جزر الملكة شارلوت في كندا رحلة إلى العزلة على حافة العالم
آخر تحديث GMT07:27:55
 العرب اليوم -

جزر الملكة شارلوت في كندا رحلة إلى العزلة على حافة العالم

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - جزر الملكة شارلوت في كندا رحلة إلى العزلة على حافة العالم

جزيرة من جزر الملكة شارلوت
لندن ـ العرب اليوم

تقع جزر الملكة شارلوت على بُعد 100 كم من كولومبيا البريطانية في كندا، وهي موطن إحدى أقدم الشعوب على الأرض، ومع ذلك لا يزالون يكافحون لحماية بيئتهم وتراثهم الثقافي، وقد عرفت تلك الجزر بأسماء عديدة منها: الجزر على حافة العالم، ثم جزر الملكة شارلوت في وقت أن كانت كندا مستعمرة بريطانية، والآن منذ عام 2009 أصبحت تعرف باسم "هيدا جوايي" وهي القبائل التي تعيش بها، ومن المحتمل أن تلك القبائل عاشت بها بعد نهاية العصر الجليدي مباشرة، أي منذ 11000 إلى 13000 سنة، مما يجعلهم من أقدم الشعوب التي عرفت في العالم، وقد حمتهم عزلة تلك الجزر وثراء المحيط ليتمكنوا من البقاء عبر العصور.

ولكن في القرن العشرين، قطع الحطابون الأشجار بمساحة أكبر من لندن الكبرى، آخذين من الجزر أكثر من 100 مليون متر مكعب من الخشب، معظمها تأتي من أشجار عمرها قرون، وإذ رأت قبائل هيدا أن حياتهم كما يعرفونها تختفي أمامهم، وبعد وصولهم لليأس من المفاوضات والقضايا أمام المحاكم، فهاجموا الحطابين في أثلي جوايي (جزيرة ليل) في عام 1985، وقد ألقي القبض على اثنين وسبعين متظاهرا، وجذب الحادث الانتباه الدولي، وأدى انتصارهم إلى إنشاء محمية جوايي هاناس الوطنية وموقع هيدا التراثي، مع قيام حكومتي كندا وحكومة هيدا المحلية بالإشراف على المتنزه والوصول إلى جميع القرارات بتوافق الآراء.

يغطي المتنزه ما يقرب من 15٪ من إجمالي مساحة الجزر، وهي المكان الوحيد في كندا الذي يجب حمايته كليا من قاع البحر إلى قمة الجبل، إن شواطئها البرية وغاباتها العتيقة هي موطن لثروة من الحياة الحيوانية ، 75000 من الطيور البحرية و 20 نوعا من الحيتان والدولفين والعديد من الثدييات البرية المستوطنة، مثل الدب الأسود الأكبر في أمريكا الشمالية - فضلا عن تاريخ هايدا الغني، ولا توجد طرق أو مسارات بالمتنزه، الطريقة الوحيدة لاستكشافه هي عن طريق البحر، في العام الماضي، أتى إليها 2800 زائر فقط، توفر المرافئ الشراعية وسائل الراحة المألوفة للزوار، ولكن التجديف في البحر والتخييم يضعهم بقوة في البرية.

يسقط المطر كثيرا في تلك المنطقة، بمتوسط 4 أمتار من المطر في العام، والرياح هناك هي الأقوى في كندا، مع أمواج يصل ارتفاعها إلى 35 مترًا، ويمكن أن يتحول الطقس في لحظة، ويحكي شون عن رحلته لجزر "هيدا جوايي"  وسط مجموعة من 8 أشخاص، ويقول أن طوال الأسبوع الذي قضوه هناك بقى البحر والسماء هادئين، وخلال الأيام الأولى، استكشفوا الخلجان والمناطق المحمية، يسيرون ببطء على طول المنحدرات في المد المنخفض للتدقيق في حياة المد والجزر فرأوا: جدران من بلح البحر ذات الحجم الكبير، ونجم البحر بحجم الدببة، والمحار الأرجواني، والقنفذ في الصدف العنابي، بدأتا عيناه يلاحظان عناصر الطبيعة الدقيقة والمتداخلة. ثم أقاموا معسكرًا على الشواطئ المخبأة في الخلجان الصغيرة، مع اعتبار أرض الغابة الكثيفة كالفراش، وأغاني الطيور صاخبة كالمنبه، يمر الوقت ببساطة ليلا ونهارا، في الغداء والعشاء، في إيقاع الضروريات، يصنع صديقه بينكوك وجبات لذيذة على نار الخشب،  وقاموا أيضا بصيد الأسماك مستخدمين الزوارق، وتجولوا عبر الغابة بين أشجارعمرها مئات السنين، حيث لاحظوا علامات حفر على جذوع الأشجار.

كانت قبائل هيدا، بحثا عن خشب الأرز المستخدم في بناء التماثيل أو الزوارق، تختبر الأشجار لمعرفة ما إذا كانت فاسد، لأن خشب الأرز يتعفن من الداخل الى الخارج، وحتى لو كانت فاسدة، يتركونها واقفة، إذ لا يزال يمكنها أن تعيش مئات السنين أكثر من ذلك، وفي جميع أنحاء المتنزه هناك أكثر من 600 موقع أثري مسجل يمثلون حدوث نشاط بشري، من قيادة الزوارق إلى صيد الأسماك، وبعضها يرجع تاريخها إلى العصر الجليدي الأخير.

في الطقس الصافي في صباح اليوم الرابع من رحلة شون، اندفع الأصدقاء إلى مياه المحيط الهادئ المفتوحة، وتوجهوا باستخدام الزوارق إلى كيب فريمان، أبعد وجهة في رحلتهم، وعند النزول على الشاطئ، الذي ربما لم يشاهد إنسانا لمدة عام، قرروا البقاء لمدة ساعة فقط، حتى لا يحاصرهم المد والجزر وتغير الطقس، وشعروا على الشاطئ بأنهم أقرب إلى اليابان منهم إلى كندا، حيث يختلف مفهوم الجغرافيا والزمن.
في اليوم التالي، جدفوا إلى موقع اليونسكو للتراث العالمي في سجانج جوايي (ترجمته تعني جزيرة المبكى)، إنه واحد من خمسة مواقع في جميع أنحاء المتنزه يحميها حارس من قبائل هيدا، وكان قد بدأ في عام 1981 برنامج المتطوعين لحماية التراث الطبيعي والثقافي للمتنزه، مع تثقيف الزوار أيضا.

تُعد قرية قبائل هيدا السابقة "نينستينتس" مكان مقدس، تقع على خليج صغير، ولا تزال قبائل هيدا يذهبون إلى هناك ليتواصلوا مع الأجداد والتبليغ بسماع الأصوات والطبول، كان بهذا المكان 20 منزل تقليدي، بهم 30 إلى 40 شخصا يعيشون في كل منها، وقد فقدت العديد من قصص القرية، على الرغم من أن بعض أسماء المنازل لا تزال معروفة مثل: كلاود هاوس، وجريس هاوس، ويحتوي الموقع أيضا على أكبر مجموعة من أعمدة الطوطم، التي استخدمتها قبائل هيدا، في موقعها الأصلي.

انتشر وباء الجدري عام 1862، إذ نقله المنقبون عن الذهب الآتون من سان فرانسيسكو، عبر الشبكات التجارية لقبائل هيدا وأدى بالقرية للهلاك، فهجرها أهلها كليا عام 1885، وبعدما كان عددهم حوالي 20000 في جميع أنحاء الجزر، انخفض عددهم إلى أقل من 600 بحلول نهاية القرن التاسع عشر، وهم يشكلون الآن نصف سكان الجزيرة البالغ عددهم 5000 نسمة، جنبا إلى جنب مع أشخاص من جميع أنحاء كندا.
وسعت البرامج الاستعمارية إلى محو هيدا وثقافتهم، وقامت المدارس بالمنطقة بنقل أطفال الجزر إلى أماكن مثل خليج أليرت، على بعد أكثر من 400 كم، و تشيليواك، على بعد أكثر من 800 كم، كما حظرت الحكومة بولاتاش، وهو عيد احتفالي مهم يقوده رئيس القبيلة للقيام بأعمال تجارية، وأداء الطقوس، وحشد مكانة من خلال توزيع الهدايا، لا يزال 30 شخص فقط من سكان الجزيرة، ومعظمهم من كبار السن، يتحدثون لغة هيدا بطلاقة، ونهبت مقتنيات القبيلة واختفت في ظروف سرية.

لكنهم الآن يستعيدون لغتهم وثقافتهم، إذ عرض أول فيلم بلغة الهيدا هذا العام، وأعاد برنامج للعودة إلى الوطن أكثر من 500 قطعة من بقايا الأجداد كانوا في مجموعات في جميع أنحاء العالم، مع وجود قطعة واحدة فقط لا تزال في المتحف البريطاني، والخطوة التالية هي استعادة حوالي 12000 قطعة أثرية.

وعلى الرغم من هذا التقدم، لا يزال هناك سؤال واحد يلوح في الأفق: من له الولاية القضائية على هذه الأراضي والمياه؟ لم تتنازل هيدا أبدا عن وطنها، ولم يوقعوا على معاهدة، وفي عام 2002، رفعوا قضية هيدا غواي، التي لا تزال تنتظر العرض في جلسة المحكمة.

ولكن مع الحقوق التي فازوا بها بالفعل، انتقلوا إلى اقتصاد أكثر استدامة، أكثر من نصف أراضي الجزيرة محمية، وعلى الرغم من ذلك لا يزال هناك قطع أشجار، وهيدا الآن لديهم المزيد من السيطرة واقترحوا خطة خشب الأرز 1000لمدة  سنة، لكي تتمكن الأجيال اللاحقة من الوصول إلى الأشجار الأثرية التي نحتت، وقد نما قطاع السياحة ليصبح واحدا من أكبر مجالات العمل، مع إفساح المجال لمنتجعات الصيد الراقية ووضع تراثها الثقافي والطبيعي في أماكن الإقامة من خلال إقامة نزل عائم جديد على الساحل الغربي في عام 2018.

تبدو العودة من جزر جوايي هاناس وكأن الشخص يحمل سرا، فيقول الفنان هيدا بيل بشأن تلك الجزر: "عندما، أو إذا، احتجنا للإقرار بأن الخضوع ليست هي الطريقة الوحيدة لنشق طريقنا في العالم، فإن هذه الجزر الساطعة قد تمنحنا العلامات إلى الطريق لعلاقة متناغمة مع العالم الوحيد الذي سنحصل عليه".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جزر الملكة شارلوت في كندا رحلة إلى العزلة على حافة العالم جزر الملكة شارلوت في كندا رحلة إلى العزلة على حافة العالم



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab