الزراعة الذكية كربونياً بين زيادة الإنتاج ومواجهة تغيُّر المناخ
آخر تحديث GMT12:58:47
 العرب اليوم -

الزراعة الذكية كربونياً بين زيادة الإنتاج ومواجهة تغيُّر المناخ

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الزراعة الذكية كربونياً بين زيادة الإنتاج ومواجهة تغيُّر المناخ

التربة المناخية
بيروت - العرب اليوم

مع أول ضربة محراث في الأرض قبل آلاف السنين، أخذ النشاط الزراعي يطلق ثاني أوكسيد الكربون في الجو. وفيما كانت الانبعاثات الناتجة عن الزراعة تقتصر في البدء على التفاعل بين المواد العضوية التي يجري تقليبها مع الهواء المحيط، ارتفعت البصمة الكربونية للزراعة مع استخدام المكننة، واتساع سلاسل النقل والتوريد.

وتشير تقديرات نُشرت قبل 3 سنوات إلى أن التربة حول العالم خسرت 133 مليار طن من الكربون منذ بدأ البشر يزرعون الأرض قبل نحو 12 ألف سنة. وتعادل هذه الكمية التي انطلقت إلى الجو ربع إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن النشاط البشري منذ بدء الثورة الصناعية.

وساهم التطور التقني في زيادة انبعاثات الزراعة على نحو مطرد بدءاً من القرن الماضي. فاستخدام الوقود الأحفوري في آلات الزراعة ومركبات نقل المنتجات، إلى جانب الحاجة للطاقة في إنتاج الأسمدة وضخ المياه، جعل انبعاث غازات الدفيئة من القطاع الزراعي يزيد على 10 في المائة من مجمل الانبعاثات العالمية السنوية.

وتدفع إضافة السماد الكيميائي الأحياء الدقيقة في التربة إلى إطلاق غاز أوكسيد النيتروز، وهو من غازات الدفيئة القوية، حيث يعادل مكافئه الكربوني نحو 300 ضعف ثاني أوكسيد الكربون. ووفقاً لوكالة حماية البيئة الأميركية، يُعد أوكسيد النيتروز مسؤولاً عن 6 في المائة من الاحترار العالمي.

- حفظ الكربون في التربة

يقترح بعض علماء التربة، مثل الدكتور راتان لال من جامعة ولاية أوهايو، أن تؤدي التغيرات في الممارسات الزراعية وإدارة التربة إلى إقلال فقد التربة للكربون بمقدار الثلثين نظرياً، مما يعني توفير كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون المنطلق إلى الغلاف الجوي.

ويوصي لال وآخرون باتباع الممارسات التي تزيد من كمية المواد العضوية الحاوية على الكربون في طبقات التربة العليا، بما في ذلك تجنب عملية الحراثة التي تعرض كربون التربة للهواء، وتغطية الحقول بمخلفات المحاصيل، وزراعة محاصيل التغطية. وتُزرع محاصيل التغطية، كالحبوب والبقوليات وغيرها من الخضراوات، ليس بغرض الحصاد فحسب، وإنما لإثراء التربة بالمغذيات والمواد العضوية الغنية بالكربون، والحد من تآكلها.

وتثير حراثة الأراضي في المناطق القاحلة والجافة عواصف الغبار المدمّرة، مما يؤدي إلى إفقار التربة وتصحرها، مثلما حصل في مناطق واسعة من بادية الشام، وكذلك في المناطق الغربية من الولايات المتحدة. وترصد وزارة الزراعة الأميركية تحولاً وطنياً في تجنب حراثة الأرض، إذ تشير إحصاءاتها إلى أن أكثر من ثلث الأراضي الزراعية الأميركية تُزرع حالياً من دون حراثة، وأن ثلثاً آخر تجري إدارته باتباع حراثة محدودة.

وتعاني ثلث التربة حول العالم من تدهور بنسب تتراوح بين المتوسط والمرتفع، حيث يقع أربعون في المائة منها في أفريقيا، في حين توجد معظم النسبة المتبقية ضمن مناطق منكوبة بالفقر وانعدام الأمن الغذائي. وتتطلب العلاقة المتداخلة بين التربة والصحة والأمن الغذائي إجراءات استراتيجية وفورية، خاصة على المستوى المحلي، لوقف تراجع نوعية التربة، وزيادة إنتاج الغذاء، وإنقاص انبعاث غازات الدفيئة.

ويشهد العالم انتشار ممارسات زراعة «ذكية كربونياً»، تقوم على زراعة الغطاء النباتي بهدف محاربة التغير المناخي، إذ تقوم شركات بشراء أرصدة الكربون المخزن في التربة الزراعية، فيحقق المزارعون عوائد مالية إضافية، ويحسنون من نوعية تربة حقولهم، ويوفرون في استهلاك المياه.

وكان تقرير «احترار عالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية» الذي صدر سنة 2018، عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، قد أكد أهمية استخدام تقنيات الانبعاث السلبي لخفض حرارة الكوكب عند تجاوزها عتبة 1.5 درجة مئوية زيادة عن حرارة الأرض قبل النهضة الصناعية. ويعد تخزين الكربون في التربة أحد تقنيات الانبعاث السلبي المجدية، من حيث الكلفة وسهولة التنفيذ.

وتدعم شركات مثل «مايكروسوفت» و«جنرال ميلز» ومؤسسة «ليوناردو دي كابريو» مبادرات التربة المناخية بملايين الدولارات، عبر إنشاء سوق لبيع أرصدة الكربون المخزن في التربة. وفي الولايات المتحدة، تعمل مدن مثل كولورادو وسان فرانسيسكو على إدراج تخزين الكربون في التربة ضمن خطط العمل الخاصة بالمناخ، كما توجد قوانين على المستوى الوطني لتشجيع المزارعين على تبني ممارسات صديقة للمناخ.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

تغير المناخ و"كورونا" يؤثران على أهم مهرجان تراثي في البيرو

دبلوماسية بريطانية تستشهد بوصية لأبي بكر الصديق للحد من تغير المناخ

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزراعة الذكية كربونياً بين زيادة الإنتاج ومواجهة تغيُّر المناخ الزراعة الذكية كربونياً بين زيادة الإنتاج ومواجهة تغيُّر المناخ



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
 العرب اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 06:36 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
 العرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 06:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
 العرب اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 05:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
 العرب اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة
 العرب اليوم - كريم عبد العزيز يفاجئ الجمهور في مسرحيته الجديدة

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 15:04 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن أعداد السوريين العائدين منذ سقوط نظام الأسد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صبحي يواجه أزمتين قبل نهاية العام ويكشف تفاصيلهما

GMT 08:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 06:53 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل تكشف نتائج تحقيق جديد حول مقتل 6 رهائن قبل تحريرهم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab