القاهرة - العرب اليوم
المتفوقون في دراستهم والمتفوقات لابد وأن تمر عليهم فئة الغشاشين في جميع الصفوف الدراسية تقريبا.... طالبة تراقبك من بعيد لفترة، وعندما تدرك نبوغك واجتهادك تبدأ في التقرب منك شيئا فشيئا، فالالتصاق بك في كل مكان إلى أن تجلس بجوارك في المدرسة أو في محاضراتك الجامعية، وتكسب قلبك وتصبح مقربة من نفسك. وعند وجود امتحانات، أو حتى اسئلة شفوية مفاجئة، تجدينها تستغلك وتطلب منك مساعدتها وإمدادها بالإجابات،
ولطيبة قلبك تفعلين ذلك بعد القليل من التردد في البداية، ثم لا يلبث أن يصبح هذا هو أساس العلاقة بينكما. وقد تجدين أن تلك الفتاة رغم استغلالها لك بشكل ما ، إلا أنها تحبك بصدق وتحرص على صداقتكما حتى إذا فرقتكما الظروف فيما بعد ولم تعودا زميلتين في نفس الصف الدراسي. لكن المؤسف أنه في أحيان كثيرة، تقتصر العلاقة من جهة الطرف الآخر على الاستغلال ومص دم الطالب أو الطالبة المجتهدة، وربما إذا وجدت تلك الزميلة في لحظة ما أنك لم تعودي مفيدة لها بالشكل المطلوب، أو وجدت من هي أكثر تفوقا وكرما منك في تسهيل الغش لها، لتركتك فورا وابتعدت عنك لتتقرب من غيرك وتبدأ علاقة طفيلية جديدة معها! كل هذا شائع الحدوث،
وقد مر أغلبنا به، لكن الغريب قليلا هو أن تستغلك إحداهن، وتخدعك لتغش منك إجاباتك دون إذنك أو حتى علمك بما فعلت! هذا بالضبط ما حدث مع إحدى طالبات المرحلة الثانوية والمتفوقة بصفة خاصة في دروس اللغة الفرنسية، حيث كانت معتادة أن يحاول الجميع التقرب منها وسؤالها عن إجابات لبعض الأسئلة التمارين التي يكلفهم بها المدرس، أو حتى يطلبوا منها أحيانا أن تعيد عليهم شرح بعض الدروس الصعبة التي لم يفهموها من شرح المدرس.
كانت تفعل كل ذلك عن طيب خاطر ودون أن تنزعج. لكن في أحد الشهور، تم نقل طالبة جديدة إلى الفصل وكان مستواها سيئا للغاية في اللغة الفرنسية، وجلست خلف صديقتنا التي نحكي عنها، وسرعان ما علمت بتفوقها وبأن الجميع يطلب منها المساعدة.
وعندما جاء موعد امتحان الشهر، طلبت من الفتاة المتفوقة أن تحرك مقعدها قليلا بزاوية معينة بحجة أنها تريد أن تسند قدمها على ظهره لتجلس بشكل أكثر راحة، لكن الحقيقة كانت غير ذلك! فعند ظهور نتيجة امتحان الشهر، حصلت الطالبة المتفوقة على الدرجة النهائية،
لكنها لاحظت أن الطالبة الجديدة التي تجلس خلفها حصلت على نفس درجاتها، وهنا أدركت أنها قد وقعت ضحية عملية غش دبرتها تلك الفتاة، واستغلتها لتنقل إجاباتها كلها كما لو كانت نسخة بالكربون أثناء الامتحان دون حتى أن تستأذنها أو تطلب منها المساعدة في بعض الأمور.
وهنا استشاطت صديقتنا المتفوقة عندما كشفت الحيلة القذرة التي كانت هي ضحيتها، فماذا تفعلين لو كنت مكانها؟ كلام العقل يقول ألا تتسرعي بإصدار أحكام في مثل هذا الموقف، فربما تمكنت تلك الفتاة بشكل ما أن تجتهد وتذاكر دروسها كما يجب قبل موعد الامتحان. وحتى لا تظلميها عليك أن تفعلي شيئا من اثنين: حاولي تجنب الجلوس في أي مكان قريب منها فيما بعد حتى لا تكون لديها أي فرصة لنقل إجاباتك فيما بعد.
الحل الثاني هو أن تتعمدي في أول اختبار شهر قادم أن تجيبي عن أحد الأسئلة بشكل خاطيء، ولتري ما سيحدث، هل ستجيب عنه هي أيضا بشكل مطابق لإجابتك؟ إذا حدث ذلك، لا تتردي في الشكوى بشكل رسمي للمدرس حتى يتخذ إجراءاته مع تلك الغشاشة المستغلة التي تحيا على دماء الآخرين دون أي وازع من ضمير، وربما تكون قد تم نقلها من فصلها الأصلي لنفس السبب.
لكن إذا تأكدت أن ما حدث في الامتحان الأول كان مجرد صدفة، وأن الفتاة حصلت على تلك الدرجات بمجهودها الشخصي، إذن فالأمر لم يكن سوى مجرد هواجس في رأسك لا أساس لها من الصحة، وربما عليك في هذه الحالة أن تصارحيها بسوء ظنك السابق فيها، وتعتذري عن سوء التفاهم الذي حدث، وربما يكون ذلك بداية لصداقة تقوم بينكما.
أرسل تعليقك