الدعارة في العراق بين رفض المجتمع وحماية الميليشيات الفئوية لها
آخر تحديث GMT03:32:20
 العرب اليوم -

الدعارة في العراق بين رفض المجتمع وحماية الميليشيات الفئوية لها

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الدعارة في العراق بين رفض المجتمع وحماية الميليشيات الفئوية لها

الدعارة في العراق
بغداد - العرب اليوم

"يبدأ ذلك بشابة تأتي وحدها إلى المحطّة المركزية"، كما توضح دلال الروبعيل من "منظمة حرية المرأة في العراق" (OWFI) والتي تساعد النساء اللواتي يمارسن الدعارة. في تلك الدولة الشرق أوسطية، لا تذهب المرأة إلى مدينة غريبة وحدها، عبثا، من دون أن تُحجز لها مسبقا غرفة في فندق أو ينتظرها أحد الأقارب. في دولة كالعراق، فالشابة التي تنزل وحدها من الحافلة وتبدو تائهة تجذب الانتباه. هناك أشخاص ينتظرون تماما مثل هذا النوع من الفتيات: سائق أجرة أو امرأة ودّية، وأحيانا زوجان متزوجان مع نظرة بريئة تعرض عليها مكانا للإقامة.

في هذه اللحظة تقف أمام الفتاة عدة خيارات. الأول هو أن ترفض أن تستقل إحدى سيارات الأجرة باهظة التكلفة في بغداد والبحث عن غرفة في فندق رخيص (والذي تصل تكلفته في حيّ مشتبه به إلى نحو 19 دولاراً في الليلة). ولكن كم من المال تملك الفتاة التي هربت من البيت؟ القليل. كم من الوقت ستستغرق للعثور على عمل؟ الكثير، إذا عثرت أصلا. وصلت نسبة البطالة في العراق إلى 15%، وفقا لأكثر التقديرات تحفّظا، وتعاني النساء بشكل خاص من فرص عمل محدودة. كما تشرح أمينة (اسم مستعار)، التي تقطن في بغداد، "المرأة لا تمشي ببساطة في الشارع وتبحث عن عمل". وفقا لكلامها، فإذا أرادت العمل هناك أعمال يُسمح لها بممارستها: أعمال بنيكة، أعمال حكومية أو في الأكاديميا. "إذا كانت تفتقد إلى المؤهلات الملائمة يمكنها أن تنظف منازل الجيران"، كما تضيف أمينة، "ولكنها لن تذهب وتطرق أبواب الغرباء".

الخيار الثاني بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من ضائقة مالية هو المبيت في الشارع، ومن الواضح أن هذا ليس حلّا جيّدا. عندما تيأس المرأة قد تستجيب إلى دعوة الغرباء، كما فعلت ريما (اسم مستعار) قبل سنوات، عندما وصلت إلى المحطّة المركزية في بغداد، وحدها وهي حامل. بدأت قصتها عام 1991، فترة حكم صدام حسين، حينها كان البشر يختفون أو يُلقون في السجن من دون محاكمة، ومن بينهم كان كلا أخويّ ريما. عندما ذهبت إلى زيارتهما أوضح لها قائد السجن بشكل لا لبس فيه: سيُطلق سراحهما فقط إذا مارست الجنس معه. وإذا رفضت، فسوف يقضيان بقية حياتهما في السجن، وربما يحصلان على حكم الإعدام. كان هذا الطلب بعيدا عن عالم ريما المحافِظ، ولكنها كانت الطريقة الوحيدة أماما لإنقاذ أخويها. ولكن لم تخبر أحدا بذلك بعد أن استجابت إلى طلب القائد. "كانا سيقتلاني"، كما أوضحت، "كانا سيسألان: لماذا مارستِ الجنس معه؟! كنّا مستعدّين للبقاء في السجن وألا تفعلي ذلك!". فبعد أن جمعها ذلك اللقاء بالقائد تلبية لطلبه، أطلق سراح الأخوين، ولكن ريما أصبحت حاملا بعد أن مارسة العلاقة الجنسية معه. ومن أجل إنقاذ نفسها وألا يقتلها إخوانها، سافرت من البصرة، المدينة التي تقطن فيها، إلى بغداد. التقت في محطة الحافلات في العاصمة بـ "مطربة" دعتها للاستضافة في منزلها. "لقد رتّبت من أجلي عملية الإجهاض"، كما قالت ريما. ولكن بعد فترة قصيرة من ذلك قالت "المطربة" إنّ توفير الطعام والسكن ليسا مجانا، وإذا أرادت البقاء في شقّتها فعليها أن "تعمل" - أن تغني أو ترقص أمام الرجال، وأن تبيع جسدها. فاستجابت لذلك الطلب، لأنه لم يكن أمامها مناص.

وقد أعجبتْ ريما أحد الزبائن، والذي تزوّجها مع مرور الأيام، وبفضله استطاعت ترك عالم الزنا والبقاء في المنزل. في أحد الأيام، بعد عدة أشهر من زواجهما، لم يعد إلى منزله، وحينها فقط كشفت لها أسرته أنّه كان عضوا في الدولة الإسلامية (داعش)، قبل فترة طويلة من تصدّر التنظيم المتطرف العناوين. وقد اعتقلت السلطات زوجها وأُعدمته، وبقيت ريما لوحدها مجدّدا ومن دون القدرة على كسب الرزق، فعادت إلى حياتها السابقة في منزل "المطربة". "كنت امرأة أخرى في تلك الفترة"، كما تقول ريما، "ضعيفة، ميتة".

بعد نحو عقد من ممارسة ريما للدعارة اعتقلتها الشرطة. في العراق، تعتبر الدعارة جريمة عقوبتها القصوى هي ستّ سنوات من السجن، وقد قضت ريما خمس سنوات في السجن. بعد إطلاق سراحها وجدت شقّة في أحد الأحياء مع حضور كبير لإحدى الميليشيات الشيعية. لاحظ المقاتلون أن هناك امرأة غريبة تعيش وحدها، وافترضوا أنّها "امرأة سيئة السمعة". فبدأوا بالذهاب إلى منزلها، لمضايقتها وعرضوا عروض متنوعة عليها. وعندها أخبرت ريما سائق أجرة التقته في الشارع بضائقتها. ولذلك عدها أنه سيساعدها في العثور على شقة بديلة، وأوفى بوعده. وبدأ يغازلها وبعد مرور شهرين عرض عليها الزواج. وهما اليوم متزوجان منذ عشر سنوات.

والآن تكرّس ريما كل وقتها من أجل مساعدة النساء والفتيات اللواتي يمارسن الدعارة. يقلّها زوجها إلى النوادي الليلية في بغداد، حيث يفترضون أنها قوّادة جاءت "لفحص البضاعة" و "شراء الفتيات". "إذا اكتشفوا الحقيقة سيقتلونني"، كما تقول ريما. عندما تقدّم لها الفتيات في النوادي المشروبات، تُظهر لهنّ رقم هاتف مكتوب على كفّ يدها. لاحقا يتواصلن معها، ويحدّدن معها وقتا ومكانا للقاء، ويقتنصن من أجل ذلك الوقت القليل الحر الذي يُعطى لهنّ "لشراء الملابس الداخلية والأشياء الأخرى". فتهرّب ريما هؤلاء النساء وتوجّههن إلى أحد الملاجئ في المدينة. هذه الملاجئ ليست قانونية، لأنّه وفقا لرأي الحكومة فإنّ مثل هذه الأماكن تشجّع التصرّفات غير الأخلاقية، لـ "فتيات سيّئات" هربنَ من المنزل وخرجنَ لممارسة الأعمال غير الأخلاقية. تناضل ناشطات جمعية OWFI في هذه الأيام للحصول على رخصة لإقامة ملاجئ من هذا النوع.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدعارة في العراق بين رفض المجتمع وحماية الميليشيات الفئوية لها الدعارة في العراق بين رفض المجتمع وحماية الميليشيات الفئوية لها



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab