بغداد - نجلاء الطائي
يحمل طلاب الفنون على عاتقهم مسؤولية إبراز قيمته وإثارة الهواجس المميزة داخل الجمهور، ولكن هناك بعض التساؤلات بشأن اضمحلاله وهبوطه بسبب منتجيه، فهل يرجع ذلك إلى اختلاف العصر أم اختلاف الاهتمامات أم لقلة الدعم وعدم توافر القاعات أم لدور الجامعة في تخريج كفاءات تأخذ على عاتقها مواصلة المشوار.
ويؤكد أحمد مدرسي معهد الفنون الجميلة، أحمد الياور: "العلاقة بيننا وبين طلابنا علاقة صداقة تربطها الأحاسيس وتلونها الفرشاة والقلم والألوان، طلاب المعهد حقيقة قليلاً منهم من يأخذ الفن بشكل جدي، ونادرًا ما يظهر من يصلح أنَّ نطلق عليه فنانًا، والسبب يعود إلى وزارة التربية، لأنها أغلقت بقية المعاهد الطلابية، مما اضطر الطالب إلى اللجوء للدراسة في معهد الفنون، وهدفه الأساس تحصيل الشهادة لا أكثر، وقد يكون السبب افتقاره للموهبة أو عدم وجود الرغبة والميل والحب لدراسة الفنون".
ويضيف الياور: "هنا أرى الفرق، قديمًا كان القادمون يأتون لدراسة الفنون حاملين الموهبة والاندفاع، لذلك نجحوا، وكان أكثر الخريجين ينخرطون في المجال الفني، بينما الآن قد يخرج من الدفعة كلها طالب واحد يستحق أنَّ يكون فنانًا حقيقيًا".
فيما قال رئيس قسم التصميم الدكتور إحسان العبودي: "الظروف المحيطة بالطالب أثرت في حبه للفن أو على درجة إبداعه، والتكنولوجيا الحديثة كان لها انعكاسات سلبية على الفن، فقد ولدت إهمالًا لدى الطالب للعمل والإنتاج، والطالب المنتج الآن يخضع كثيرًا للبيئة الصعبة التي يعيش داخلها، فنجد أكثر الرسومات أو النتاجات تميل للقسوة وإبراز الظلم بعيدًا، عند إبراز العواطف ومشاعر الحب التي شاعت عند الجيل القديم الذي كان اهتمامه جادًا وأفكاره واضحة ومشاعره مستقرة".
وكان لأحد مدرسي المعهد- قسم السينما، كريم الهدر رأي آخر؛ إذ قال: "القسم يعد شبابًا منتجًا، بالرغم من قلة المعدات، ففي ظل غياب العمل الاحترافي السينمائي في العراق مذ سنوات الحصار التي أثرت بشكل سلبي كبير في السينما في البلد، يخرج المعهد شبابًا يمتلك مهارات ومعارف صقلت في خمس سنوات مع الدعم والدراسة، تتم متابعتم منذ الوهلة الأولى من إعطاء الفكرة السينمائية إلى حين إعداد الفيلم، وبعد تخرجهم يكونون جاهزين لممارسة العمل الفني السينمائي".
وتابع: "السينما تحتاج إلى تكاليف مالية ضخمة، وهذا ما نفتقره في العراق منذ مدة طويلة، الطالب يدرس في قسم السينما خمس سنوات، ويختار قسمه في السنة الثالثة، التي يجب أنَّ يحدد فيها ماذا يريد أنَّ يكون مخرجًا أم مصورًا وبعدها يقدم مشروعه وهو فيلم سينمائي، يعده مع متدرب في مراحله كلها ابتداء من اختيار الفكرة والسيناريو، يدعمهم القسم بالمرتبة الأولى وبعدها لجنة السيناريو، وبالنسبة إلى الموضوع الذي يطرح فنحن الآن نجد نوعًا من التحرر قياسًا بالأيام الماضية ولكن يخضع الطالب إلى القيم الأخلاقية والمجتمعية عند طرحه لها، وبالرغم من كون السينما في العراق الآن شبه منتهية فهذا لا يؤثر في الطالب، لكن يحفز الموهوبين والجادين من الطلاب لإبراز أنفسهم".
ويرى الفنان التشكيلي عادل جابر أنَّ الطالب عندما يدخل معهد الفنون ليكون فنانًا، يجب أنَّ تكون لديه موهبة، ومن ثم يأتي دور الأساتذة في صقل الموهبة، ووضعهم على الأسس الصحيحة التي سار عليها القدامى، العصر الآن وما حصل فيه من تطورات أثرت في الفنون جميعها والفن التشكيلي، فقد أصبح الطالب أو الفنان بصورة عامة يستلهم الأفكار والمواضيع من الانترنت، ويعدل الألوان والأشكال ببرامج الحاسوب، يختصر الوقت وتظهر النتائج بصورة أروع.
ويشير رئيس قسم الموسيقى التدريسي إنمار العمار: "قسم الموسيقى هو الأساس في معهد الفنون الجميلة، يتعلم فيه الطلبة تاريخ وأصول الآلات الغربية كالبيانو والكمان والشرقية؛ كالعود والقانون والناي، وأجد معظم طلاب الفنون يأتون بنية الحصول على الشهادة الدراسية، ولعل هذا عائد إلى الفكرة الخاطئة التي تقول إن قسم الموسيقى يخرج غنائيين وعازفين لكنهم يفاجئون بالمناهج الصعبة التربوية والفنية العديدة التي يدرسونها لكي يكونوا تدريسيين هنا ولذلك قد يحصل بعض التكاسل أو عدم الجدية في التقدم".
ويذكر الطالب فادي ماهر: "لابد من أنَّ يكون هناك محبة للمجال لكي تبدع فيه كذلك لابد من وجود دعم للفن لكي يبرز ويصقل ويحلق، على الجهات المسؤولة والمؤسسات الداعمة للفن أنَّ توفر قاعات ومسارح ووفرة مادية ليستطيع الطالب أنَّ يظهر موهبته.
فيما يرى الطالب سامي جلال أنَّ "هناك اختلافًا في النظرة للفن قديمًا وحديثًا بسبب كثرة انشغالات الجيل الحالي، ومن ثم ابتعاده عن الفنون، وقد يكون السبب تكاسل بعضهم وتركيز همهم للحصول على الشهادة".
أرسل تعليقك