بخطى واثقة لكن بطيئة، خطت المرأة اللبنانية نحو مشاركة الرجل في إدارة الحكم المحلي، في مرحلة تمهد للمشاركة السياسية التامة في مستقبل لا يبدو قريبا، بعد كسرها القيود التي فرضها المجتمع الذكوري على تحركاتها لأجيال، حيث لا يزال في أحيان كثيرة ومساحات واسعة من مجتمعنا اللبناني التعددي يلعب دور القيم عليها.
ينطبق هذا الكلام حتى على النساء اللواتي نشأن في مناطق أكثر انفتاحا على دور المرأة المتقدم في المجتمع وأكثر ثقة بقدراتها وأكثر حماسا لدورها وأكثر إيمانا بتساويها مع الرجل من حيث الحقوق والواجبات، ولا سيما حقها في المشاركة في الحياة السياسية اقتراعا وترشحا لمقارعة الرجل في عقر داره، بعدما خرجت من شرنقة الأهل الى المدرسة، فالجامعة، وعبرت الحدود والبحار من أجل متابعة تحصيلها العلمي العالي.
وفي هذا المجال تشير دراسة أجرتها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة عن مشاركة النساء في الانتخابات البلدية في لبنان الى أن عدد النساء اللواتي ترشحن للإنتخابات التي جرت في حزيران 2016 بلغ 1485 مرشحة، مسجلا ارتفاعا طفيفا عن عام 2010 حيث بلغ عدد المرشحات 1346 مرشحة، في حين لم يتجاوز 552 مرشحة عام 2004.
وقد بلغت نسبة الفائزات من الفائزين في آخر انتخابات بلدية 5.6% في وقت لم تتجاوز نسبة المرشحات من إجمالي المرشحين 6.5%.
وسجلت محافظة بيروت أكبر نسبة نجاح للمرأة بلغت 14.3% حيث فازت ثلاث نساء بالعضوية في بلدية بيروت مقابل 21 رجلا.
كسروان - الفتوح
في قضاء كسروان الفتوح 564 مقعدا بلديا تنافس على إشغالها 1057 رجلا مقابل 82 إمرأة وبلغت نسبة المرشحات من المرشحين 7.2%، في حين بلغ عدد النساء اللواتي فزن بالمقاعد 31 إمرأة أي ما نسبته 5.5% من إجمالي الفائزين.
عن تجربة المرأة في ميدان الحوكمة المحلية لا سيما في كسروان - الفتوح سألنا أربع سيدات خضن غمارها من أجل التحقق من المستوى الذي بلغته من حيث جدية الممارسة، المعوقات والتحديات استشرافا للمرحلة التالية؛ كما استطلعنا رأي رجل اختبر زمالة المرأة في المجلس البلدي، واستوقفنا اقتحام امرأة لعالم احتكره الرجال سنين طويلة بشغلها وظيفة كاتب في أحدى بلديات بلدات القضاء.
ريما مالك: غياب النساء عن المجالس البلدية يخسر المناطق الكثير
ترشحت الآنسة ريما مالك لعضوية المجلس البلدي في العام 2012 إستثنائيا، بسبب الطعن الذي أطاح بنتائج إنتخابات بلدة عجلتون التي جرت عام 2010، وفي سياق عملية إعادة الإنتخابات في البلدة جاء ترشيحها وفوزها بولاية أولى تجددت في الإنتخابات الأخيرة في حزيران 2016.
وتنفي مالك أن يكون ترشحها متأتيا عن وراثة عائلية وتقول: كان ذلك تلبية لطلب رئيس اللائحة الشيخ كلو?يس الخازن، وقد استغربت الفكرة لأنها حتى ذلك الوقت لم تكن قد وردت في تفكيري بتاتا، أما الطريف في الموضوع فهو أني غدوت أول إمرأة تدخل المجلس البلدي في عجلتون وهو يضم أحد عشر عضوا إلي".
أضأفت: "في انتخابات ال 2016، ترشحت ضمن اللائحة نفسها وكان الفوز حليفنا، لكن ما استجد هو أن سيدة أخرى إنضمت الى مجلسنا البلدي، وقد شجعتها كثيرا على خوض التجربة".
وترى أن "مشاركة النساء في المجالس البلدية تضفي لمسة جديدة ومختلفة على الإختبار، بحيث تصبح الإجتماعات أقل صخبا، وتتسم المداخلات بالتأني واختيار الألفاظ، إضافة الى كون وجهة نظرنا مختلفة عن مقاربة الرجل للمسائل، ما يضفي غنى في بعض الأماكن إن لم يكن في جميعها".
ريما حائزة على دكتوراه في تكنولوجيا التربية Educational Technology، أستاذة متفرغة في الجامعة اللبنانية وقد أشارت في سياق الحديث الى صدور قرار عن إدارة الجامعة هذا العام يشجع على الإنخراط في العمل البلدي لكنه حظر تقاضي راتبين، وكما هو متعارف عليه فإن عضو المجلس البلدي لا يتقاضى راتبا وبالتالي فليس هناك أي عائق من هذه الناحية.
وتضيف: " تخصصت في البداية بعلوم الكمبيوتر وتوجت تخصصي هذا بدكتوراه في التربية (doctorat (en pédagogie من جامعة Rouen في فرنسا في اختصاص التكنولوجيا التربوية."
وعن عملها في اللجان تقول: "أنا أعنى باللجنة الإجتماعية ولجنة العلاقات الدولية حيث أتولى متابعة المناقصات (appels d'offres) التي تجري من قبل المنظمات الدولية، وجمعيات المجتمع المدني والسفارات بهدف إبتداع المشاريع وتقديمها من أجل الحصول على هبات تمولها فتدخل حيز التنفيذ وتستفيد منها منطقتنا ".
مشاريع ومجلس بلدي للأطفال
وعن المشاريع تقول: " أول مشروع عملت على إنجازه هو التوأمة التي حصلت بين عجلتون وبين منطقة Giffoni Sei Casali الإيطالية التي تشبه بلدتنا الى حد بعيد لا سيما من الناحية الجغرافية ولجهة عدد أعضاء المجلس البلدي، وقد تمكنا إثر ذلك من الحصول على هبة استخدمناها في تأسيس مساحة ثقافية لاستضافة محاضرات، حفلات موسيقية، كالإحتفال بعيد الموسيقى، يديرها الأطفال بصورة كاملة، وذلك عقب تأسيسي مجلسا بلديا للأطفال وفقا للقوانين الإيطالية، عدد أعضائه مواز لعدد أعضاء مجلسنا البلدي الرسمي، أي 12 عضوا، لكنه يختلف عنه بأمرين: المناصفة فيه بين الفتيان والفتيات، وقسم من هؤلاء الأعضاء من سكان عجلتون أي أن البلدة ليست مسقط رأسهم وهذا ما ليس معمولا به في مجالسنا البلدية اللبنانية".
وتستطرد في الحديث عن مجلس الصغار: "الهدف من هذا المجلس تعريف الأطفال على حقوقهم وواجباتهم كأطفال أولا وكراشدين لاحقا وإطلاعهم على الدور الذي يضطلع به المجلس البلدي؛ ويخضع أعضاء مجلس الأطفال لدورات تدريبية بالغة الجدية في القيادة وإدارة النزاعات ( حلها)، حول أنواع العنف وكيفية حماية الذات منها، وإدارة الأموال وإدارة المشاريع وكيفية كتابتها وتقديمها ضمن ميزانيات محددة، وبعد كل هذه الدورات الجدية يتأهل الأطفال للمساهمة مع الكبار في عمل الحوكمة المحلية".
وعن مدى جدية هذا المجلس تقول: "لزم المجلس البلدي المنتخب نفسه بأخذ رأي الأطفال في كل مشروع يطال الأعمار بين صفر و18 عاما، وبالعمل بتوصياتهم بعد الإجتماع معهم لمناقشة المشروع لأنهم يزخرون بالأفكار التي تفاجىء الكبار، ورؤيتهم ووجهة نظرهم ملفتة، وذلك عند إجتماع هذا المجلس مع رئيس البلدية مرتين سنويا بغية الإدلاء باقتراحاته وطرح تساؤلاته حول المسائل التي تطاله"، مشيرة الى أن "التحضير لهذا الإجتماع يحصل بجدية ويتخذ طابعا رسميا".
وتشير الى انتهاء ولاية المجلس الأطفال البلدي الثاني والتي امتدت على ثلاث سنوات وتقول: " نحن في صدد إنشاء مجلس ثالث، ولكي لا يبتعد الذين انتهت ولايتهم عن اجواء المجلس البلدي أنشأنا ما يسمى "أصدقاء المجلس البلدي" لمواكبتنا في كل المشاريع التي يتم تنفيذها وتزويدنا بالخبرة وبأفكارهم البناءة"، لافتة الى أن "في لبنان اليوم ست مجالس بلدية للأطفال والتنسيق بينها جار على قدم وساق".
واضافت : "بعد الإنتخابات الأخيرة تمكنا من الحصول على هبة من بولونيا وظفناها في تأسيس المكتبة البلدية، وهي تفتح أبوابها في مرحلة أولى السبت من كل أسبوع من العاشرة صباحا حتى الرابعة بعد الظهر، ونقيم النشاطات للأطفال بين عمر ثلاث وثماني سنوات مرتين شهريا، فيأتون لمطالعة كتاب أو للقيام بعمل يدوي كما أن المكتبة مفتوحة للعامة وبصورة مجانية للمطالعة ولاستعارة الكتب ".
وتابعت: "ضمن المشاريع الإجتماعية نجحنا في استضافة مستشفى مار جوارجيوس للروم أرثوذكس في يوم طبي طويل خضع خلاله نحو 150 شخصا للفحوصات المجانية واستعملت فيه كل المعدات القابلة للنقل ضمن جو هادئ خال من التشجنج الذي يعتري المرضى عادة عندما يخضعون للمعاينة في المستشفى وذلك تحت عنوان health fair أي معرض للصحة؛ وتخللت النهار موسيقى وضيافات، ودعي الأشخاص الذين تبين أنهم بحاجة لمتابعة صحية الى المستشفى حيث تمت معالجتهم بصورة مجانية ".
وشددت مالك على "عمل المجلس الحالي على متابعة المبادرات التي باشر بها المجلس السابق ومن ضمنها تنظيم نصف يوم للكشف عن أمراض الضغط والسكري والقلب"، مشيرة الى توليها "التنسيق مع كل جمعيات المجتمع المدني في ما يخص اعتنائها بالوافدين الى البلدة من جنسيات مختلفة كالعراقيين والسوريين".
أما عن نظرة المجتمع لعضوية سيدة ومشاركتها في الحوكمة المحلية، فتشير إلى أنها "غير موحدة، فالبعض يرفض الأمر كليا، وبعضهم يشجع بحماس، والبعض الآخر انتقل من ضفة الرفض الى ضفة التشجيع بعد اكتشافه إيجابية في الموضوع، وذلك يبدو واضحا ضمن المجلس نفسه، وتستدرك : " غير أني حظيت بدعم وتشجيع الأحد عشر عضوا في المجلس البلدي لا سيما في المشاريع التي تقدمت بها، وكلما احتجت الى مساعدتهم في بعض المحطات فهم دائما مستعدون، كما إني على استعداد دائم لأن أكون الى جانبهم عندما تدعو الحاجة."
وأكدت أنه " في أي حال فإن الصعوبة التي أواجهها بالنسبة الى تقبل وجودي كامرأة ضمن المجلس البلدي هي أقل مما أواجهه في المجتمع، ولكني أتفهم الوضع نظرا لأني أول امرأة تدخل هذا المعترك وأنا أعلم أن الصعوبات التي تواجه النساء في سائر المناطق أكبر، فالأمر لا يتعدى إستغراب الواقع الجديد من دون أن يلامس المحاربة أو الرفض بل على العكس تماما فأنا لا ألقى إلا الدعم والتشجيع ".
وتصف تجربتها بالممتعة وتقول : " لقد تمكنت من أن أعطي فيها القليل من خبرتي ومن دراستي ومن علاقاتي لعجلتون التي أكن لها حبا جما كي تخطو قدما الى الأمام؛ هي تجربة ناجحة من وجهة نظري ولكن ينبغي أن يقيمها الإخرون ".
وعن النصائح التي تسديها للنساء اللواتي يفكرن في خوض غمار التجربة تقول: " أنا أنصح النساء بخوض التجربة لا سيما إذا توفر الفريق المتجانس والمتماسك فكل المناطق اللبنانية تحتاج الى وجهة نظر الجنسين وحماس كل منهما " مشددة " على توفر هذه النعمة في عجلتون "، ونافية أن يكون لديها أي طموح سياسي بقولها : " حتى أني لم أتخيل يوما أنا أملأ عضوية في المجلس البلدي ".
وتضيف: " إن نظرتنا كنساء للأمور وما نستطيع القيام به مختلف عن نظرة الرجل وما يستطيع القيام به وبالتالي فإن غياب النساء عن المجالس البلدية يخسر المناطق الكثير وأنا أعني بطبيعة الحال أشخاصا مستعدين لأن يعطوا ويطوروا مناطقهم فأنا موجودة في عجلتون التي أحب كثيرا بفضل تعب من سبقونا وأقل ما يمكننا القيام به هو التضحية بفترة زمنية قليلة من أجل وضع عصارة تجاربنا في خدمة مناطقنا ".
وتختم مالك بالتنويه " بالتزام معظم أعضاء المجلس البلدي في عجلتون في أخويات ولهذا فهم يبدأون اجتماعاتهم بالصلاة ما من شأنه إضفاء بعد روحي على العمل الأرضي ".
ريتا الدلبتاني: جوبهت بفكرة أن شابا أولى بتمثيل العائلة
وتقول العضو في مجلس بلدية الكفور ريتا الدلبتاني : " أردت أن أترشح لعضوية المجلس البلدي لأنني كفوءة وناشطة وقادرة على أن أكون فاعلة في منطقتي ومؤهلة لإيصال أفكار الشباب لأنني لست المرأة الوحيدة في المجلس البلدي فحسب، بل أنا أصغر الأعضاء سنا ولهذا أعتقد أنني أمثل طموح شباب ضيعتي وروحهم ".
وتوضح " لم يسبق أن ترشح أحد أفراد العائلة لملء هذا المنصب لكن والدي كان يحبذ هذا العمل وعندما توفي شعرت أنه من واجبي أن أكمل لأحقق ما كان يحلم به ".
ريتا في الخامسة والثلاثين، عزباء، حصلت على دعم والدتها وشقيقها وإبنة عمها وقد تدرجت في الشأن العام منذ نعومة أظفارها فكانت مسؤولة في "فرسان العذراء" وفي الكشاف وكل من انتخبها ينتمي الى الجيل الذي نشأته واعتنت بتربيته لا سيما في المخيمات، كما تقول : " لقد ظهر واضحا وجليا تأثير تفاعلي هذا معهم من خلال فارق الأصوات الذي سجلته، وقد ترجموا بذلك ليس فقط ثقتهم بي وإنما محبتهم لي على حد سواء ".
وعن حيازتها على شهادة في البيزنس تقول " هذا يساعدني في إدارتي للمسؤوليات التي ترتبها علي العضوية في المجلس البلدي ".
وعن اللجان تفيد أنها " عضو في ثلاث لجان وأهمها لجنة الإعلام والتواصل التي تحمل مسؤوليتها بالكامل، ويدخل في صلاحياتها الإهتمام بالتصوير، بصفحة المجلس على فايسبوك، ولا سيما لجهة إيصال أخبار القرارات التي يتخذها المجلس الى كل أبناء الكفور".
وفي هذا السياق تضيف: "كل جهودي منصبة على إراحة إبن الضيعة الموجود في بيروت أو في الخارج وتمكينه من الحصول على ما يحتاجه من معلومات بواسطة الإنترنت، من خلال وضع كل الداتا البلدية على الصفحة الإلكترونية توفيرا للجهد والوقت والمال، بمساعدة فريق مؤلف من السكرتيرة وبعض الموظفين،كما أنني مسؤولة عن التنشيط الشبابي ولا سيما في مجال الرياضة ".
وعن الصعوبات تقول: "منذ خطوة ترشحي الأولى واجهتني صعوبات كثيرة في مجتمعنا الشرقي العربي الذكوري في غالبيته، وجوبهت بفكرة أن شابا أولى بتمثيل العائلة، وقيل لي إني ما زلت صغيرة وطرية العود ولكنني ناقشت البعض وأقنعتهم بجدارتي في حين فشلت في إقناع البعض الآخر، غير أنني حظيت بدعم الشباب وإصرارهم على ان يصل الى المجلس البلدي من يمثلهم ويحمل صوتهم ونظرتهم وحرصا منهم على تأمين الحضور الأنثوي داخل مركز القرار المحلي لكي تجمع القرارات بين حزم الرجل وسلاسة المرأة وحنانها".
وتشير ريتا الى أن "الصعوبات ناجمة بشكل خاص عن كون عملها بين لبنان والخارج وتقول: "ولكني لم أستسلم لها وأبذل جهدا للحضور كلما دعت الحاجة، غير نأني مقيمة صيفا شتاء في الكفور حتى لو اضطررت للتغيب عنها بعض الوقت وفق مقتضيات عملي".
وتتابع : " لكل من أراد أن يزايد على كفوريتي وكفاءتي كنت أقول: " ما هي الأشجار والأزهار التي تنبت في الكفور؟ لأننا كفرسان وطلائع وشبيبة وكشاف جلنا في الضيعة مرات عديدة، حفظنا عدد عيون الماء فيها وحفظنا النقطة التي تشرق منها الشمس والنقطة التي فيها تغيب، مشينا في أرضها وتعلمنا أن نعشق هذه الأرض وأن نثمن غناها وجمالها وهدفنا أن نوصلها الى حيث يجب أن تكون: أي وجهة من الوجهات السياحية في لبنان، وجهودي منصبة بالكامل على هذا المشروع."
وعن نظرة الرجل عموما، قالت: "بالترحيب قوبلت من أعضاء اللائحة، وكانت نقطة انطلاق مشجعة مهمة، كما أنني ألقى انفتاحا وقبولا رائعين داخل المجلس حيث أشارك في اتخاذ القرارات ووجود المرأة يضفي رونقا خاصا على الجلسات والليونة على القرارات، وأستطيع الجزم بأن وجودي بالنسبة لسائر الأعضاء، جميل، محبب وفعال في هذه الضيعة التي تجسد صورة مصغرة عن الدولة ".
وعن طموحها بالوصول الى أبعد تقول : " لا أعتقد أنني سأترشح في الإنتخابات المقبلة إفساحا في المجال أمام سائر الشباب لإيصال وجهة نظرهم ومن أجل ضخ دم جديد في المجلس. ست سنوات بالنسبة لي هي أكثر من كافية لكي أدلو بما عندي ولا أعلم إن كنت سأذهب الى أبعد في تعاطي في الشأن العام بل أترك ذلك لوقته ".
ميراي أبي عساف: الفرق الذي يحدثه حضور المرأة في المجلس البلدي لا يستهان به
وتقول العضو في مجلس بلدية ذوق مكايل، منسقة التيار الوطني الحر في البلدة، ميراي أبي عساف: " ترشحت مع فريق من شباب التيار في 2010 ضد لائحة المجلس البلدي المنتهية ولايته آنذاك وحققنا نتيجة لا بأس بها، فقررنا الترشح مجددا في 2016، ومن الطبيعي أن تكون خلفيتي سياسية إذ ينبغي أن يكون التيار ممثلا في البلدية لا سيما وأنه يعتمد مبدأ الشفافية المطلوب بداية في نطاق الحوكمة المحلية " مشيرة الى تمثيل التيار بثمانية أعضاء بين حملة بطاقات حزبية وعونيين، وأن هناك عضوان من حزب القوات اللبنانية أما الباقون فهم مستقلون ".
كمجازة في الحقوق ومحامية بالإستئناف وممارسة للمهنة وحائزة على ماستر في العلاقات الدولية ترى أن " أمورا كثيرا ضمن العمل البلدي تدخل في صلب اختصاصها كالعقود والإلتزامات والتلزيم والموظفين "، مشيرة الى كونها " عضوا في لجان الإعتراض على الرسم، والشكاوى والزراعة ".
وعن المشاريع التي حققتها تقول: " لمجلسنا البلدي برنامج وأهداف نعمل على تنفيذها يدا واحدة مع رئيس البلدية الياس البعينو وهو يتضمن مشاريع عدة اتفقنا عليها عند وضع برنامج اللائحة ".
ميراي عزباء تلقت دعما بنسبة 100% من العائلة والمحيطين بها من أجل الإنخراط المتابعة في العمل البلدي والمضي قدما في الشأن العام، تعتبر أن " الفرق الذي يحدثه حضور المرأة في المجلس البلدي لا يستهان به، حيث تتميز المرأة بقدرة احتمال أكبر من قدرة الرجل، بالنفس الطويل، وهي تتمتع بمصداقية أكثر من الرجل الذي يحتفظ لنفسه بطرق ملتوية يتملص بواسطتها من الإلتزامات، في حين أن المرأة موضوعية وحاسمة وملتزمة ".
وعن طموحها السياسي تقول: " كمنسقة التيار في ذوق مكايل، منذ التزامي في التيار الوطني الحر لم يكن المركز هدفي بل التزمت المبادئ التي تتوافق مع مبادئي ولست ملزمة باتخاذ قرار ليس نابعا من قناعاتي الشخصية ".
أما عن العلاقة التي تربطها بزميلتها ناتالي فرح قتقول إنها " جيدة جدا ومتميزة عن علاقاتهما بسائر أعضاء المجلس البلدي وإن التنسيق بينهما قائم لا سيما في ما يخص القضايا التي تعني المرأة ".
ناتالي فرح: " العمل البلدي ممتع ولكنه يتطلب المزيد من التفرغ "
وتفيد العضو في مجلس بلدية ذوق مكايل ناتالي فرح أنها ترشحت "بالغلط"، فبعدما قررت مقاطعة الإنتخابات حتى إقتراعا لأنها غير معنية بما يدور، ارتأت الإقتراع بتشكيل لائحتها الخاصة من اللائحتين المتنافستين ؛ ولكن كردة فعل على استفزاز اللائحة المنافسة للعائلة إتصلت باللائحة التي تأهلت للفوز وعرضت إستعدادها للانضمام الى صفوفها، مالئة مقعدا لطائفة الروم الكاثوليك.
ناتالي عزباء تلقت دعما وتشجيعا من العائلة تراهما طبيعيين، وتقول: "
أنا عضو في لجنة التربية ولجنة الثقافة ولجنة النشاطات ولجنة الزراعة ولجنة التنظيم المدني " مشيرة الى " أن وجود برنامج يعمل المجلس البلدي مجتمعا على تنفيذه لا يمنع من طرح أفكار جديدة يتم تبنيها أو إسقاطها بعد المناقشة "، واصفة التجربة " بالمتعبة والمتطلبة نظرا لعملي الكثير".
كحائزة على دوكتوراه في الكيمياء تدرس في جامعتين ومدرسة وتضيف: "مشكلتي أني أقطن في ذوق مصبح وعملي في بيروت، فأمضي بين ثلاث وأربع ساعات على الطريق يوميا وذلك يعيق توفيقي بين عملي والتفرغ الذي يتطلبه العمل البلدي".
وترى أن "العمل البلدي ممتع ولكنه يتطلب المزيد من التفرغ ولو تسنى لي أن أجد عملا في المنطقة فإن ذلك سيزيد المساحة لعملي في الشأن العام ".
وتصف العلاقة مع زميلتها ميراي أبي عساف بال "تمام" وتشدد على أن " المرأة الكفوءة تفرض نفسها واحترامها وتجبر الرجل على "قبضها جد" والتعامل معها على هذا الأساس".
نائب رئيس بلدية ذوق مكايل بيار الأشقر: المرأة تحيد نفسها عن الشأن العام لأنها غارقة في الوظيفة
وعن تجربة المرأة في العمل البلدي يرى نائب رئيس بلدية ذوق مكايل بيار الأشقر أن " النساء في لبنان معروفات بالشق الإداري بين القطاع الخاص والقطاع العام في الوظائف، غير أن تدخل النساء في الشأن العام لا يزال ضعيفا ومرد ذلك الى المرأة نفسها وليس الى الرجل إذ لطالما يقال أعطوا المرأة حقوقها لكن أحدا لا يمنع المرأة عن حقوقها بل هي من يتحمل مسؤولية التقصير في هذا المجال".
ويضيف: "عند الحديث عن الشأن العام تتوجه أنظار المرأة الى زوجها أو شقيقها أو والدها وهذا خطأ خلقي في الذهنية الشرقية بأن المرأة ليست معدة للشأن العام، رغم أنها نجحت في كل القطاعات وتبوأت مراكز اهم من تلك التي تبوأها الرجل لا سيما في الأمور الإدارية".
ويتابع: "المؤسسات العامة في لبنان تفتقر الى الإدارة والمرأة نجحت في الإدارة لكنها تحيد نفسها لأنها غارقة في الوظيفة ".
وعن تجربة السيدات اللواتي شغلن عضوية في المجلس البلدي يقول: " نستحسن التجربة ولكنها لا تزال ناقصة، إذ يجب أن تكون أفضل وبنسب أكبر كما ينبغي على المرأة أن تكرس وقتا أكبر للشأن العام فهو يتطلب تفرغا، سيما وأننا نفتقر في المؤسسات الى العامة الى مقومات الإدارة السليمة كالمكننة وغيرها، وهو ما تبرع فيه المرأة".
وشدد الأشقر على أن "المطلوب من الآنستين ميراي أبي عساف وناتالي فرح أكثر بكثير مما تعطيان ويعزو ذلك الى أن المرأة لم تأخذ بعد على عاتقها مؤسسة أو شركة، فهي لا تزال تستسهل الوظيفة وهذه الأخيرة تحد من تعاطي المرأة مع الشأن العام لأنها تضيق عليها من ناحية الوقت "، مشددا على أن " الشأن العام يتطلب تفرغا فعندما تكون المرأة صاحبة مؤسسة أو شركة تكون سيدة وقتها وتحركاتها وتصبح بالتالي قادرة على تكريس الوقت الكافي للعمل البلدي، وهذا ما يحررها من قيود الوظيفة والدوام ويطلق يدها في الشأن العام ".
ماغي سعادة
وفي خلال جولتنا على حضور المرأة في المجالس البلدية في كسروان - الفتوح إلتقينا السيدة ماغي توفيق سعادة التي اقتحمت أبواب بلدية ميروبا منذ 14 عاما لتشغل وظيفة مستكتب التي تتطلب شهادة في الكمبيوتر، في عالم كان حتى ذلك الوقت حكرا على الرجال".
وقالت: " شيئا فشيئا أصبح وجودي طبيعيا وحزت على محبة الجميع. وبدأت أطلع على سير العمل داخل البلدية وفق مختلف الآليات مع نهاية ولاية كل مجلس ومجيء المجلس الجديد "،مشيرة الى أنه " في نظام البلدية هناك ثلاثة أنواع من الموظفين: الكاتب والمستكتب والشرطي".
وتابعت: "يحق لكل من أمضى عشر سنوات في الوظيفة بترقية، حتى نقله من سلك الى آخر إن كان كفوءا، ولكوني كنت مسؤولة عن كل الأعمال الإدارية في البلدية، وكونت خبرة لدى مساعدتي للكاتب حتى في أمانة الصندوق ما عدا القبض. وعند بلوغ الكاتب سن التقاعد تم الإعلان عن الحاجة الى كاتب، فتقدمت لملء المركز الشاغر لكن واجهتني موجة من الإعتراضات لكوني امرأة، باعتبار أن العالم البلدي من اختصاص الرجل والمرأة طارئة عليه بحسب العرف في الضيعة".
أضافت: "كانت مرحلة صعبة بالنسبة لي ناضلت فيها من أجل إثبات وجودي خلال فترة شغر فيها منصب الكاتب وأمين الصندوق، وكنت عمليا أقوم بكل مهامهما، فسلمني إياه رئيس البلدية المنتهية ولايته بعد طول انتظار متمنيا على أعضاء المجلس الموافقة بالإجماع مع أن تعيين رئيس المجلس وحده يعد كافيا".
واوضحت " هكذا تسلمت المهام التي كنت أقوم بها رسميا وحصل التأقلم مع الواقع الجديد رغم صعوبات "هضم" الأمر من قبل الرجل في الضيعة ".
وترد سعادة ثباتها في موقعها الى ثقتها بنفسها والى الخبرة التي اكتسبتها وأكسبتها الكفاءة التي ساعدتها على كسب قبول الرجل.
هي متزوجة ولها ثلاثة أولاد وترى أن " وظيفتها في البلدية أهم من العضوية في المجلس لأنها فعالة وثابتة في حين أن الأعضاء يتبدلون مع نهاية كل ولاية"، مشددة على الخبرة التي اكتسبتها من عملها والتي تجعلها متفوقة على أعضاء المجلس البلدي.
ملاحظة هامة سجلناها في سياق قيامنا بالتحقيق وهو كون شاغلات المقاعد الأربعة في المجالس البلدية في عجلتون والكفور وذوق مكايل عازبات، فهل يقف الرجل حجر عثرة في طريق المرأة الى السياسة
أرسل تعليقك