واشنطن - يوسف مكي
نجح العلماء في تطوير ما وصفوه بـ"اختراقات الخلايا الحية" باستخدام لغة البرمجة، مما يسمح بالتأثير على وظائف الخلايا، وذلك في إطار جهود كثيرة لتسخير قوة الخلايا الحية والتي يمكن أن تحدث ثورة في علم الأحياء الصناعية.
وتكمن النتائج بالأساس في إرسال وظائف جديدة إلى الخلايا الحية على شكل أوامر للقيام بها، وذلك من خلال هندسة الحمض النووي الدائرية، وطورها علماء في الولايات المتحدة تمكنوا من إعادة كتابة شيفرات من البكتيريا وتغيير وظائفها البيئية، وكانوا قادرين على إدخال رموز الوظائف الجديدة تمامًا مثل كتابة برامج الكمبيوتر باستخدام لغة البرمجة النصية، التي يتم نقلها إلى الحمض النووي للخلية.
وأوضح المهندس البيولوجي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، البروفيسور كريستوفر فويت، بقوله "إنها حرفيًا لغة برمجة للبكتيريا باستخدام لغة النص القائمة، تمامًا مثل برمجة الكمبيوتر، والتي تترجم وتتحول إلى تسلسل الحمض النووي في الخلية وبالتالي تعمل داخلها".
وتستطيع البيولوجيا التركيبية في مجال الكائنات الحية أن تتلاعب بوظائف الخلايا وتغييرها، بما في ذلك المواد التي تفرزها أو النفايات التي تنتجها أو حتى استجابتها للأدوية، ويحدث الأمر عن طريق توليد دوائر للحمض النووي قادرة على جعل الخلايا تلحق سلسلة من الخطوات المنطقية مع منبهات بيئية محددة، فإذا نقصت درجة الحموضة أقل من المستوى معين في الجسم فإن التبديل الجيني يسارع ليزيد من إنتاج بروتين معين مثل الإنسولين لتعديل النقص.
وفي الواقع فإن إنتاج الإنسولين يمكن أن يتحول أو يتوقف بجعل بيئة الخلايا أكثر حمضية، وباستخدام لغة البرمجة الحالية التي تدعى "فيريلوغ" فإن فريق المعهد صمم دوائر منطقية يجرى ترميزها أو تشفيرها إلى حلقات اصطناعية من الحمض النووي تسمى "البلازميدات" وذلك باستخدام نظام يسمى التشيلو، وتدخل هذه البلازميدات الاصطناعية في البكتيريا القولونية التي أجرى عليها البحث؛ لإضافة جينات جديدة للكائنات الحية الدقيقة، ويعتبر هذا النهج بسيط ويعني أن علماء الوراثة يستطيعون تصميم دوائر اصطناعية تخلق وظائف جديدة للخلايا فقط عن طريق تصميم الدوائر لتحويل رموز الكمبيوتر إلى شيفرة وراثية وظيفية جديدة.
وتابع الدكتور كريستوفر "يمكن لأي طالب في الثانوية زيارة الإنترنت وكتابة البرنامج الذي يريده ليشكل تسلسل الحمض النووي الذي يريده، فالأمر في غاية البساطة"، واستطاع علماء الدراسة أن يصمموا سلسلة من البوابات المنطقية التي تخلق مسارات لمتابعة بناء سلسلة من النتائج، والتي كتبت في الحمض النووي وحولت وظيفة البكتيريا القولونية، وتستطيع هذه الدوائر كشف وجود مركبات مختلفة مثل الأكسجين أو الجلوكوز وكذلك الضوء ودرجة الحرارة والحموضة والظروف البيئة الأخرى، واستطاع الفريق إنجاز هذا التغيير من خلال سبع خطوات، وتشير التقارير إلى أنها أكبر حلبة بيولوجية على الإطلاق.
ويتمثل التحدي الرئيسي في تصميم الدوائر في المحافظة على عدم تداخلها مع بعضها البعض داخل الخلايا، حتى لا تتلقى الخلايا مدخلات متعددة في وقت واحد، وفي حين أن التصميم الجديد جاء لبكتيريا القولون، لكن العلماء يعتقدون أنها يمكن أن تطبق على البكتيريا الموجودة في أمعاء الإنسان.
أرسل تعليقك