المدرسة العمرية في دمشق تاريخٌ زاهر وواقعٌ مرير
آخر تحديث GMT14:06:52
 العرب اليوم -
قرعة الدور الفاصل لدوري أبطال أوروبا تسفر عن قمة نارية بين مانشستر سيتي وريال مدريد مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني يقول إنه سيتم الإفراج عن السجناء الفلسطينيين مساء الخميس رئيس هيئة قناة السويس يعلن جاهزية الملاحة البحرية للعودة تدريجياً في البحر الأحمر حركتا "الجهاد" و"حماس" تسلمان محتجزَيْن إسرائيليَّيْن إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في خان يونس المحتجزان الإسرائيليان موجودان بموقع التسليم في خان يونس جنوبي قطاع غزة في انتظار سيارات الصليب الأحمر إخراج إحدى الرهائن من ركام جباليا وحماس والجهاد تتجهزان لتسليم رهائن من أمام منزل السنوار الانتهاء من تسليم محتجزة إسرائيلية في جباليا شمالي قطاع غزة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر استعدادات في خان يونس جنوبي قطاع غزة للإفراج عن محتجزين إسرائيليين متحدث باسم الجناح العسكري لحركة الجهاد يعلن الانتهاء من الإجراءات تمهيدا لتسليم اثنين من المحتجزين المقرر إطلاق سراحهما اليوم مسلحون فلسطينيون يبدأون بالانتشار في الموقع الذي من المقرر أن يشهد تسليم الرهائن في جنوب غزة
أخر الأخبار

المدرسة العمرية" في دمشق تاريخٌ زاهر وواقعٌ مرير

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - المدرسة العمرية" في دمشق تاريخٌ زاهر وواقعٌ مرير

المدرسة العمرية
دمشق - العرب اليوم

المدرسة مؤسسة شاملة يتلقى فيها الناشئة التربية والتوجيه والتعليم في المجالات كافة، يحدِّد المجتمع أهدافها ومعالمها، وترمي إلى إكساب الطالب كماً من المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم، وتطوَّرت بمرور الزمن حتى باتت اليوم نظاماً متكاملاً يضمُّ مجموعة من العناصر المادية، كالبناء المدرسي والتجهيزات والتقنيات اللازمة وغيرها، والعناصر البشرية كالطلبة والمعلمين والإداريين. هذا المفهوم العام للمدرسة كان موجوداً في الحضارة العربية الإسلامية، ولكنه كان من مهام المساجد وبيوت العلماء، التي انتشرت في كلِّ الأصقاع والبلدان ومنها دمشق، التي يحفل تاريخها بظهور عشرات المدارس، ومنها المدرسة العمرية التي أستعرض تاريخها في هذه المقالة، وصولاً إلى وضعها الراهن، راجياً أن يتذكر كرام القارئات والقراء ما نسوه، وأن يتعرفوا على ما لا يعرفونه.

في سنة 551 هـ، 1157 م وصلت أول قافلة مهاجرة من بيت المقدس إلى دمشق، هرباً من جور الفرنجة وحكمهم، يرأسها كبير قرية جمَّاعيل وفقيهها الشيخ أحمد بن قدامة المقدسي، ثم تتابعت هجراتهم، وبلغ عددهم المئات، نزلوا قرب دمشق أولاً في موقعٍ غير صحي، ومات عددٌ منهم، فانتقلوا إلى سفح جبل قاسيون غير بعيدٍ من مدينة دمشق على مقربةٍ من نهر يزيد، وبنوا لهم داراً ضمت عدداً كبيراً من الحجرات دعيت بـ: «دير الحنابلة»، ثم شرعوا في بناء أول مدرسةٍ في الجبل عُرِفت بـ: «المدرسة العمرية»، وتتابع البناء حولها، وساعد في ذلك السلطان الصالح نور الدين محمود بن زنكي، ثم الملوك الأيوبيون من بعده وخواتينهم (زوجاتهم)، فبنوا عدة مدارس ومساجد، وانقلب الجبل إلى ضاحيةٍ مزدهرة بالعلم والعمران، ناضرةٌ بالقصور والأشجار والأزهار، ودعيت بـ: «الصالحية» نسبة لأولئك المقادسة الذين عرفوا لعلمهم وتقواهم بالصالحين.

تقع المدرسة العمرية على سفح جبل قاسيون، في وسط حيِّ الصالحية شمال غرب مدينة دمشق، وتبعد عن مركزها نحو أربعة كيلومترات، بين مسجدي «الشيخ محيي الدين ابن عربي» و«الشيخ عبد الغني النابلسي»، في منعطفٍ ضيِّق يسمَّى دخلة العمرية، عند الموقف الأخير لحافلات خط مواصلات (شيخ- ميدان). وكما عُرِفت بـ: «العمرية» نسبةً إلى أبي عمر، فقد قيل عنها إنها: «المدرسة الشيخية» نسبةً إلى شيخ الإسلام أبي عمر، وهي أيضاً المدرسة الشيخة لأنَّها شيخة المدارس.

أنشأ المدرسة العمرية عام 557 هـ، 1162 م الشيخ أبو عمر محمد بن أحمد بن المقدسي الصالحي، (528 – 607 هـ، 1134 – 1211 م)، ونُسبت إليه، دُرِّسَ فيها القرآن والفقه، وتوالى عليها عددٌ كبيرٌ من المدرسين والخطباء، وفضلها لا يمكن حصره، وما ذُكِرَ من وصفها وفضائلها وبركتها وبركة النازلين فيها لا يفي بحقها، ففيها تخرَّج الآلاف من الفقهاء والقراء والمحدِّثين، وضمَّت في غرفها نحو ألف طالبٍ في وقتٍ واحد، وكان مدرسوها وشيوخها من أعاظم الشيوخ، وما من حنبلي في دمشق أو فلسطين إلا وأخذ منها علماً وافراً، حتى كانت الرحلة إليها من الأقطار الإسلامية شرقاً وغرباً مما يتنافس فيه المتنافسون، وفيها كانت حلقات العلم بكلِّ جانبٍ من جنباتها، وفيها أُلِّفَت المؤلفات الكثيرة والكبيرة، ثم انتشرت في العالم الإسلامي. وإذا كان واقفها أراد لها أن تكون خاصة لتعليم القرآن، والفقه الحنبلي، ومضت كذلك أكثر من قرنين على هذا النهج، إلا أنها صارت بعد ذلك جامعةً لكلِّ المذاهب الأربعة.

وهي المدرسة الجامعة لكلِّ التخصصات في العلوم الإسلامية والعربية، فيها يتدرَّج الطالب المبتدئ في تلقي العلوم حتى يصل إلى مرتبة الشيوخ الكبار، وفيها قسمٌ لتعليم المكفوفين، وقسمٌ لعامة الناس لتعليمهم قراءة القرآن وتلاوته، وكانت تلاوة القرآن مستمرة فيها ليل نهار من دون انقطاع. وقد أوقف المحسنون الأوقاف اللازمة لها، لكي تفي بمتطلبات مناهجها في التعليم، وكانت من الكثرة بحيث لا يمكن حصرها ولا طرائق صرفها، ولم تكن تخلو سنة إلا ويحدث فيها وقفٌ جديد لتحقيق غايةٍ علمية معينة، فهي أشبه بجامعة تضمُّ كلياتٍ عدة لمختلف فئات الطلبة وطبقاتهم ومستوياتهم. وكان الطالب لا يُقبل فيها إلا إذا تمتع بالسلوك الحسن والأدب والتقوى، ومن أموال الوقف كان يُخصَّص له متطلبات معيشته ودراسته. وكان لها مكتبة خاصة عامرة بآلاف الكتب في كلِّ العلوم التي كانت معروفة في ذاك الوقت.

تألفت العمرية أولاً من مسجدٍ وعشر غرف (خلاوي)، زاد عليها بعض الواقفين وبُنِيت غرفٌ جديدة، وما زالت تكبر حتى بلغ عدد غرفها 360 خلوة كبيرة وصغيرة. غير أن إيراداتها أخذت تقلُّ شيئاً فشيئاً بسبب التسلط على أوقافها، فقلَّ الإصلاح فيها والاعتناء بأحوالها، حتى صارت في بداية القرن الرابع عشر الهجري 110 غرف، وعند منتصف القرن المذكور تهدمت حيطانها وغرفها العلوية، وسطا جيرانها فاقتطعوا أقساماً منها، كما أُخِذَ جزءٌ منها لتوسعة الطريق الذي يمر بشرقها، فقلَّ بذلك عدد غرفها.

وممَّا جاء في وصف المدرسة عام 1359 هـ، 1940 م: «ما إن يدخل الإنسان اليوم إلى المدرسة من بابها الغربي المبني من الحجارة الصفراء الكبيرة، فيرى أول ما يرى مدخلاً ضيِّقاً فيه بئر ماء، وإلى يمين هذه البئر سلم حجري له اثنتا عشرة درجة يصعد به إلى سطح الطابق الثاني الغربي، وليس في هذا السطح من أثر إلا أطلال بعض الغرف، وكذلك الحال في السطح الشمالي الأوسط والأعلى، حيث كانت تقوم مقبرة المدرسة، ولكن لم يبق فيها سوى قبرين دارسين.

وإلى يسار الداخل من الباب قرب البئر، يقوم مسجد المدرسة، وله ثلاثة شبابيك، اثنان منهما بينهما المحراب، والثالث يطلُّ على دخلة العمرية، وقد سقط سقف المسجد، وأرضه مغطَّى بالحجارة والصفيح والأشواك وغيرها».

هذا الوصف للمدرسة العمرية، أقدم مدرسة في الصالحية، أعظم مدرسة في دمشق قديماً، التي لا تزال تحتفظ بهيئتها في الطابق الأرضي، وتهدمت بقية طوابقها، ولا يزال جدارها القبلي الحجري قائماً، ولها بابان أحدهما في غربها وفيه الباب الرئيسي، والثاني في شرقها وفيه بابُ صغير كان يوصل إلى أقسامها الشرقية، أما الطابق تحت الأرض فقد ذهب به شارعٌ الجديد، قد دفع بعض الأهالي لترميمها، ففي عام 1945 جمع النائب الدمشقي فخري البارودي 6500 ليرة سورية من أهل الخير، ورمم اثنتين وعشرين غرفة جعلها صالحةً للسكن. ولكنَّ تراجعها لم يتوقَّف حتى وصلت إلى الحال المرير الذي هي عليه اليوم: باحةٌ ترتع فيها القوارض والزواحف، وسماءٌ تطير فيها الحشرات والطيور، وجنباتٌ تغطيها أعشابٌ يابسة، وأحسن ما يُقال عنها إنها أطلالٌ دارسة وآثارٌ باقية وسط منطقة مأهولة بالسكان.

قد يهمك أيضا:

علامات تشير لتعرض طفلك للضرب في المدرسة

مقتل مدير مدرسة في محافظة العرضيات جنوب غرب السعودية

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدرسة العمرية في دمشق تاريخٌ زاهر وواقعٌ مرير المدرسة العمرية في دمشق تاريخٌ زاهر وواقعٌ مرير



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:46 2025 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

ياسمين عبد العزيز تكشف عن شخصيتها في رمضان
 العرب اليوم - ياسمين عبد العزيز تكشف عن شخصيتها في رمضان

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 08:51 2025 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

مي سليم تعلّق على تعاونها مع محمد هنيدي للمرة الأولى

GMT 08:46 2025 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يفتح خزائن أسراره حول نشأته والشهرة والمال

GMT 12:46 2025 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

ياسمين عبد العزيز تكشف عن شخصيتها في رمضان

GMT 13:23 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

سهير رمزي تثير الجدل حول اعتزالها التمثيل

GMT 13:16 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

الحوثيون يرفضون الاعتراف بالعقوبات بعد تصنيفهم إرهابيين

GMT 12:43 2025 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

كاتي بيري تنجو من تشويه وجهها بالنار بسبب معجبة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab