريكية نظرا لإقامتهم في الولايات المتحدة واعتمادهم على نظام التدريبات هناك لتحقيق إنجازاتهم ، قال سعد إنه يرفض هذا المنظور ولكنه يرى أن هؤلاء السباحين نجحوا في وضع أنفسهم ضمن المنظومة الاحترافية في الولايات المتحدة لتحقيق طموحاتهم وآمال بلدانهم ومنها مصر بالتأكيد. وأشار إلى أن هذا يجب أن يكون دافعا للاتحادات في مصر والمنطقة العربية على العمل لنقل أو نسخ هذه المنظومة الاحترافية إلى بلدانهم لبناء قاعدة رائعة من الممارسين مع التعاون مع الجامعات الدولية في مصر على تطويع مواعيد الدراسة بالتنسيق مع مواعيد التدريبات بدلا من الاعتماد بشكل كامل على سفر المواهب للعمل في منظومات تدريب خارجية.
وأضاف:" أعتقد أن تألق هؤلاء يؤكد صحة وجهة نظري بأن المهم في الوقت الحالي هو إيجاد منظومة محترفة لإدارة السباحة المصرية من أجل صناعة البطل". وأشار إلى أن النموذج المجري من أبرز النماذج الواضحة على هذا بعدما اعتمدت الطفرة التي شهدتها السباحة المجرية في السنوات الأخيرة على صناعة الأبطال داخل المجر أكثر من الاعتماد على صناعتهم خارجها. وأوضح أنه يتطلع في حالة نجاحه بالانتخابات القادمة إلى استغلال علاقاته الجيدة بالاتحاد المجري لعمل توأمة بين الاتحادين والاستفادة من هذه الخبرات.
وعن فقدان السيادة المصرية في السباحة الأفريقية منذ عودة جنوب أفريقيا إلى المشاركة في البطولات الأفريقية، قال:" أرقام السباحين المصريين مثل فريدة عثمان وأكرم وغيرهما ليست بعيدة كثيرا عن إطار المنافسة ولكن يجب العمل على تحسينها في الفترة المقبلة وتوسيع قاعدة الأبطال لاستعادة العرش الأفريقي من خلال عدد الميداليات".
أرسل تعليقك