جيهان الأيزيدية تروي أهوال الاغتصاب والزواج القسري مع داعش
آخر تحديث GMT04:31:35
 العرب اليوم -

عقب عودتهن لعائلاتهن بعد استعادة السيطرة على المنطقة المنكوبة

"جيهان" الأيزيدية تروي أهوال الاغتصاب والزواج القسري مع "داعش"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "جيهان" الأيزيدية تروي أهوال الاغتصاب والزواج القسري مع "داعش"

"جيهان" الأيزيدية تروي أهوال الاغتصاب
بغداد - العرب اليوم

بدأت تبرز معاناة عشرات النساء والفتيات الأيزيديات، اللواتي حملن بأطفال من إرهابيين اختطفوهن عام 2014 لدى اجتياحهم منطقة سنجار شمال غرب العراق، حيث تعيش غالبية من الطائفة الأيزيدية، عقب دحر القوات العراقية والكردية لإرهابيي "داعش"، وانقشاع غيوم الإرهاب عن مناطق الأكراد في الشمال.

وعادت نساء كثيرات، كن أسيرات، إلى عائلاتهن، بعد استعادة القوات العراقية السيطرة على المنطقة المنكوبة، والهزيمة التي لحقت أخيرا بتنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا، لكنهن غارقات في اليأس والألم، نتيجة جراح لم تندمل بسبب الأهوال التي تعرضوا لها، وكان من بينها الاغتصاب والتعذيب والزواج القسري على أيدي عناصر "داعش". وتزيد آلام الكثيرات منهن نتيجة تخليهن عن أطفالهن، الذين نتجوا عن  هذه الممارسات، والذين تحولوا إلى رمز مرفوض في المجتمع الأيزيدي، باعتبارهم وسما على ضياع الشرف ومعاناة الأهوال.

"جيهان" فتاة أيزيدية في الـ18 من عمرها، أُرغمت على ترك أطفالها الثلاثة، الذين أنجبتهم من زواج تمّ غصبا عنها من أحد إرهابيي "داعش"، والعودة إلى عائلتها، حتى لا يتهمها مجتمعها وطائفتها بـ"ارتكاب الرذيلة".

وتقول "جيهان قاسم"، متحدثة عن أطفالها الثلاثة، صبيان وفتاة، في مبنى مهجور في بعدرة، حيث تعيش اليوم مع عائلتها المهجرة من سنجار: "لم أستطع أن أعيدهم معي إلى البيت، هم أولاد داعش"، مضيفة "كيف آتي بهم إلى هنا، وأشقائي ما زالوا عند داعش؟".

وكانت "جيهان" في الثالثة عشرة من عمرها عندما خطفها إرهابيو "داعش"، لترغم بعد عامين على الزواج من رجل تونسي داعشي، أنجبت منه 3 أطفال، ثم فرت قبل 4 أشهر معه برفقة أطفالهم إثر القصف الذي تعرضت له بلدة الباغوز شرق سوريا، والتي شكلت المعقل الأخير لـ"داعش" قبل انهياره.

عندما علمت قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من الولايات المتحدة أنها أيزيدية نقلتها مع ابنها البكر، وعمره عامان، وابنتها وعمرها عام واحد، وطفلتها الرضيعة، إلى ملجأ لاستقبال الأيزيديين معروف باسم "البيت الأيزيدي" في شمال شرق سوريا. ونشر "البيت الأيزيدي" صور "جيهان" على مواقع التواصل الاجتماعي، فتمكن شقيقها الأكبر "سامان"، الذي ما زال موجودا في شمال العراق من الوصول إلى شقيقته والعودة بها إلى أسرتها، لكن 3 أشقاء آخرين لـ"جيهان" لا يزالون في عداد المفقودين، منذ سيطرة داعش عام 2014 على قريتها في شمال العراق.

وعانت "جيهان" كثيرا قبل اتخاذ قرار العودة، واضطرت إلى ترك أطفالها الرضع مع السلطات الكردية السورية، تقول بحسرة "إنهم صغار، وكانوا متعلقين بي جدا، لكنهم يبقون أولاد داعش"، وتتابع "اليوم الأول كان صعبا، لكننا ننساهم شيئا فشيئاً"، مشيرة إلى أنها لا تحتفظ بصور لأطفالها ولا تريد أن تتذكرهم.

مُسلم تلقائيا

يرفض المجتمع الأيزيدي كل امرأة تتزوج من غير أيزيدي، حتى وإن كانت مرغمة على ذلك. ب,النسبة للفتيات اللواتي اختطفهن الإرهابيون، أصدر الزعيم الروحي للطائفة الأيزيدية بابا شيخ مرسوما تاريخيا، دعا المجتمع إلى استقبال وحضن الناجيات من الاعتداءات الجنسية على أيدي الدواعش، لكن الأمر لا ينطبق على أطفالهن. ففي أبريل/نيسان، أصدر المجلس الروحاني الأيزيدي الأعلى بيانا غير واضح يرحب بـ"أطفال الناجيات"، ما أثار الأمل في حدوث إصلاح ثانٍ لقبول المولودين من أم أيزيدية وأب من تنظيم داعش الإرهابي. لكنه أدى إلى ردود فعل عنيفة بين المحافظين الأيزيديين، ما دفع المجلس إلى التوضيح بأن شيئا لم يتغير، وأن الأطفال المولودين من أبوين أيزيديين هم فقط المقبولون ضمن الطائفة.

الناشط الأيزيدي طلال مراد يوضح أن إصلاحا بهذا الشكل كان يمثل فتح أبواب تغيير أمام مجتمع ما زال مصابا بالصدمة، ويضيف "مراد"، الذي يرأس موقع "أيزيدي 24"، المتخصص في الشؤون الأيزيدية: "إذا حدث مثل هذا التغيير في الدين سيحدث تشتتا كاملا في الديانة الأيزيدية".

ويقول مدير مكتب المجلس الروحاني الأيزيدي الأعلى، علي خدر، إن النقاش حول الأطفال لا يتعلق بإصلاح عقائدي فقط. ويضيف من مقر المجلس في شيخان: "الدستور العراقي يمنع هذا الشيء أيضا، أي طفل من والد مفقود أو غير موجود يسجّل أوتوماتيكيا كمسلم".

وينص القانون الإسلامي الذي يستند إليه الدستور العراقي، على أن الانتماء الديني للشخص يورث عن الأب، كما يشير "خدر" إلى "تبعات نفسية"، لأن المجتمع الأيزيدي لا يمكن أن يتقبل أطفالا من إرهابيين اختطفوا واغتصبوا بناته. ويتابع "لدينا حتى الآن ستة آلاف ضحية - فتيات ونساء أيزيديات - بيد الدواعش، ما من أحد يسأل عنهن، فيما يسألون عن أطفال على عدد أصابع اليد". ولا تتوفر لدى المجلس إحصاءات عن عدد الناجيات الأيزيديات مع أطفال من آباء دواعش.

دم ولحم ودموع

تركت معظم الأمهات الأيزيديات أطفالهن لدى "البيت الأيزيدي" في سوريا. لكن بعضهن أحضرن أطفالهن معهن إلى العراق، ورفضن إجراء مقابلات صحفية بسبب حساسية الأمر. وبعد أن ألحت إحداهن على أسرتها للقبول بتربية طفلها الرضيع من أب داعشي مفقود، وعمره عام واحد، تخلت عن الفكرة عندما أدركت أنها لن تتمكن من الحصول على وثائق شخصية عراقية له بسبب عدم وجود والده. ودفعها ذلك إلى التخلي عن طفلها للتبني، حسبما تقول الطبيبة المشرفة على علاجها.

وفي حالة أخرى، وصلت في الربيع الماضي فتاة في الثامنة عشرة من عمرها إلى العراق بعد إطلاق سراحها، وهي حامل في الأشهر الأخيرة من إرهابي داعشي. وتقول المساعدة الاجتماعية التي تشرف على حالتها: "إن الشابة بقيت لأسابيع في منزل آمن دون علم أسرتها حتى أنجبت وأرسلت طفلها إلى مكان بعيد، قبل أن تلحق بأقربائها الذين يعيشون في مخيم للنازحين".

وتقول مديرة شؤون المرأة والطفل في الموصل، سكينة يونس: "إن خمسة أطفال من أمهات أيزيديات وآباء دواعش وصلوا العام الماضي إلى دار أيتام الموصل. ومن المرجح أن تكون تبعات التأثير النفسي لهذا الأمر طويلة الأمد.

وتبدو "جيهان" اليوم محطمة، فقد وصفت أطفالها قبل أسابيع فقط، لأحد كوادر الشؤون الاجتماعية بأنهم "لحمها ودمها"، قائلة إنها تشتاق إليهم. وبينما كانت تتحدث عن أطفالها بقناعة بضرورة تركهم إلى حد ما، كانت ابتسامة خجولة تعلو وجهها وهي تتذكرهم، وفي لحظة معينة، بدا وكأنها تبكي بصمت عندما ترك شقيقها المكان. وتقول في تلك اللحظة "لو كان الأمر بيدي، بالتأكيد كنت سأجلبهم معي".

الإبادة مستمرة

يقول الأيزيديون إن الأحداث التي تعرضوا لها تمثل "إبادة جماعية"، مشيرين الى أنها حادثة الإبادة الـ 74 التي يتعرضون لها في تاريخهم. ولا يزال مصير مئات النساء والأطفال والرجال المفقودين مجهولا رغم انهيار داعش في سوريا والعراق، بعد معركة الباغوز في مارس/آذار الماضي. ولجأ نحو 100 ألف شخص من الأيزيديين، أي قرابة خُمس عدد هذه الأقلية قبل الحرب، إلى دول أجنبية. فيما لا يزال 360 ألف شخص مشردين داخل العراق لأن قراهم ما زالت تحت الأنقاض.

وأصبح قضاء سنجار تحت سيطرة قوات مسلحة موالية للحكومة، تضربه الفيضانات خلال الشتاء والحرائق في موسم الصيف. ويقول خدر إن "الإبادة الجماعية مستمرة"، ويلقي بابا شاويش، المشرف على "معبد لالش"، الذي يعد أهم معابد الطائفة الأيزيدية، اللوم على الحكومة المركزية في بغداد. ويقول "الحكومة الاتحادية في بغداد تعلم جيدا أن آلاف الأيزيديات ما زلن أسيرات، ولم تتخذ حتى الآن قرارا باعتقال أي شخص يحتفظ بأيزيدية، وهي غير متعاونة معنا".

واقترح الرئيس العراقي برهم صالح في أبريل/نيسان مشروع قانون لتعويض الأيزيديين، وطريقة لتحديد الوضع القانوني للأطفال المولودين من دواعش، لكن البرلمان لم يناقشه حتى الآن، ويشعر الأيزيديون بإحباط جراء ما يعتبرونه ضغوطاً عالمية لإجراء الإصلاح الديني واستقبال الأطفال المولودين من آباء دواعش.

وتجمع شخصيات بارزة في المجتمع على أن الخيار الأمثل لهؤلاء الأطفال وأمهاتهم هو الهجرة إلى أوروبا، وتقول النائبة السابقة الأيزيدية فيان دخيل إن "الموضوع معقد جدا، الحل الأنسب حاليا موجود خارج العراق. في تصوري، الحل هو هجرة النساء مع أطفالهن إلى أوروبا". وتقول نغم حسن، طبيبة الأمراض النسائية التي شاركت منذ عام 2014 في علاج عدد كبير من الأيزيديات الناجيات، حذرت منذ سنوات بأننا سنواجه هذه المشكلة، الآن، أصبح المجتمع الأيزيدي محطما، والجميع يريد أن يرحل إلى دول أجنبية.

وقد يهمك ايضا:

الأمم المتحدة تؤكد أن الأرامل أكثر ضحايا العنف الجسدي

معاهدة دولية لمكافحة التحرش والعنف في أماكن العمل

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جيهان الأيزيدية تروي أهوال الاغتصاب والزواج القسري مع داعش جيهان الأيزيدية تروي أهوال الاغتصاب والزواج القسري مع داعش



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025

GMT 20:36 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إسعاد يونس تتمنى أن يجمعها عمل مسرحي بشريهان

GMT 10:43 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البيتكوين تقترب من 90 ألف دولار بعد انتخاب ترامب

GMT 10:41 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يفقد أرنولد أسبوعين ويلحق بموقعة ريال مدريد

GMT 11:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجددا بعد غياب 12 عاما

GMT 13:36 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمازون تؤكد تعرض بيانات موظفيها للاختراق من جهة خارجية

GMT 13:40 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين تطلق قمرا صطناعيا جديدا لرصد انبعاثات غاز الميثان

GMT 17:33 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل شخصين في الغارة الإسرائيلية على مدينة صور جنوبي لبنان

GMT 03:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض.. لغة قوية تنتظر التنفيذ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab