تجتمع لجنة البيئة النيابية بشكل استثنائي اليوم الخميس للبحث في مصدر ومخاطر تسرب الرواسب النفطية إلى الشواطئ اللبنانية، وتستمع اللجنة إلى الخبراء والمعنيين وطرق المعالجات البيئيّة والقانونية والدبلوماسية، بعد يومين على تحرك الخارجية اللبنانية التي طالبت الأمم المتحدة بالمؤازرة التقنية.
وكانت مادة «القطران» ظهرت على الشواطئ اللبنانية منذ يوم الاثنين الماضي بعدما أعلنت إسرائيل أنها تتعامل مع تسرّب نفطي مجهول المصدر، وبدا التسرب النفطي واضحا بالعين المجردة على المياه.
ويقول مسؤولون لبنانيون إن إسرائيل تقوم بالتعتيم على الموضوع ولم تخبر لبنان بهذا التسرّب فور حصوله عن طريق «اليونيفيل»، ويعتبرون أن إسرائيل تتحمّل المسؤوليّة بغض النظر إذا كان الموضوع مقصودا أو حادثا عرضيا وسواء كان مصدره أي باخرة أو منصة نفطيّة. ويهدد التسرب المنطقة التي تضم محميتين طبيعيتين تحتويان على أكثر من 200 نوع من النباتات والأعشاب النادرة على شاطئ المتوسط، وهما محمية صور ومحمية شاطئ البقبوق.
ولم تتحرك الوزارات المعنيّة على الأرض خلال الأيام الماضية وتركت الأمر لبلديات المنطقة وعدد من الجمعيات البيئية والمتطوعين رغم خطورة الوضع الذي تصفه عضو لجنة البيئة النيابية النائبة عناية عز الدين بالكارثة البيئيّة. وتؤكّد عز الدين في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ حجم الكارثة يفرض السرعة في المعالجة، وأنّه كان من المفترض بوزارتي البيئة والأشغال التحرّك سريعا فهما معنيتان بشكل مباشر ولو كانت الحكومة في حال تصريف الأعمال.
وأرسل المجلس الوطني للبحوث العلمية نسخاً من تقرير أعده عن التسرب النفطي والمناطق التي تأثرت به إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إضافة إلى الوزارات المعنية ليبنى على الشيء مقتضاه.
ويقول رئيس المجلس الدكتور معين حمزة لـ«الشرق الأوسط» إن التسرّب النفطي شكّل اعتداء على كل البيئة في جنوب لبنان، إذ تنتشر ما بين 4 و5 أطنان من مادة القطران السام على مساحة تتراوح ما بين 25 و30 كيلومترا بدءا من شاطئ الناقورة (على الحدود الجنوبية) ما يعني ضرورة البدء فورا بالمعالجة وعدم الانتظار.
ويشرح حمزة أنّ عملية التخلّص من هذه المواد مضنية ومكلفة لجهة تأمين العنصر البشري إذ تحتاج العملية ما يزيد على 100 شخص يعملون لمدة 5 أيام لتنظيف الشاطئ سريعا بهدف ضمان تخفيف الضرر البيئي على المدى البعيد بنسبة 80 في المائة، مشددا على رفض الاقتراحات المتعلقة باستعمال مذيبات كيماوية لأنها غير فعالة ولا تستعمل في البيئة البحرية، هذا فضلا عن أنّها بحد ذاتها مصدر للتلوث.
ويشير حمزة إلى أنّ جهود التخلص من القطران، والذي يتطلب انتباهاً في طريقة حفظه بعد إزالته منعا لكارثة بيئية أخرى، تقتصر حتى اللحظة على بلديات المنطقة والمتطوعين الذين توفّرت لهم المعدّات من قوات «اليونيفيل» ومنظمة أوروبية ومركز البحوث الذي ساهم بالتدريب أيضا، لافتا إلى أنّ جهود المتطوعين لا تكفي وإن كانت كبيرة.
وتحرك لبنان دبلوماسيا مساء أول من أمس لمواجهة الخطر البيئي إثر التسرّب النفطي الإسرائيلي، وأحالت وزارة الخارجية بناء لطلب رئيس مجلس الوزراء حسان دياب تقريرا أعدته الهيئة الوطنية للبحوث العلمية إلى مندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفيرة أمل مدللي لإيداعه المراجع المعنية في الأمم المتحدة.
ويبين هذا التقرير حجم الأضرار التي يمكن وصفها بالكارثة البيئية وقد تستغرق عملية إزالتها سنوات طويلة.
ووجه وزير الخارجية شربل وهبة رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسون، طالبا المساعدة التقنية للبنان، ومشددا على ضرورة قيام الأمم المتحدة بتحديد أسباب هذا التسرب وما الجهة المسؤولة عنه، ليتمكن لبنان من المطالبة بالتعويض عن الأضرار البيئية الجسيمة التي لحقت به والتي تعتبر كارثة بيئية لا طاقة له على معالجتها والحد من أضرارها المتمادية.
وتابع رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس التسرب النفطي الإسرائيلي، داعياً إلى «تقديم شكوى أمام الأمم المتحدة والمحاكم والمنظمات الدولية المختصة ضدّ الكيان الإسرائيلي وتحميله المسؤوليات والتبعات الناجمة عن هذه الجريمة البيئية». وأثنى برّي على «الجهود التي قام ويقوم بها متطوعو الجمعيات والأندية البيئية والكشفية»، مستغربا «الغياب اللامبرر لوزارة البيئة حيال هذه الكارثة الوطنية».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
المرزوق ينفي تحديد مصدر التسرّب النفطي في الخليج
أرسل تعليقك