الإيرانيّة آذر نفيسي تكتب أشياء كنتُ ساكتة عنها
آخر تحديث GMT12:40:13
 العرب اليوم -

نهلت مذكّراتِها من حياتها الشخصيّة والعائليّة

الإيرانيّة آذر نفيسي تكتب "أشياء كنتُ ساكتة عنها"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الإيرانيّة آذر نفيسي تكتب "أشياء كنتُ ساكتة عنها"

الكاتبة الإيرانية آذر نفيسي
طهران ـ العرب اليوم

تميّزت الكاتبة الإيرانية آذر نفيسي منذ روايتها الممتعة "أن تقرأ لوليتا في طهران" بأسلوبها السردي السلس الذي تستعيده في مذكراتها اليومية "أشياء كنت ساكتة عنها" (دار الجمل، ترجمة علي عبد الأمير صالح)، ونهلت الكاتبة موارد مذكراتها وروافدها من حياتها الشخصية والعائلية المفعمة بالأحداث والمعاناة والأحلام المجهضة في مرحلة حاسمة ومضطربة في بلدها الذي شهد نهاية حقبة الملكية، وبداية حقبة الثورة الإيرانية، وما تركته من أثر على حياة عائلتها البورجوازية ذات المكانة الرفيعة، فوالدها كان يتقلّد منصب محافظ طهران الذي أهّله لأن يكون على دراية بما كان يحيط بحاشية الشاه محمد رضا بهلوي، من وشاية ودسائس.
لكن الكاتبة التي روت ظروف اعتقال أبيها ما قبل الثورة ومحنته في السجن لم تدوّن التاريخ الحديث لإيران وتحوّلاته السياسية والاجتماعية إلاّ من خلال عينها وهواجسها، وفي هذا المقام تقف طويلاً عند تجربتها من الحكم الديني الذي استولى على مقاليد السلطة، وحاول اقتلاعها مثل سائر النساء من وضعيتها الانسانية، وثقافتها العلمانية التي نشأت عليها، وتطبيعها بثقافة دينية متزمنة.
وقاربت آذر نفيسي الماضي بوصفه فجوات يجب رتقها، لذلك غطّت سيرتها بالوقائع والذكريات والمرويات، كما بالمتخيل والموهوم والقصص المخترعة في طفولتها، بتأثير من حياتها في كنف عائلة مثقفة ومولعة بقراءة الروايات.
وما يميّز الكتاب هو الحكي الذي سكتت عنه في روايتها الأولى، فالتحريم الذي ضُرب على الكثير من الشؤون الشخصية وعلى حرية التفكير والتعبير إبان الثورة الإسلامية، هو الذي أرغمها في كتابها السابق على ان تتبنى التورية والتلميح وكل طرائق التملص من عيون رقباء الفضيلة الكثر.
ولعلّ فضاء الغرب الذي تعيش في ظله الآن أطلق العنان لنفسها وقلمها، وشجعها على البوح بما أُجبرت على أن تصمت عنه سابقاً من أحداث عامة ومواقف شخصية.
ورسمت الكاتبة في يومياتها الخطوط المتقاطعة بين السيرة الشخصية والسرد التاريخي العام، وإذا كانت تناولت في "أن تقرأ لوليتا في طهران" حقبة الثورة الإسلامية وما اعقبها من أحداث، ففي "أشياء كنت ساكتة عنها" تعود إلى الفترة التي سبقت الثورة وإرهاصاتها الأولى.
واستعادت أجواء عائلتها من مخطوطة تركها والدها لها، كان قد كتم بعض أسرارها في سيرته الذاتية التي كان قد طبعها في حياته، سيرة تمثل أباً نشيطاً ومثابراً وطموحاً منذ شبابه، وذا أهواء نسائية، وزوجة متعالية كانت تُغطي احساسها بالخيبة، بادعاء ان الدهر ظلمها وأضاع عليها الفرص.
وانطوى كتاب نفيسي على صور فوتوغرافية من الماضي بهتت ألوانها، تقرأ فيها المؤلفة ملامح أصحابها وأبعادها النفسية وانطباعاتها عن ظروف تصويرها، وتكشف خفايا العلاقة المثلثة بينها وبين أمها وأبيها.
وذكَرَت نفيسي نزوات أمٍ عاشت وهي تصنع روايتها الشخصية التي تسردها على مسامع البنت التي كانتها آذر نفيسي، هي رواية منسوجة من خيالات الأم وهواجسها وشعورها بتفوق موهوم.
وحاولت نفيسي في ما بعد، من دون جدوى، ان تتملص من أحابيل سردها ومن محاولة التفريق بين الخيط الواقعي والخيط المتخيل المتواشجين في لحمة واحدة، ولم تكن رواية الأم عن نفسها تكمن في ما قالته، بل في ما أهملته، وكانت الأم تحوّل التاريخ إلى فانتازيا، وتزيد بذلك من ضبابية صورتها وغموضها في ذهن البنت، وتدفعها الى عقد حلف مضمر مع والدها الذي تزداد إعجاباً بنجوميته، ضد تسلط الأم المزعوم.
وأكّدت نفيسي ان نزوات أمها جعلتها في طفولتها تلوذ إلى عالم اكثر حرية، هو العالم المتخيل المبتكر الذي سبق لأبيها أن وطّد طريقه لتنفذ اليه، عبر اختلاق القصص الملفقة او المستوحاة من التاريخ الايراني التي كان يسردها على مسامعها، طريق تحول في حياة الكاتبة مع انقضاء الأيام إلى شغف بالرواية، وكانت الروايات منبع استلهاماتها التي تصنع من خيوطها عالمها السري الذاتي، وقد حملت هذا العالم كما وصفته بدقة وتفصيل في كتابها "أن تقرأ لوليتا في طهران" إلى طالباتها في الجامعة.
وكان العالَم المتخيّل مختلفاً ومدهشاً مقارنة بذلك العالم الذي كانت تعيش فيه، وتعلمت ان ما وهبها إياه ابوها من خلال قصصه خطّ حدوداً لا مرئية تصنع منها وطناً غير الوطن الذي فرضه المتشددون الثوريون، وطناً لا يعتمد على الجغرافية او القومية، ولا يقدر احد أن ينتزعه منها.
بيد أن الهاجس الذي ما فتئ يلاحق الكاتبة هو هاجس وضعية المرأة في بلدها طوال الحقب السياسية والاجتماعية التي توالت عليه، منذ عهد جدّتها التي شهدت الثورة الدستورية العام 1905، وما حققته من تقدم نوعي في حياة المرأة الايرانية، وبعدها الأم التي انتُخبت نائبة في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وحقبة الكاتبة التي شبّت في عهد الثورة التي أرغمتها وأرغمت نساء ايران على العودة الى قوانين قهر المرأة، وكانت قصائد فروغ فرخزاد الجريئة معينها لمواجهة السلطة الدينية الجديدة التي تحاول أن تنتزع منها حريتها.
وتبلور وعي الكاتبة الوجداني والسياسي برجوعها الدائم الى "الشاهنامة"، ملحمة الفردوسي، ال

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإيرانيّة آذر نفيسي تكتب أشياء كنتُ ساكتة عنها الإيرانيّة آذر نفيسي تكتب أشياء كنتُ ساكتة عنها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:17 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السوداني يعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار
 العرب اليوم - الجيش السوداني يعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab