يعتبر الزواج ومراسيمه من اهـم العادات والتقاليد التي ترتبط بحياة الإنسان ، والزواج مؤسسة اجتماعية مبنية على الشراكة الزوجية لها اهـداف ومضامين سامية، ويتشارك الاثنان حياة آمنة ومستقرة يسودهـا الحب والهدوء والنجاح، والبحث عن هـذا الشريك يبقى هـاجس الشخص وعائلته ولا يخلو من القلق فكل طرف يبحث عن الشريك المناسب والصالح ليحقق لنفسه منافذ السعادة.
تقاليد وعادات الزواج في العراق له خاصية كما هـو الحال في بقية الأقطار العربية حيث أنها لا تتجاوز حدود وشريعة الدين الإسلامي ، وهـي تختلف من بلد الى آخر واحيانا داخل البلد الواحد .
ولنتحدث قليلا عن تقاليد وعادات الزواج في العراق وبشكل خاص في بغداد( كردستان ) حيث تبدأ حركة دؤوبة في الربيع وأعياد نوروز وتزداد حفلات الزواج في هـذا الموسم.
وكانت قديما الاشبينة ( المرأة التي تقرب وجهات النظر بين الطرفين ) تلعب دورا مهما في إتمام الزواج حيث أنها تتمتع بفكر ودهـاء غريبين لإنجاح او إفشال مشروع الزواج .
أما مراسم الخطبة وليلة الزفاف تغيرت بمرور الزمن ، حيث كان من المتعارف عليه ان الفتاة إذا ما بلغت سن العاشرة يحظر عليها الخروج من المنزل إلا بإذن من والدهـا وبرفقة احد أفراد الأسرة وعليها ان تلبس العباءة او تتحجب !! ،أما في يومنا هـذا فالحال يختلف حيث لا قيود ولا تقاليد ولا اشبينة.
الشاب هـو الذي يحدد الفتاة التي يقتنع بها كزوجة عن طريق الحب او رؤيتها في مناسبة ما او من خلال أفراد عائلته ، ويشاهـدهـا بطريقة ما ليعلن موافقته او رفضه لها ومن دون علمها حتى لا يسبب لها الإحراج واحتراما لمشاعرهـا.
والشاب يحدد اسم الفتاة وعائلتها وإذا اقتنعت عائلته بالفتاة تقوم النساء بزيارة اهـل الفتاة ويبلغونهم بانهم يتشرفون بخطبة ابنتهم لولدهـم ويشرحون حالة ابنهم الثقافية والمالية ( الشهادة والوظيفة ) وإذا كانت المعلومات غير كافية يقوم الطرفان عن طريق السؤال والجواب بجمع المعلومات .
*الموافقة او الرفض
وإذا تمت الموافقة بعد أخذ موافقة الأعمام وباقي الاهـل ،يتم إيصال النتائج الى الطرفين، ثم تبدأ الإجراءات حول المهر ( المقدم والمؤخر والنيشان ) وتأثيث بيت الزوجية ، وحين الموافقة على كل تلك الطلبات تقرأ سورة الفاتحة وتعلو الزغاريد والهلاهيل أرجاء المكان، ويحدد يوم تقديم "النيشان" ونقصد هنا به الذهب والملابس والمهر المقدم .
وفي العرف والتقاليد العراقية عائلة العريس هي التي تروم اليها تقديم المهر والنيشان ( الحلي الذهـبية ) المتفق عليه الى عائلة العروس في احتفال كبير وسط اهـازيج وفرح كبيرين وكانت ام العريس او شقيقته تلبس العروس الحلي ، وبعد توزيع الحلوى والمشروبات تقام وليمة عشاء للمحتفلين.
وكان من الشائع ان يتم عقد القران في بيت العروس بحضور القاضي والشهود ومجموعة من أقرباء العروسين ويتم التزويج في حفل خاص ومن ثم يصدق في المحاكم الرسمية ، أما في الوقت الحالي ومنذ عدة سنوات يتم عقد القران في احد المحاكم بحضور القاضي والشهود ومجموعة من أقارب العروسين .
*ليلة الحنا
تسبق ليلة الزفاف ليلة الحنة وتقام في بيت العروس حيث تدعو صديقاتها وفتيات العائلة والاهـل وتبدأ من الصباح الباكر حيث تخضع خلاله العروس لعدة عمليات منها تجميل الوجه وإزالة الشعر الزائد من الجسم يعقبه الاستحمام وتسريح الشعر وارتداء ثياب المناسبة وسط الزغاريد والهلاهيل ، ومن ثم تجهز صينية يوضع عليها :
الحناء الشهير وشموع ملونة وأوراق شجر الياس والشوكولاتة والحلقوم والناملي ويبدأ وضع الحناء في راحتي العروس وأطراف أصابعها وأسفل قدميها وكعبيها كنوع من المكياج ويوزع بقية الحناء على الحاضرات وكانت الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد، يتسابقن في الحصول عل كمية من الحناء اعتقادا منهن أنهن سيتزوجن عن قريب وكانت الأغنيات والرقصات بين الفتيات تزين تلك الليلة .
أما في دار العريس فيقام حفل كبير بحضور الاهـل والأقرباء والمعارف والأصدقاء وسط فرقة موسيقية ومطربين ويقام هـذا الحفل في مكان مفتوح لاستيعاب جميع المحتفلين ويوزع الطعام والشراب ويصور بالفيديو كذكرى .
تأتي الليلة الموعودة ( الزفة ) التي تحلم بها كل فتاة بأن فارس أحلامها سيأتي ممتطيًا حصانه الأبيض ليخطفها من بين الحضور ويحلق بها في عالم الحب والسعادة الوردي .
*ليلة العرس
والزفة تكون مختلفة باختلاف حالة العروسين المادية ،قسم يأخذ زوجته ويسافر الى إحدى مدن الشمال ويقيم في احد الفنادق لمدة أسبوع او أكثر ، القسم الآخر يتزوج في احد الفنادق الكبرى بحجز مسبق لمدة يومين أوأكثر،وكما ذكرنا حسب الحالة المادية للزوج ، قسم آخر يقيم حفل الزفاف في بيته ويدعو عدد كبير من معارفه وأصدقاءه ويستمر الحفل وسط الاهـازيج والغناء والرقص على أنغام الفرق الموسيقية وعند المساء المبكر يذهـب الجميع في موكب احتفالي وعلى أنغام الموسيقى الى بيت العروس لجلبها وقسم من اهـلها وصديقاتها الى بيت العريس ويتخلل الحفل التهاني والدعاء للعروسين بالرفاه والبنين واهازيج نذكر بعضا منها :
شايف خير ومستاهـلها ، جينا وجينا وجينا جبنا العروس وجينا ، حمودي طفي الگلوب خدهـا يشع ويه الثوب ، جبنه العروس محنايه لا كنتور ولا چرپايه ، حبها ولك حبها ولا تخاف من امها ، حمودي ياچكليته حامض حلو اپاكيته ،وغيرهـا من الاهـازيج الشعبية .
*كردستان العراق
أما في كردستان العراق فالزواج له خصوصية حيث كانت مواكب الزواج كالتالي ،تنقل العروس من بيت والدهـا الى عش الزوجية على ظهر حصان يتم تزيينه وترافقه عدة خيول وعلى ظهورهـا رجال يرتدون الزي الكردي ويحملون بنادق ( البرنو ) ويتحزمون بالخناجر والمسدسات وأشرطة الاطلاقات النارية وطول الطريق الى بيت العريس كان الفرسان يطلقون الأعيرة النارية في الفضاء ابتهاجا بالمناسبة وعندما يصل الموكب الى بيت العريس يقوم العريس بإنزال العروس من على ظهر الجواد يرفع الطرحة البيضاء او الملونة وكانت على الأغلب وردية او حمراء عن وجهها ويقبل جبينها تعبيرا عن الترحيب بها في منزلها الجديد ويدخلان غرفتهما ،في تلك الأثناء كان الاهـل والأقرباء والأصدقاء يحتفلون ويغنون ويرقصون على أنغام الطبل والمزمار في انتظار خروج العروسين ليعلنا نجاح زواجهما وفي اغلب الأحيان كانت تلك الاحتفالات تستمر لمدة ثلاثة أيام بلياليها خاصة عند العوائل الميسورة الحال .
*أم العروس .. أو العريس!!
ولا يفوتني ان اذكر ان جهاز العروس كان ينقل في موكب احتفالي وعلى رؤوس الشباب ( ملابس وأدوات منزلية صغيرة) الى بيت العريس
أرسل تعليقك