تسعى شركات السيارات العالمية باستمرار إلى خفض معدلات استهلاك الوقود، والحد من الانبعاثات الضارة، من خلال تطوير موديلات هجين و سيارات كهربائية تستمد طاقتها من بطاريات أيونات الليثيوم، إلا أن شحنة هذه البطاريات لا تكفي لقطع مسافات طويلة، وبالتالي يتعين على الشركات العالمية تطوير وتحسين خلايا تخزين الطاقة، حتى تتمكن الموديلات الكهربائية من تحقيق النجاح على المدى الطويل.
وأعلنت شركة " سيكيسيو كيميكال " اليابانية في نهاية العام الماضي عن تطوير بطارية توفر طاقة كهربائية لقطع مسافة تزيد بمقدار ثلاث مرات مقارنة بالموديلات الحالية، علاوة على أنها أقل تكلفة وأكثر مقاومة للصدمات، ويعد ذلك بمثابة ثورة في عملية تطوير البطاريات القابلة لإعادة الشحن.
ولم يقتنع أندرياس فورسيغ، الباحث المتخصص في تقنيات السيليكون بقسم أنظمة الطاقة المتكاملة التابع لمعهد فراونهوفر الألماني تماماً بمثل هذه التصريحات، وأضاف قائلاً: "لا يمكن توقع ظهور بطارية معجزة في المستقبل القريب.
ويجب علينا التركيز على التقدم التدريجي والتطوري بدلاً من التقدم الثوري"، وقد زادت في الآونة الأخيرة كثافة الطاقة في بطاريات أيونات الليثيوم التي تعتمد عليها جميع شركات السيارات تقريباً.
وفي حين تكفي سعة خزان الوقود في السيارات المزودة بمحرك بنزين أو ديزل لقطع مسافة تزيد على ألف كيلومتر في كثير من الأحيان، تنخفض المسافة المقطوعة في السيارات الكهربائية عن ذلك بكثير، حيث أعلنت شركة فولكس فاغن الألمانية مثلاً أن مدى السير بسيارتها E-Golf الكهربائية يصل إلى 190 كيلومتراً.
علاوة على أن مدى السير بالموديلات الكهربائية ينخفض بشدة إذا كانت السيارة محملة أو كانت الأجواء الخارجية باردة. وأعلنت شركة تسلا الأمريكية، الرائدة في عالم السيارات الكهربائية، أن شحنة البطارية في سيارتها Model S الفاخرة تكفي لقطع مسافة تصل إلى حوالي 500 كيلومتر.
وأضاف أندرياس فورسيغ أنه يمكن التفاؤل بزيادة مدى المسافة المقطوعة بالسيارات الكهربائية بشكل ملحوظ، إلا أن ذلك لن يتم بين عشية وضحاها، ولقد تم بالفعل تطوير البطاريات كثيراً. وأوضح رالف غيليس من الجامعة التقنية بمدينة ميونيخ الألمانية قائلاً: "يمكن لبطارية أيونات الليثيوم تخزين طاقة تزيد بمقدار ثلاث أو أربع مرات مقارنةً ببطارية النيكل كادميوم".
وقد تم حظر استعمال بطارية النيكل كادميوم في جميع بلدان دول الاتحاد الأوروبي حالياً بسبب مادة الكادميوم السامة، وتم استخدام مثل هذه البطارية في سيارة ستروين AX Electrique إنتاج عام 1993، التي يمكنها قطع مسافة تصل إلى 40 كلم.
تطور مستقبلي
ولا يستبعد الباحثون الألمان حدوث تطور كبير في بطاريات السيارات الكهربائية خلال الخمس سنوات القادمة، بحيث يصل مدى السير إلى قيم تنافسية تبلغ 700 كلم، وهذا ما أكدته دراسة حديثة للجامعة التقنية في ميونيخ، نظراً لارتفاع عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع المتعلقة بوحدات التخزين الكهروكيميائية في السنوات الأخيرة في جميع أنحاء العالم، وتنصب أغلب هذه الطلبات على مجال بطاريات أيونات الليثيوم.
وتخطط شركة تسلا في الوقت الحالي بالتعاون مع شركة باناسونيك إلى إنشاء مصنع عملاق بولاية نيفادا الأمريكية. ويتم في هذا المصنع إنتاج بطاريات أيونات الليثيوم للموديل التالي الذي سيتم إنتاجه بأعداد كبيرة. وأعلنت شركة تسلا أن تكلفة البطاريات الجديدة تنخفض بشدة لكل كيلووات ساعة.
كبريت الليثيوم
وعلى المدى الطويل يرى أندرياس فورسيغ أن هناك تقنية أخرى يمكن الاعتماد عليها في إنتاج البطاريات المخصصة للسيارات الكهربائية، وهي بطاريات كبريت الليثيوم. وأكد الخبير الألماني أن هناك بالفعل العديد من النماذج الاختبارية الواعدة، والتي يمكن أن تصل إلى مرحلة الإنتاج القياسي في غضون خمس إلى عشر سنوات. وعن طريق هذه البطاريات يمكن زيادة كثافة الطاقة بشكل ملحوظ إلى ما يزيد على 350 وات ساعة/كجم، وهو ما تحقق بالفعل في النماذج الاختبارية.
وأشار الخبير الألماني إلى أن سيارة كيا Soul EV تتربع على عرش السيارات الكهربائية من حيث كثافة الطاقة التي تبلغ 200 وات ساعة/كجم، ثم تتبعها سيارة فولكس فاغن E-Golf بقيمة 130 وات ساعة/كجم، ومع ذلك تنخفض هذه القيم بشكل ملحوظ في الواقع، نظراً لأن تبريد البطارية يحتاج إلى كمية من الطاقة.
أرسل تعليقك