استغل عدد كبير من مالكي الحضانات حاجة العائلات وقاموا برفع الأسعار بشكل "جنوني"، الأمر الذي أغضب عدد كبير من العائلات، وطالبوا وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالتدخل الفوري لوقف تلك الزيادات غير المُبررة والمفاجئة ومحاسبة المتسببين بها، كما طالبوا بضرورة تفعيل وتشديد الرقابة من الجهات المُختصة على الحضانات وروض الأطفال؛ للحدّ من ارتفاع أسعارها الُمبالغ فيه.
وأكد عدد من المالكين أنّ الجهات المُختصة المُشرفة على الحضانات سمحت لهم برفع الأسعار بنسبة من 3 إلى 5 %، مُشيرين إلى أنّ ارتفاع أسعار الإيجارات والنفقات أدت إلى رفع أسعار الحضانات.
أعباء الأسرة
وفي المقابل ذكرت عدد من العائلات أنّ ارتفاع الرسوم في أغلب الحضانات أصبح ضمن الأعباء التي تُثقل كاهل الأسرة، كما أنّ معظمهم رفع رسوم التسجيل؛ فبعض الحضانات التي كانت رسومها 1500 ريال قطري في العام الماضي أصبحت الآن 1800 ريال قطري شهريًا، وبعض الحضانات التي تمّ افتتاحها مؤخرًا تصل رسومها إلى 2250 ريال شهريًا، فضلاً عن رسوم الباص والتسجيل، وتساءل بعض المواطنين على أي أساس تتفاوت أسعار الحضانات وروض الأطفال، وهل يتمّ إخطار وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتلك الزيادات التي تفرضها الحضانات على العائلات كل عام.
وأشار عدد منهم أنّ روض الأطفال يتم التعامل معها وكأنها مشروع تجاري؛ حيث لا يقومون بالدور التربوي، الذي أُنشأت من أجله من أجله الحضانات، بل أصبحت تستغل حاجة الأمهات اللاتي تخرجنّ للعمل لترفع أسعارها بشكل سنوي، لافتين إلى أنّ بعض العائلات قد تضطر لوضع أبنائهم لدي بعض السيدات اللاتي يقمنّ باستقبال الأطفال في بيوتهنّ التي لا يوجد بها أدنى اشتراطات الأمن والسلامة، ولكن سعرها أقل بكثير عن الحضانات، التي لديها ترخيص وقد ساعد في ذلك انتشار الإعلانات في الصحف وعلى مواقع الإنترنت المختلفة، عن ظاهرة استقبال السيدات للأطفال في بيوتهنّ.
واقترح البعض أنّ تُنشئ كل وزارة أو مؤسسة أو مدرسة حضانة تابعة لها تستطيع الأمهات العاملات أنّ يضعنّ أطفالهن بها، وهناك العديد من النماذج في بعض الدول العربية والأجنبية على أنّ تكون تلك الحضانات مُهيأة بشكل كامل مع إشراف صحي وتعليمي جيد، مما يجعل المرأة تشعر بالهدوء والرضا النفسي والذي سوف ينعكس بشكل إيجابي على عملها.
ويذكر الإعلامي أحمد المهندي أنّ "معظم الحضانات وروض الأطفال الموجودة غير نظامية وغير مُهيأة لتنشئة أطفالنا في بيئة صحية وآمنة"، لافتًا إلى أنه لا توجد رقابة حقيقية على كيفية عمل هذه الحضانات؛ فعدد الحضانات غير المُرخّصة في الدولة أكبر بكثير من عدد الحضانات المرخصة، وأشار إلى ضرورة تشديد الرقابة والتفتيش على هذه الحضانات التي تعمل بشكل عشوائي وتنتشر داخل الفرجان، فضلًا عن أنّ ارتفاع أسعار رسوم الحضانات المُرخّصة عام بعد عام أدى إلى ظهور السيدات اللاتي يستقبلنّ الأطفال في بيوتهنّ، التي لا توجد بها أدنى اشتراطات الأمن والسلامة، ولا تُكون بيئة صحية لنمو أطفالنا الذين هم لبنات المستقبل.
ويرى المهندي أنّ الأشراف الموجود حاليًا على الحضانات يعتبر إشراف خدمي، بدليل أنّ هناك حضانات مُرخّصة، حيث نجد أنّ المبنى غير مُناسب من ناحية اشتراطات الأمن والسلامة ووسائل الترفيه التي تعتبر غير آمنة، فضلًا عن الإشراف الصحي وأهميته، موضحًا أنه يجب تفعيل دور الجهات المُختصة من خلال تشديد الرقابة والتفاعل مع أولياء الأمور للحدّ من ارتفاع الأسعار ووضع أسعار موحدة لكافة الحضانات، مع ضرورة الزامهم بالأسعار التي أصبحت تزداد عامًا بعد عام حتى أصبحت عبئًا كبيرًا على الأهالي الذين يلجئون للحضانات غير المُرخصة أو للسيدات التي تستقبل الأطفال في البيوت؛ نظرًا لأنهم أرخص سعرًا، وقد يكون مكانها أقرب إلى محل سكنه أو عمله.
واقترح المهندي أنّ تنشئ كل وزارة أو مؤسسة أو مدرسة حضانة تابعة لها تستطيع الأمهات العاملات أنّ يضعنّ أطفالهنّ بها وتكون تلك الحضانات مهيأة بشكل كامل مع إشراف صحي وتعليمي جيد، على غرار الموجودة في كثير من الدول المجاورة وقد لاقت نجاحًا كبيرًا، مُعربًا عن أمله في تطبيقها في الدوحة، مشيرًا إلى أنه في حال تطبيق ذلك سيساهم بشكل كبير في القضاء على دور الحضانات غير المُتخصصة، حيث إنّ المحافظة على الأطفال أمانة يجب أنّ يتحملها الجميع.
لا توجد رقابة
وتقول الكاتبة فاطمة الغزال أنّه لا توجد رقابة جادة وفعلية على ارتفاع أسعار الحضانات، بدليل أنّ الأسعار دائمًا في ارتفاع كبير، فضلًا عن أنّ الكثير من الحضانات وليست جميعها غير صالحة وبيئتها غير آمنة للأطفال، موضحة أنّ العديد من الأسر تعتمد على الحضانات في إرسال أبنائهم لها أثناء عملهم في الفترة الصباحية، الأمر الذي جعل العديد من المستثمرين يقومون بإنشاء دور حضانة كمشروع استثماري أكثر منه مكانًا لتطوير مواهب الأطفال واكتشافها.
وقالت أنه يوجد العديد من الخطوات التي تقوم بها معظم الحضانات لاستنزاف جيوب الأهالي مثل استمارات التسجيل التي تتراوح من 350 إلى 1000 ريال، وأيضًا ما يُسمى برسوم اختبارات مرحلة الروضة التي تتراوح من 100 إلى 200 ريال، علاوةً على حجز مقعد وغيرها من المصروفات التي تثقل كاهل أولياء الأمور.
وتساءلت عمّا إذا كان لدى المواطن أو المقيم 5 أبناء، فكيف يستطيع مواكبة هذا الارتفاع المبالغ فيه، وطالبت الجهات المعّنية بضرورة توحيد الأسعار مع تشديد الرقابة والمتابعة على كيفية عمل دور الحضانات، التي لا تُقدم للأطفال أي تعليم بل تقتصر على الجلوس واللهو فقط، وأشارت إلى أهمية خضوع طقم التدريس والعاملين بالحضانات إلى دورات تأهيلية وتعليمية عن كيفية التعامل مع الأطفال.
3% نسبة الزيادة
وأكدت مديرة إحدى الحضانات الخاصة، شيريهان الطحاوي، أنّ الجهات المُخّتصة سمحت لنا هذا العام برفع الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 3 إلى 5 %؛ نتيجة ارتفاع الإيجارات والنفقات واستقطاب فريق عمل وطاقم تدريس من الخارج فضلاً عن التكاليف المُرتفعة للكتب المستوردة التي تستخدم في المناهج سواء الأميركية أو البريطانية.
وشددت الطحاوي على وجود تفتيشات مُستمرة من الجهات المُخّتصة على المناهج وبيئة العمل، كذلك تفتيشات من الصحة على اشتراطات الأمن والسلامة والذين يقومون بدورهم الفعّال بمرقابة صيانة المبني ووسائل الترفيه وكل ما يتعلق بأمن وسلامة الأطفال.
وأشارت الطحاوي إلى أنّ أسعار الحضانات تختلف من حضانة لأخرى؛ حيث أنها تعتمد على عُمر الطفل والخدمات المقدمة المتوفرة داخل الحضانة، والتي يستفاد منها الطفل، مؤكدة على أنّ غالبية الحضانات حريصة على توفير الرعاية كاملة للأطفال، باعتبار أنهم أمانة في أعناقهم سيحاسبون عليها أمام المولى عز وجل وبالتالي فإنّ أسعار بعض الحضانات مُناسبة للكثير من العائلات والأسر، والدليل على ذلك أنّ هناك إقبال كبيرًا مع انطلاق موسم الدراسة ونزول المعلمات إلى دوامهم الرسمي؛ حيث أنّ الغالبية منهنّ يفضلنّ اصطحاب أطفالهنّ إلى الحضانة ولا يرغبنّ في جلب خادمة إلى المنزل للجلوس مع الأطفال.
أرسل تعليقك