جنيف ـ كونا
تتميز المحميات الطبيعية والحدائق البرية التي لا يتدخل الانسان في تركيبتها في مناطق جبال الالب بهدوء غير عادي اثناء فصل الشتاء خاصة وأنها تكون مغطاة بثلوج كثيفة بينما تختفي كائناتها الحية مستمتعة ببياتها الشتوي حتى يطل الربيع باسما.
لكن تلك المحميات الطبيعية والحدائق البرية لا تكون مغلقة أمام الزوار في موسم الشتاء رغم كثافة الثلوج التي تغطيها والتي لا تتم ازالتها على اعتبار انها دورة طبيعية يجب أن تأخذ مسارها دون تدخل من الانسان الا في حالات الطوارئ فقط.
ويقول مدير برامج الرياضة الشتوية في الحديقة البرية بمنطقة (غانتريش) في مرتفعات الالب وسط سويسرا شتيفان لانتس في مقابلة مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان "زوار هذه المحميات هم في الاساس اصدقاء للطبيعة ويختلفون عن اولئك الذين يزاولون الرياضات الشتوية في المناطق السياحية التقليدية ولذا فهم اكثر تفهما لعدم وجود اية اعمال انشاءات في تلك المناطق".
ويوضح لانتس ان "من يحرص على زيارة المحميات الطبيعية والحدائق البرية اثناء البيات الشتوي يعرف انه في مواجهة مع طبيعة حية ولكنها نائمة لا يجب ازعاجها ومن ثم يتخلى عن الكثير مما يمكن ان توصف بأنها مقومات صناعة السياحة مثل العزوف عن استخدام السيارات الخاصة وكثرة المطاعم والمقاهي".
وتبدأ زيارة الحديقة البرية بأن يترك الزائر متعلقاته في مستودع على مدخلها ليتسلح بأحذية السير فوق الجليد والعصي الخاصة التي يساعد الاتكاء عليها في حفظ التوازن اثناء السير او استعمال زحافات الجليد والخوذة الواقية للرأس لمن يعتزمون التزلج السريع وذلك مقابل رسوم زهيدة مقارنة مع التكاليف الباهظة في مناطق التزلج السياحية.
ويحرص الزوار على اتباع خطوط السير التي يرسمها القائمون على المحمية الطبيعية كي لا يدخلوا الى مناطق غير آمنة او المناطق التي تستخدمها الحيوانات في بياتها الشتوي حتى لا تصاب بأذى كما يجد الزوار لوحات ارشادية عند تقاطع الطرق لمعرفة الاتجاهات نظرا لان الثلوج تغطي المنطقة بالكامل.
ويجد الزائر على مسافات متباعدة اكواخا جبلية بسيطة بدائية تماما يمكنه الاستراحة فيها بعد السير او التزلج في حين تستخدمها المجموعات الزائرة كنقطة تلاق اذا ما افترقت اثناء السير وفي اكواخ اخرى يوجد عدد من المتطوعين لتقديم مساعدة اولية في حال وقوع حوادث مثلا او لمن يحتاجون الى ارشادات عن المنطقة.
ويقول لانتس ان "مناطق الرياضات الشتوية التقليدية يطالها تدخل من الانسان لإزالة الثلوج من الممرات التي يستخدمها الناس او اضافة ثلوج اصطناعية لزيادة كثافة الموجود منها على الارض كما تكون حافلة بالمنشآت الرياضية وملحقاتها من مطاعم او فنادق ما يقلل من التركيز على الطبيعة في مقابل الاهتمام بالخدمات والامكانيات المقدمة للسائح".
ويتابع "في المقابل لا يمكن السماح لكل تلك الانشطة في المحميات الطبيعية او الحدائق البرية التي يكون الاقبال عليها من شريحتين من الزوار اما عشاق الطبيعة والباحثين عن الهدوء او من هواة رصد ومتابعة الحياة البرية اثناء البيات الشتوي".
وتثير الاشجار المغطاة بالثلوج الكثيفة تساؤلا بديهيا حول صمودها في درجات حرارة دون الصفر ما يعني تجمدا كاملا كما ان وزن الثلوج المتراكمة يؤثر بالتأكيد على فروع تلك الاشجار واغصانها.
ويوضح خبير الغابات السويسري فريتس برولهارد ل(كونا) ان الاشجار ايضا تمر بمراحل بيات شتوي ومثلما تتهيأ الحيوانات له بتخزين الغذاء والتقليل من وظائف اعضائها تفعل الاشجار الشيء ذاته ولكن بما يتناسب مع طبيعتها الفسيولوجية.
ويؤكد ان الثلوج الكثيفة تشكل بلا شك وزنا زائدا على الاشجار وعبئا كبيرا عليها ولكنها تتكيف معه في حين تفقد بعض الاشجار اغصانا وفروعا خلال الشتاء يتم تعويضها في الربيع من خلال دورة حياتها الطبيعية.
ويعتقد زائر تلك الحدائق البرية والمحميات الطبيعية في مرتفعات جبال الالب اثناء البيات الشتوي انها قد خلت الا من الثلوج بيد ان اقتراب الربيع وذوبان الثلوج يكتشف ان تلك الطبيعة كانت نائمة ثم تستيقظ مكسوة بحلة الربيع الخضراء.
ومن يزر تلك المناطق في بياتها الشتوي مستمتعا بالهدوء ولون الثلوج الابيض يعد اليها في الربيع والصيف ليمتع ناظريه بزهورها اليانعة وثمار اشجارها الدانية ويشنف اذنيه بأصوات الطيور وهي تتخاطب بأعذب الالحان.
أرسل تعليقك