نظم معهد الحكمة الفني العالي - الأشرفية لمناسبة مرور ثلاثين سنة على تأسيسه، ندوة بعنوان "التعليم المهني والتقني في خدمة المجتمع اللبناني"، في قاعة جبران خليل جبران في مبنى قدامى الحكمة، برعاية رئيس أساقفة بيروت وولي الحكمة المطران بولس مطر، وبدعوة من رئيس معهدي الحكمة الفنيين الخوري جان بول أبو غزاله.
شارك في الندوة وزير العمل سجعان قزي الذي حل ضيف شرف، الوزير السابق دميانوس قطار، رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل، وحضرها رئيس مدرسة الحكمة الأم في بيروت الخوري عصام ابراهيم، رئيس مدرسة الحكمة مار الياس - كليمنصو فارس مقصود، عميد كلية الحقوق في جامعة الحكمة الدكتور مارون بستاني، رئيس جامعة قدامى الحكمة المحامي فريد الخوري، رئيس مؤسسة المونسنيور اغناطيوس مارون المحامي رشيد جلخ، رئيس نادي الحكمة الرياضي نديم حكيم ورؤساء مدارس ومعاهد فنية وأهل وطلاب ومعلمين.
قزي النشيد الوطني افتتاحا وكلمة تعريف وتقديم لمدير الدروس في المعهد جورج شلهوب تحدث فيها عن أهمية التعليم المهني والسبل الكفيلة لحمايته، ثم تحدث وزير العمل فأشار الى أن "التعليم المهني هو السلاح الاقوى لمواجهة البطالة في لبنان، ولا يمكن لأي مجتمع ان يبني نفسه دون ازدهار هذا التعليم"، وقال: "اننا بحاجة الى ارساء ثقافة التعليم المهني التي نفتقدها في لبنان والبدء في نشرها في القرى والبلدات والعائلات والمجتمع وعدم الاكتفاء بالمدارس والمعاهد فقط".
ودعا الى "ان تشمل البرامج التربوية العادية جزءا من التعليم المهني لتحضير الطلاب والطالبات منذ الصغر لثقافة الاتجاه نحو التعليم المهني"، مشددا على انه "لا يمكن لأي دولة او مجتمع ان يبنيا نفسيهما دون ازدهار التعليم المهني".
وأعطى "المانيا واليابان اللتين دمرتا خلال الحرب العالمية الثانية مثالا على ذلك حيث اصبح لديهما افضل نظام للتعليم المهني وهو ما ساعدهما على النهوض الاقتصادي والاجتماعي".
وطالب الدولة اللبنانية ب"الاعتراف بالتعليم المهني وبشهاداته كواسطة للدخول الى الجامعات لأنه لا يجوز ان تعترف دول العالم بشهادات تصدر من المعاهد المهنية فيما الدولة اللبنانية لا تعترف بهذه الشهادة للدخول الى الجامعات"، لافتا الى ان "هذا الاعتراف يتطلب حصول تطورين: اولا، رفع مستوى التعليم في غالبية معاهد التعليم المهني لتكون الشهادات التي تعطى للطلاب قابلة للصرف على الصعيد الجامعي والمهني. وثانيا، على الدولة ان تؤسس مدارس للتعليم المهني ولا تكتفي بمعهد واحد فقط للتدريب المهني مع بعض فروع صغيرة، مع العلم ان ادارة معهد التعليم المهني في الدكوانة ادارة جيدة لكن بحاجة الى تعزيز اكثر".
وقال: "التعليم المهني هو الذي يحارب البطالة ولا يمكن مواجهة هذه الآفة من خلال الشهادات الكبرى بل من خلال الطلاب والطالبات الذين يتخرجون من التعليم المهني الذي يحافظ في لبنان على الفئة الوطنية الاساسية التي دافعت عن وجوده والتي لولاها لما كنا موجودين هنا".
ولفت وزير العمل الى ان "نسبة البطالة للمتخرجين من الجامعات تفوق نسبة المتخرجين من معاهد التعليم المهني لا بل ان الشباب الذين بحوزتهم شهادات مهنية ويهاجرون يحصلون على عمل قبل اصحاب الشهادات الجامعية". وقال: "اننا بقدر ما نعطي شهادات مهنية فإننا نعزز اليد العاملة اللبنانية على اليد العاملة الاجنبية التي استوطنت كل القطاعات في لبنان منذ سنوات وخصوصا بعد النزوح السوري".
وأعاد طرح فكرة التعاون المنتظم بين معهد العلوم والمهن التقنية في جامعة الحكمة وغيره والمؤسسة الوطنية للاستخدام التابعة لوزارة العمل، داعيا الى "حصول تعاون بين القوى الحية في المجتمع وبين المدارس للمطالبة بتعزيز التعليم المهني وخلق فرص عمل جديدة للشباب". وقال: "كان الشيخ فادي الجميل رئيس جمعية الصناعيين عرض علي استعداد الجمعية تمويل معاهد مهنية لكي يصب المتخرجون في الصناعات التي يحتاجها القطاع الصناعي في لبنان. وهذا الطرح يلتقي مع الاستراتيجية التي تعتمدها الولايات المتحدة الاميركية حيث ان الحكومة الفدرالية تتدخل في القطاع المهني اكثر من اشرافها على التعليم الجامعي العالي لأن التعليم المهني هو الذي يرفد المؤسسات والصناعات والمعامل الاميركية للقوى المنتجة، وكذلك فإن المانيا تمول ما نسبته ثلاثة ارباع بالمئة من موازنة المعاهد المهنية".
وختم: "ان التعليم المهني في لبنان هو السلاح الاقوى بين ايدينا كلبنانيين لمواجهة البطالة".
أبو غزاله ثم قدم أبو غزاله دراسة حول التعليم المهني منذ تأسيسه في لبنان ونظرة العالم إليه وعدة طروحات من أجل أن يكون له مستقبلا مزدهرا، عارضا الخلفية التاريخية التي تأتى منها هذا التعليم، داعيا الى "تفعيل دوره على المستويات كافة، مشيرا الى أنه "يؤدي خدمات هامة للمجتمع اللبناني، ويسدي التعليم والتدريب للطلاب الذين يعانون بعض المشاكل التعلمية أو غير الراغبين في متابعة الدروس الأكاديمية والنظرية، أو لمن أراد منهم أن يستعد مسبقا لاختصاصه في التعليم العالي بمتابعة الدروس حول هذا الاختصاص المعني منذ صفوف البكالوريا الفنية ليكون متمرسا به أكثر فأكثر".
وعدد الخدمات التي يؤديها هذا القطاع ومنها "تلبية احتياجات سوق العمل من خلال تأمين كفاية اليد العاملة اللبنانية من أصحاب المهن على وسع مساحة الوطن، الحد من هجرة اليد العاملة اللبنانية لا سيما الشبان والشابات منهم وذلك بتأمين فرص للعمل من خلال اكتساب مهنة أو حرفة بشكل تخصصي وأكثر مهارة وإتقانا".
الجميل من جهته، أشار الجميل الى أن هناك "تفاوتا واضحا بين متطلبات سوق العمل واختصاصات افواج الطلاب المتخرجين"، لافتا الى ارتفاع ارقام البطالة حيث ناهزت 23%"، مناشدا المسؤولين "العمل على تشجيع القطاعات المنتجة التي من شأنها ان تخلق فرص عمل كالصناعة والزراعة والخدمات المتخصصة".
وقال: "لم يول مجتمعنا وحكوماتنا المتعاقبة الانشطة الصناعية ولا التعليم المهني والتقني الاهتمام اللازم، مع الاشارة الى ان التعليم المهني والتقني لا يقتصر على اختصاصات تتعلق بالقطاع التقني فقط، فهناك الاختصاصات المصرفية والمالية والتسويقية والادارية".
وشدد على أهمية "وضع استراتيجية للتعليم المهني والتقني وبرامج تثقيفية وتوعوية".
وحيا وزير العمل الذي "أفرج عن مرسوم "اول عمل للشباب" وطلب من المؤسسة الوطنية للاستخدام وضع آلياته التنفيذية، بغية تشجيع الشباب اللبناني على العمل داخل لبنان ودعم المؤسسات اللبنانية، ما يقلص الهجرة ويخفف من نسبة البطالة". وقال: "نحن نتعاون مع معاليه بكل عزيمة لتطوير وتنفيذ مشروع "لبننة العمالة اللبنانية" ضمن برنامج زمني يهدف الى زيادة فرص العمل، وفي صلب هذا المشروع تشجيع التعليم المهني والتقني".
وأكد "ضرورة مراجعة وتكثيف مجالات ونوعية التدريب والمناهج والبرامج في التعليم المهني والتقني، بحيث تتناسب مخرجات هذه المؤسسات مع الاحتياجات الحقيقية للمؤسسات الصناعية في مختلف الاختصاصات"، داعيا "للتطلع إلى تجارب الدول الصناعية في نهضة مجتمعاتها التي اتكأت على طاقات ومهارات أبنائها المهنية والتقنية".
قطار بدوره، أشار قطار الى أن هناك "خللا في هذا القطاع على المستوى الثقافي والمجتمعي والتربوي"، معتبرا "القول بأن التعليم النظامي أفضل من التعليم التقني فيه مغالطة كبيرة". وقال: "هناك خلل استراتيجي على المستوى الإقتصادي في الوظائف أو المهن، أصحاب الدخل المحدود. الإشكالية الحقيقية، تكمن في أن أكثر من نصف إقتصادنا هو إقتصاد رديف، أي أنه لا يتمتع بالتنظيم الواضح ولا بالتصريح الصحيح. كيف يمكن لهذا الإقتصاد الرديف استقطاب هؤلاء الناس، هذا مستحيل".
أضاف: الإقتصاد المنظم يشكل 29 بالمئة من الأجور في لبنان بشكل سليم وصحيح ومستدام، وأرقام البطالة أصبحت سياسية وهي 38 بالمئة في صفوف الشباب بين 15 و28 سنة. والخلل ينعكس على التعليم المهني لأن الكفاءة بعيدة عن الطلب والطلب بعيد عن الإستثمار والإستثمار بعيد عن العائد المطلوب مما يؤدي إلى شح في الإستثمار وبالتالي إلى خلق فرص عمل مستدامة في القطاعات الإنتاجية التي هي ركيزة الطبقة الوسطى في المجتمعات الديمقراطية".
مطر أما مطر فقال: "نحن نخرج كل عام حوالي 30 ألف طالب جامعي، نأخذ منهم إلى سوق العمل 6 آلاف و24 ألفا منهم يجب أن يبحثوا عن عمل خارج الوطن أو عن عمل لا يمت إلى إختصاصهم بصلة. إنها مشكلة كبيرة، لأننا لا ننتج".
أضاف: "يجب أن نبني في لبنان إقتصادا إنسانيا وإقتصادا وطنيا يجعلنا متضامنين بعضنا مع بعض. في الدرس نعمل واجبنا في هذا الموضوع ونربي أجيالا مهنيين وبعد إلى أين يذهبون؟ إننا نتلهى كثيرا بأمور الحرب والقتل والخلافات الداخلية والشعب يدفع الثمن.يجب أن نتضامن ونتصالح وأن ننتخب رئيسا للجمهورية وهذا من أقل واجباتنا ، وان يكون لدينا نظام وثقة بالمستقبل حتى نبني إقتصادا جديدا ووطنا جديدا وشبابا يعيش تحت سماء لبنان.
أرسل تعليقك