كشفت دراسة أمريكية حديثة أن استخدام قوات الاحتلال الصهيونية المستمر للغاز المسيل للدموع في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين يدمر الصحتين الجسدية والنفسية للفلسطينيين، ولاسيما النساء والأطفال والمسنين.
وأوضحت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا بيركلي الأمريكية ونشروا نتائجها على موقع الجامعة أن مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية هو أكثر المناطق تعرضا للغاز المسيل للدموع على مستوى العالم.
وأشارت إلى أن المخيم يتعرض باستمرار، كغيره من المناطق المحتلة، لإطلاق قنابل الغاز، لكن الأمر ازداد سوءًا منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في 6 ديسمبر/ كانون أول الجاري، الاعتراف بالقدس عاصمة "لإسرائيل"، حيث تطلق قوات الاحتلال قنابل الغاز في المخيم يوميا، لقمع احتجاجات فلسطينية على القرار.
ولرصد تأثير الإطلاق الكثيف لقنابل الغاز على صحة سكان المخيم، أجرى فريق البحث مسحًا ميدانيًا على سكان المخيم، شمل 236 شخصًا، فضلًا عن 10 مجموعات أخرى من السكان تركزت في مخيمي عايدة والدهيشة جنوب شرقي بيت لحم، خلال أغسطس/ آب الماضي.
وحملت الدراسة عنوان "لا مساحة آمنة: الآثار الصحية للتعرض للغاز المسيل للدموع بين اللاجئين الفلسطينيين".
وكشفت النتائج أن 100٪ من السكان الذين شملهم الاستطلاع تعرضوا للغاز المسيل للدموع، العام الماضي، حيث تعرض 84.3٪ منهم للغاز وهم في منازلهم، بينما أفاد 9.4٪ أنهم استنشقوا الغاز وهم في أماكن العمل، و10.7٪ وهم في المدارس، و8.5٪ وهم في السيارات.
وكشفت الدراسة أن الآثار الجسدية للغاز المسيل للدموع على الفلسطينيين، صغارًا وكبارًا، تمثلت في فقدان الوعي، الإجهاض، صعوبات في التنفس، بما فيها الربو والسعال، والدوار، الطفح الجلدي، الألم الشديد، التهاب الجلد التحسسي، الصداع، التهيج العصبي، والصدمة الحادة من إصابات الأوعية، وغيرها.
وأفادت عدد من السيدات في مخيم عايدة بأنهن تعرضن للإجهاض بعد فترة وجيزة من تعرضهن للغازات المسيلة للدموع.
أما آثار الغاز على الصحة النفسية، فتمثلت في الضائقة النفسية التي أدت إلى اضطراب النوم، واستجابات التوتر الحادة، واضطراب الإجهاد المزمن والصدمة.
وعن آثار الغاز على الحياة اليومية للأطفال والمعلمين في المدارس، فقد أفاد الأطفال والمعلمون بأنهم غير قادرين على القيام بأنشطة مدرسية خلال إطلاق قوات الاحتلال للغاز على المخيم، حيث يدخل الغاز بانتظام إلى المباني والمجمعات المدرسية.
وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) بيار كراهينبوهل إن نساء مخيم عايدة يلجأن إلى تخبئة أطفالهن في غرف المنازل عند إطلاق الجنود الغاز لحمايتهم من الاختناق بعد تشبع الغرف بسحب الغاز.
وخلص الباحثون إلى أن قوات الاحتلال تستخدم الغاز المسيل للدموع بطريقة واسعة الانتشار ومتكررة وعشوائية، وقد تكون مخالفة للقواعد الدولية.
وقال الباحث الرئيس في الدراسة روهيني هار إن "الدراسة كشفت أنه لم يسبق من قبل أن استخدمت هذه الكميات من الغاز المسيل للدموع في منطقة ما حول العالم، طوال هذا الوقت من الزمن".
وأضاف "هذه الكمية من الغاز المسيل للدموع يتم إطلاقها على هذه الأحياء الفقيرة الصغيرة ليس على مدى أسابيع، ولكن بضع سنوات، أنا لم أر أو أسمع عن ذلك في أي مكان آخر في العالم".
ودعا القائمون على الدراسة قوات الاحتلال إلى التوقف فورًا عن استخدام الغاز المسيل للدموع بطرق تزيد من خطر الإصابة والوفاة غير المبررة، مثل إطلاق القنابل مباشرة على الفلسطينيين أو استخدام الغاز في أماكن ضيقة في ظل وجود طرق محدودة للهرب.
كما دعوا إلى تجريم إطلاق الغاز على المناطق السكنية وبالقرب من المدارس أو المستشفيات أو بالقرب من المسنين أو غيرهم ممن قد يجدون صعوبة في الفرار.
وشدد الباحثون على ضرورة أن تكشف الحكومة الإسرائيلية عن معلومات بشأن أنواع المهيجات الكيميائية المستخدمة في الضفة الغربية، بما في ذلك تركيبها الكيميائي، ليتمكن المختصون من تقديم العلاج المناسب للمصابين باختناقات الغاز.
أرسل تعليقك