تحيي اليونسكو بعد غد إعلان إطلاق السنة الدولية للضوء 2015 ، بهدف زيادة التوعية حول الفرص التي توفرها تكنولوجيا الضوء في مواجهة العديد من التحديات العالمية المرتبطة بالضوء والتعليم والزراعة والصحة فمن شأن هذه التكنولوجيات أن تحدث تحولاً في القرن 21 مثلما فعلت الإلكترونيات في القرن 20 . وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت أن سنة 2015 سنة دولية للضوء وتكنولوجيات الضوء في 20 ديسمبر 2013. وخلال هذه السنة الدولية ستجمع اليونسكو الجهات المعنية الرئيسية بما فيها الجمعيات والاتحادات العلمية والمؤسسات التعليمية والبرامج التكنولوجية والمنظمات التي لا تستهدف الربح، فضلاً عن شركاء القطاع الخاص.
وسوف تروج جميع هذه الجهات معاً لتكنولوجيات الضوء من أجل تحسين نوعية الحياة في البلدان المتقدمة والبلدان النامية وذلك من خلال التعليم من أجل التنمية المستدامة (علماً بأن الدراسة بعد غروب الشمس غالباً ما يصعب إجراؤها في البلدان النامية) وخفض التلوث الضوئي، وهدر الطاقة ، وتمكين النساء في مجال العلوم ، فضلاً عن الترويج في صفوف الشباب.
ويجهل كثير من الناس أن العالِم إسحق نيوتن تناول في بحوثه مواضيع تجاوزت ما انطوى عليه اكتشافه المتعلق بسقوط تفاحة من على شجرة فقد بيّن، باستخدامه منشورا زجاجيا يعكس مسار ضوء الشمس، أن الضوء الأبيض إنما يتألف في واقع الأمر من 7 ألوان مختلفة هي: الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والضارب إلى الزرقة والأزرق والنيلي، فاللون يأتي من الضوء ـ بل إن اللون هو ضوء بالفعل. وكما كشف نيوتن عن طيف الألوان التي تشكل الضوء الأبيض، فيجب علينا أن نكشف للعالم عن أهمية الضوء في تحقيق مزيد من التنمية وبناء المستقبل الذي ينعم بالسلام وسيصادف الاحتفال بهذه السنة الدولية استهلال حملة "عالم ابن الهيثم ونشر أعماله العظيمة بشأن البصريات قبل 1000 سنة"، وهي حملة عالمية تشترك اليونسكو في تنظيمها مع منظمة "ألف اختراع واختراع" المعنية بالعلوم والتراث الثقافي، وذلك بغرض الإعلان عن سلسلة من المعارض التفاعلية وحلقات العمل والعروض الحية التي تمثل عالم هذه الشخصية العلمية البارزة.
وغني عن البيان أن ابن الهيثم ـ الذي غالباً ما يطلق عليه اسم "أبو البصريات الحديثة" ـ ولد أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم في مدينة البصرة في العراق سنة 965 ميلادية (354 هجرية) وتوفي في القاهرة سنة 1040 (430). وأهم آثاره "كتاب المناظر" والذي تضمن كثيرا من إسهاماته وخاصة في علم البصريات وتصحيح الكثير من المفاهيم السائدة فهو أول من أثبت أن الضوء يأتي من الأجسام إلى العين وليس العكس مما مهد فيما بعد لاختراع الكاميرا. وهو أول من شرح العين تشريحا كاملا مبينا وظيفة كل عضو فيها. وقد حقق ابن الهيثم إنجازات مهمة في مجالات البصريات والرياضيات وعلم الفلك، كما ساهم في إرساء دعائم المنهج العلمي الحديث .
وعن إسهاماته والعديد من المساهمات العلمية الأخرى التي قدمت خلال العصر الإسلامي الذهبي، قالت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو، إنني سعيدة للتعاون مع منظمة "ألف اختراع واختراع" لاستهلال حملة "عالم ابن الهيثم العالمية"، وذلك لتعزيز تسخير العلوم القائمة على الضوء لمنفعة الجميع.
وأضافت قائلة "كان ابن الهيثم عالماً رائداً وإنساني النزعة عاش قبل ألف سنة؛ ولم تكن حياته وأعماله مهمة بقدر ما هي عليه الآن".
تجدر الإشارة إلى أن السنة الدولية للضوء ستكون مناسبة للاحتفال بذكرى الإنجازات التي حققتها رموز علمية مهدت السبيل للمضي قدما بفهم الإنسانية للضوء، ومن هذه الإنجازات: كتاب المناظر لابن الهيثم - 1015 ؛ نظرية أوغسطين ـ جان فرينيل التي تحدد الضوء باعتباره موجة - 1815؛ نظرية جيمس كليرك ماكسويل الخاصة بالموجات الكهرومغناطيسية للضوء - 1865؛ النظرية النسبية العامة التي وضعها أينشتاين الرامية إلى استكشاف الضوء من خلال المكان والزمان - 1915؛ اكتشاف أرنو بينزياس وروبرت ويلسون إشعاع الخلفية الميكروبي الكوني؛ والإنجازات الرائدة لتشارلز كاو في مجال الألياف البصرية التي أتاحت التوصل إلى تكنولوجيات تحويلية من قبيل اتصالات النطاق العريض السائدة في الوقت الحالي – 1965 .
وتعريف علم الضوئيات (الفوتونية) هو علم وتكنولوجيا التوليد والتحكم في الفوتونات لتوليد الضوء وانبعاثه وإرساله وتعديله ومعالجة إشاراته وتحويله وتضخيمه وكشفه/استشعاره، وبالتالي يؤكد مصطلح الضوئيات على أن الفوتونات ليست جسيمات ولا موجات ، فهي مختلفة من حيث أن لديها طبيعة الجسيمات والموجات على حد سواء.
وتشمل الضوئيات جميع التطبيقات التقنية للضوء عبر كامل الطيف من الأشعة فوق البنفسجية عبر الطيف المرئي إلى الأشعة تحت الحمراء قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى، وتأتي معظم التطبيقات مع ذلك في نطاق الأشعة تحت الحمراء المرئية والقريبة وقد تطور مصطلح الفوتونية (الضوئيات) وذلك امتدادا للبواعث الضوئية الأولى من أشباه الموصلات التي تم ابتكارها في أوائل ستينيات القرن الماضي والألياف البصرية التي تم تطويرها في السبعينيات.
وكلمة "ضوئيات" مشتقة من الكلمة اليونانية photos"(صور فوتوغرافية) التي تعني الضوء؛ وقد ظهرت في أواخر الستينيات لوصف حقل بحثي كان هدفه هو استخدام الضوء لإنجاز المهام والذي وقع بشكل تقليدي ضمن النطاق العادي للإلكترونيات مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية ومعالجة المعلومات وما إلى ذلك. وبدأ علم الضوئيات كحقل علمي مع ابتكار الليزر في عام 1960. وتبع ذلك تطورات أخرى منها الصمام الثنائي لليزر في السبعينيات والألياف البصرية لنقل المعلومات ومضخم الألياف المطعمة بالإربيوم. وشكلت هذه الاختراعات الأساس الخاص بثورة الاتصالات السلكية واللاسلكية في أواخر القرن 20 وأتاحت البنية الأساسية لشبكة الإنترنت.
وعلى الرغم من صياغته في وقت مبكر، بات مصطلح علم الضوئيات شائع الاستخدام في الثمانينيات مع اعتماد مشغلي شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية لتقنيات إرسال البيانات عبر الألياف الضوئية. وفي ذلك الوقت جرى استخدام المصطلح على نطاق واسع في مختبرات بل. وتم تأكيد استخدامه عندما أنشأت جمعية الليزر والكهربائية والبصريات مجلة أرشيفية باسم " تقنية رسائل الضوئيات في نهاية الثمانينيات".
وخلال الفترة التي سبقت ما يعرف بأزمة فقاعة الإنترنت في عام 2001 تقريبا، انصب تركيز علم الضوئيات بشكل كبير على الاتصالات السلكية واللاسلكية. وتغطي الضوئيات مجموعة كبيرة من التطبيقات العلمية والتكنولوجية بما في ذلك ، الصناعات القائمة على الليزر والاستشعار البيولوجي والكيميائي والتشخيصات والعلاجات الطبية وتكنولوجيا أجهزة العرض والحوسبة البصرية، وتشهد التطبيقات الفوتونية الخاصة بالاتصالات السلكية واللاسلكية نموا كبيرا، لا سيما منذ اندلاع فقاعة الإنترنت ويرجع ذلك جزئيا إلى أن العديد من الشركات باتت تبحث عن مجالات تطبيقية جديدة، ومن المرجح حدوث مزيد من النمو للضوئيات إذا نجحت تطورات ضوئيات السيليكون.
ويرتبط علم الضوئيات ارتباطا وثيقا بالبصريات، ومع ذلك فإن البصريات سبقت الاكتشاف المتمثل في أنه يمكن حساب الضوء بلغة ميكانيكا الكم (عندما قام ألبرت أينشتاين بشرح التأثير الكهروضوئي في عام 1905). وتشمل أدوات البصريات العدسة العاكسة والمرآة العاكسة والعديد من المكونات البصرية المعروفة قبل عام 1900. ولا تعتمد المبادئ الرئيسية للبصريات الكلاسيكية، مثل مبدأ هيغنز ومعادلات ماكسويل ومعادلات الموجة على الخصائص الكمية للضوء. ويرتبط علم الضوئيات بالبصريات الكمية والميكانيكا البصرية والبصريات الكهربائية والإلكترونيات البصرية والإلكترونيات الكمية.
ولكل مجال دلالات مختلفة اختلافا قليلا باختلاف المجتمعات العلمية والحكومية وفي السوق، وتشير البصريات الكمية عادة إلى الأبحاث الأساسية، في حين أن الضوئيات تستخدم للإشارة إلى البحوث التطبيقية وعمليات التطوير.
ويشير مصطلح الضوئيات على نحو أكثر تحديدا إلى الخصائص الجسيمية للضوء ؛ القدرة على ابتكار تقنيات لمعالجة الإشارات باستخدام الفوتونات ؛ التطبيق العملي للبصريات ؛ التناظر مع الإلكترونيات، أما مصطلح الإلكترونيات البصرية فيشير إلى الأجهزة أو الدوائر التي تتألف من وظائف كهربائية وبصرية على حد سواء أي الأجهزة ذات المادة الفيلمية الرقيقة من أشباه الموصلات. ودخل مصطلح البصريات الكهربائية حيز التنفيذ في وقت سابق ويشمل على نحو محدد التفاعلات الكهربائية- البصرية غير الخطية التطبيقية، على سبيل المثال أجهزة التضمين الكريستالية مثل خلية بوكلز، ولكنها تتضمن أيضا أجهزة استشعار التصوير المتقدمة التي تستخدم عادة لأغراض المراقبة من قبل مؤسسات مدنية أو حكومية.
وترتبط الضوئيات كذلك بعلوم المعلومات الكمية الناشئة في تلك الحالات التي تستخدم فيها الأساليب الضوئية، ومن بين المجالات الناشئة الأخرى علم الفيزياء النووية - البصرية التي تقوم فيها الأجهزة الضوئية بدمج الأجهزة الفوتونية والأجهزة الذرية لإجراء تطبيقات مثل ضبط الوقت بدقة وعلم القياس والموازين؛ ونظام "البولاريتونات" الذي يختلف عن الضوئيات من حيث أن حامل المعلومات الأساسي هو البولاريتون، وهو مزيج من الفوتونات والفونونات ويعمل في نطاق ترددي من 300 جيجاهرتز إلى 10 تيراهرتز تقريبا.
وتطبيقات الضوئيات موجودة في كل مكان ، وتشمل جميع المجالات بدءا من الحياة اليومية وصولا إلى العلوم الأكثر تقدما، ومع توسع تطبيقات الإلكترونيات بشكل كبير منذ اختراع أول ترانزستور في عام 1948، تستمر التطبيقات الفريدة للضوئيات في التطور، وتتضمن التطبيقات المهمة اقتصاديا الخاصة بالأجهزة الضوئية من أشباه الموصلات تسجيل البيانات البصرية والاتصالات السلكية واللاسلكية عبر الألياف البصرية والطباعة بالليزر استنادا إلى التصوير الجاف وأجهزة العرض والضخ البصري لأجهزة الليزر عالية الطاقة.
والتطبيقات المحتملة لعلم الضوئيات غير محدودة تقريبا وتشمل التركيب الكيميائي والتشخيصات الطبية ونقل البيانات والدفاع بالليزر وطاقة الانصهار، وهناك العديد من الأمثلة الإضافية المثيرة مثل : أجهزة المستهلك: جهاز المسح الضوئي والطابعة وأجهزة سي دي / الدي في دي/ البلو ري (وهي أجهزة تسجيل تستخدم أشعة الليزر الأزرق البارد) ، وأجهزة التحكم عن بعد ذات الشفرة الخيطية . الاتصالات السلكية واللاسلكية: اتصالات الألياف الضوئية والأجهزة البصرية لتحويل الإشارات إلى ترددات أقل . الطب: تصحيح ضعف البصر وجراحة الليزر والتنظير الداخلي الجراحي وإزالة الوشم . التصنيع: استخدام الليزر للحام والحفر والقطع وغير ذلك من الأساليب المختلفة لتعديل الأسطح . البناء: التسوية بالليزر والكشف عن الهدف بالليزر والهياكل الذكية . الطيران: الجيروسكوبات الفوتونية التي تفتقر للأجزاء المتحركة .
المجال العسكري: أجهزة الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء، والقيادة والتحكم، والملاحة، والبحث والإنقاذ، وزرع الألغام والكشف عنها . الترفيه: عروض الليزر ومؤثرات الأشعة وفن التصوير ثلاثي الأبعاد .
معالجة المعلومات . علم القياس والموازين: قياسات الوقت والتردد كشف الهدف . الحوسبة الضوئية: توزيع الساعة والتواصل بين أجهزة الكمبيوتر، أو لوحات الدوائر المطبوعة أو داخل الدوائر المتكاملة الإلكترونية البصرية؛ وفي المستقبل: الحوسبة الكمية .
ويشمل علم الضوئيات الأبحاث الخاصة بالانبعاث والإرسال والتضخيم والكشف عن الضوء وتعديله، ويعتبر مصادر الضوء المستخدمة في الضوئيات عادة ما تكون أكثر تطورا من المصابيح الكهربائية. وعادة ما تستخدم الضوئيات مصادر الضوء من أشباه الموصلات مثل الصمامات الثنائية المشعة للضوء (LEDs) والصمامات الثنائية فائقة الإشعاع الضوئي والليزر. ومن بين مصادر الضوء الأخرى مصابيح الفلورسنت ومصابيح الأشعة المهبطية وشاشات البلازما، ونلاحظ أن مصابيح الأشعة المهبطية وشاشات البلازما وشاشات الصمام الثنائي المشع للضوء العضوي تقوم بتوليد الضوء الخاص بها، فإن شاشات الكريستال السائل (LCDs) مثل شاشات TFT تتطلب ضوءا خلفيا من مصابيح الفلورسنت ذات القطب البارد أو الأكثر شيوعا اليوم الصمامات الثنائية المشعة للضوء.
وتتميز الأبحاث التي يتم إجراؤها على مصادر الضوء من أشباه الموصلات بالاستخدام المتكرر لأشباه الموصلات من نوع 3-4 بدلا من أشباه الموصلات الكلاسيكية مثل السيليكون والجيرمانيوم. وهذا يرجع إلى الخصائص الخاصة التي تتمتع بها أشباه الموصلات من نوع 3-4 التي تتيح تنفيذ الخدمات المشعة للضوء. ومن الأمثلة على أنظمة المواد المستخدمة زرنيخيد الغاليوم وزرنيخيد ألومنيوم غاليوم أو غيره من أشباه الموصلات المركبة الأخرى. كما أنها تستخدم بالاشتراك مع السيليكون لإنتاج ليزر السيليكون الهجين.
كما يمكن نقل الضوء عبر أي وسيط شفاف ، ويمكن استخدام الألياف الزجاجية أو الألياف الضوئية البلاستيكية لتوجيه الضوء على طول المسار المطلوب، وفي الاتصالات البصرية تتيح الألياف البصرية مسافات إرسال تزيد على 100 كم دون تضخيم وذلك اعتمادا على معدل البت ونسق التعديل المستخدم للإرسال. ومن بين الموضوعات البحثية المتقدمة للغاية في مجال الضوئيات أبحاث وتصنيع الهياكل الخاصة والمواد التي تتمتع بخصائص بصرية هندسية.
ومن هذه المواد الكريستالات الضوئية والألياف الكريستالية الفوتونية والميتاماتريال. وتستخدم المضخمات البصرية لتضخيم إشارة بصرية. والمضخمات الضوئية المستخدمة في الاتصالات الضوئية هي مضخمات الألياف المطعمة بالإربيوم والمضخمات الضوئية من أشباه الموصلات ومضخمات رامان والمضخمات الضوئية البارامترية. ومن الموضوعات البحثية المتقدمة للغاية في مجال المضخمات الضوئية البحث حول المضخمات الضوئية من أشباه الموصلات ذات النقطة الكمية، وتقوم أجهزة الكشف الضوئية بالكشف عن الضوء. وتتراوح أجهزة الكشف الضوئية من الصمامات الثنائية الضوئية الخاصة بتطبيقات الاتصالات والأجهزة المتصلة بالشحنات متوسطة السرعة (CCDs (الخاصة بالكاميرات الرقمية وصولا إلى الخلايا الشمسية شديدة البطء التي تستخدم لتجميع الطاقة من أشعة الشمس. وهناك أيضا العديد من أجهزة الكشف الضوئية الأخرى التي تقوم على المؤثرات الكيميائية والكمية والكهروضوئية وغيرها من المؤثرات الأخرى. ويستخدم تعديل مصدر الضوء لترميز المعلومات الخاصة بمصدر الضوء. ويمكن تحقيق التعديل عن طريق مصدر الضوء مباشرة. ومن أسهل الأمثلة على ذلك استخدام الضوء الوميضي لإرسال شفرة مورس. وثمة طريقة أخرى وهي أخذ الضوء من أحد مصادر الضوء وتعديله في جهاز تعديل ضوئي خارجي.
ويتضمن علم الضوئيات أيضا أبحاثا على الأنظمة الضوئية. وعادة ما يستخدم المصطلح لأنظمة الاتصال الضوئي. وينصب تركيز هذا المجال من الأبحاث على تنفيذ الأنظمة الضوئية مثل الشبكات الضوئية عالية السرعة. كما يتضمن هذا أبحاثا حول المجددات الضوئية، التي تعمل على تحسين جودة الإشارة الضوئية. وتعتبر التكنولوجيات البصرية هي القوة الدافعة وراء نمو النطاق العريض للإنترنت. وفي الواقع لن يكون الإنترنت كما نعرفها ممكنة بدون التكنولوجيات البصرية وما يتصل بها من معايير الشبكات. وهذا ما يوضحه تقرير "عالم التكنولوجيا البصرية" وهو أحد تقارير رصد التكنولوجيا أصدره قطاع الاتصالات بالاتحاد الدولي للاتصالات . وقد لعبت المعايير التي وضعها قطاع توحيد الاتصالات بالاتحاد في مجال شبكات النقل البصرية دوراً رئيسياً في إحداث تحول كبير في قدرات النطاق العريض للإنترنت. وعلم البصريات هو علم الضوء وله تاريخ طويل جداً. وإقامة الشبكات البصرية، وتكنولوجيا الضوء باستخدام (تكنولوجيا الضوء)، وتكنولوجيات النانو، والبصريات غير الخطية كلها من المجالات التي يمكن أن يؤدي فيها حدوث تقدم سريع في المعرفة إلى حدوث تغيرات رئيسية في طريقة تصميم الحواسيب والشبكات ومراكز البيانات. ويتضمن التقرير الجديد الذي أصدره قطاع تقييس الاتصالات في الاتحاد لمحة عامة عن عالم البصريات، ويستعرض المعايير والبحوث الجارية التي ستؤدي إلى جيل جديد من الإنترنت وأدوات الحوسبة. وقد يصبح من الممكن إيجاد حلول لبعض التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الحاضر في مجالات الطاقة والصحة والبيئة بمساعدة عِلم البصريات وعِلم الضوء.
وتعد شبكات الألياف البصرية اليوم أكثر وأوسع التكنولوجيات البصرية استخداماً في عمليات التوصيل البيني عالية السرعة، كما هو الحال في أجهزة الخدمة والربط بين المكاتب والمباني وشبكات المناطق الحضرية بل والربط بين القارات عن طريق الكبلات البحرية. كذلك تستخدم تكنولوجيا البصريات في محركات الأقراص المدمجة المخصصة للقراءة فقط سي دي روم ، وطابعات الليزر، وأجهزة الاستنساخ الفوتوغرافي، وأجهزة المسح الضوئي.
والآن، وبعد أن اقتربت تكنولوجيا البصريات من مرحلة النضج، أخذت الأسعار تنخفض وبدأ إدخال البدائل البصرية في أنظمة الحواسيب. ومقارنة بالأسلاك النحاسية والإلكترونيات، تتمتع المعدات المزودة بالخواص البصرية بالكثير من المزايا لاستخدامها في شبكات الاتصالات والحواسيب: فهي تستخدم قدراً أقل من الطاقة؛ وتتمتع بسرعات أعلى؛ وأقل حجماً؛ وأخف وزناً؛ وتصنيعها أقل تكلفة؛ وقدرتها أعلى على التخزين؛ ولا تتأثر بالتداخل الكهرمغنطيسي؛ وخالية من تأثيرات الدارات القصيرة؛ وتكاليف تشغيلها أقل بالنسبة لشركات تقديم الخدمة؛ وتسمح بتخفيض مستويات الكربون المنبعث من الاتصالات.
ويمهِد الإدماج التدريجي للتكنولوجيا البصرية في عالَم الإلكترونيات التقليدية الطريق أمام الدخول في عصر عالم التكنولوجيا البصرية. ويرى خبراء الصناعة أن التكنولوجيا البصرية تعد أفضل وسيلة لحل جوانب القصور التي تعاني منها الإلكترونيات فيما يتصل بالنطاق العريض. فالنقل بالفوتونات لا يترتب عليه فقدان الكثير من خواص المواد المرسَلة، كما أنه يوفر نطاقاً عريضاً كبيراً، ويتيح القدرة على تعدد الإرسال على أكثر من قناة رقمية واحدة على تردد واحد في نفس الوقت بدون تداخل.
أما من حيث السرعة، فإن البيانات تنتقل عبر شبكة إلكترونية بسرعات تصل إلى عدة وحدات ميجابت في الثانية ، مقارنة بالسرعات التي تصل إلى عدة تيرابتات في الثانية في حالة الشبكات الضوئية. وتبلغ متطلبات الطاقة اللازمة للتبديل الإلكتروني نحو مايكرو وات واحد، بينما تقاس متطلبات الطاقة التي يحتاجها مكون التبديل الضوئي بالنانو وات.
وقد أدت الحاجة المتزايدة إلى سرعة الحوسبة التي اقترنت بالزيادة السريعة في الطلب العالمي على خدمات الإنترنت، وتوفير الخدمات التلفزيونية وخدمات الفيديو، وشبكات الجيل التالي عريضة النطاق إلى تركيز الاهتمام على تكنولوجيا الحوسبة البصرية.
وحوَلت شركات تقديم الخدمات عروضها إلى نموذج تجاري جديد يقوم على توفير ثلاث خدمات (تجمع بين الصوت والبيانات والفيديو) وهي خدمات تعتمد على توافر النطاق العريض بقدر كاف يسمح بنقل مقادير كبيرة من البيانات.
وكلما اتسعت شبكات الاتصالات على مستوى عالمي ستظل الاتصالات القائمة على التكنولوجيا البصرية من العوامل الاستراتيجية التي تمكن من توفير خدمات الجيل التالي للإنترنت. ونظراً للمزايا التي تتمتع بها شبكات الألياف البصرية مقارنة بالإرسال الإلكتروني، أصبحت هذه الشبكات تحل بسرعة محل شبكات الأسلاك النحاسية في بلدان العالم المتقدمة وفي البلدان النامية أصبحت أساسية من أجل تضييق الفجوة الرقمية. فالتردد المرتفع الذي تتميز به شبكات الألياف البصرية يساعد بدرجة كبيرة على نقل قدر من المعلومات على قناة واحدة أكبر بكثير مما هو ممكن في الأنظمة الراديوية أو أنظمة الموجات شديدة الصِغَر التقليدية.
وما زالت شبكات الاتصالات التي تستخدم الألياف البصرية في حاجة إلى تحويل الإشارة الكهربية إلى إشارة بصرية في كل عملية إرسال، ثم إعادة تحويلها إلى إشارة كهربية في الطرف المتلقي. وهذا يعني أن إمكانيات النطاق العريض التي تتيحها الألياف البصرية لم تستغل بالكامل حتى الآن. وسوف تركز البحوث وأعمال التقييس في المستقبل على تطوير أدوات ووسائل بصرية تماماً لشبكات الاتصالات.
وكان نظام الربط بشبكات الألياف البصرية المتزامنة (SONET) وهو النظام الذي طبِق باعتباره النظام الأساسي في معظم شبكات الاتصالات بالألياف البصرية في أواخر التسعينات من القرن الماضي قد صمم في الأصل للأسطح البينية البصرية التي تَستخدم طول موجة واحدة لكل من الألياف البصرية. ومع تقدم تكنولوجيا الألياف البصرية أصبح من الأوفر من الناحية الاقتصادية إرسال إشارات متعددة عن طريق شبكات الألياف البصرية المتزامنة على نفس الليف البصري. وتوضح التوصية الصادرة عن قطاع تقييس الاتصالات بنية شبكة النقل بالألياف البصرية .
وشبكة النقل بالألياف البصرية (OTN) هي طبقة النقل الوحيدة في صناعة الاتصالات التي تستطيع حمل إشارة إيثرنت بمعدل 100/40/10 جيجلبيت من بروتوكول الإنترنت/أجهزة تبديل وتسيير الإثرنت بعرض نطاق كامل. وهي تتألف من مجموعة من عناصر الشبكة البصرية التي تربط بينها وصلات من الألياف البصرية. ويمكن أن تصبح أنظمة الاتصالات البصرية التي تقاس سرعاتها بتريليون بتة هي القاعدة في المستقبل. وقد تضمن عدد مايو 2011 من مجلة "طبيعة الضوئيات الإعلان عن تحقيق انطلاقة في مجال سرعة إرسال البيانات في الاتصالات البصرية حيث حقق الباحثون في أحد معاهد التكنولوجيا (معهد كارلسروه للتكنولوجيا ) رقماً قياسياً بإرسال 26 ترليون بتة في الثانية باستخدام جهاز ليزر وحيد. وسوف يكون إجراء الاتصالات بسرعة ترليون بتة مفيداً جداً للتطبيقات التي تحتاج إلى عرض نطاق كبير مثل الحوسبة السحابية، والتلفزيون ثلاثي الأبعاد، والتلفزيون عالي الاستبانة وتطبيقات الواقع الافتراضي. وهذه الانطلاقة يمكن أن تمهد الطريق أمام أعمال التقييس في هذا المجال في المستقبل. ويجب أن توفر الشبكات الأساسية جودة الخدمة والمرونة. والغرض من الشبكات البصرية المبدلة أوتوماتيكياً (ASON) هو أتمتة إدارة الموارد والتوصيل داخل الشبكة للمحافظة على جودة الخدمة. وسوف يكون ذلك بمثابة تحدٍ شديد لأن الحركة العالمية عبر بروتوكول الإنترنت بلغت، حسب الدليل السنوي الذي تصدِره مؤسسة سيسكو عن الشبكات البصرية، ما يقدر بنحو 242,2 إكسابايت ( الإكسا بايت = بليون جيجا بايت) في 2010 ومن المتوقع أن ترتفع إلى 965,5 إكسابايت بحلول سنة 2015. ولقد كانت القضية الرئيسية في مجال التوحيد القياس فيما يخص الشبكات البصرية المبدلة أوتوماتيكياً هي مستوي التحكم البصري. وتعكف أجهزة التقييس الدولية بما فيها قطاع تقييس الاتصالات بالاتحاد، على تحديد بنية هذه الشبكات.
وتمتد شبكة الألياف البصرية غير النشيطة من المرفق المركزي التابع لشركة التشغيل إلى المنازل، والمباني السكنية ومراكز الأعمال التجارية والصناعية. ولقد كان أحد تطبيقات شبكات الألياف البصرية غير النشيطة الشائعة توفير نفاذ الإنترنت عريض النطاق إلى المنازل لتنفيذ تطبيقات مثل التلفزيون عبر بروتوكول الإنترنت. وتكمن مزايا شبكات الألياف البصرية غير النشيطة في إمكانية الاعتماد عليها بدرجة كبيرة وأنها توفر عرض نطاق كبير بسرعات عالية بتكلفة منخفضة. وتشمل بعض منتجات شبكات الألياف البصرية غير النشيطة القادرة على توفير سرعات تقدر بالجيجابت بالفعل خاصية التوفير في الطاقة، مما يقلل من استهلاك الطاقة. ويستطيع هذا النوع من الشبكات توصيل ما يصل إلى2488 ميجابت في حالة عرض النطاق للوصلة الهابطة، و1244 ميجابت في حالة عرض النطاق للوصلة الصاعدة. ويمكن استخدام الضوء في نقل المعلومات وتسجيلها ومعالجتها، ويحاول الباحثون تطوير طرائق جديدة تماماً للحوسبة ليس من الممكن تطويرها بالوسائل الإلكترونية. والمكونات الرئيسية المستخدمة في بناء الحواسيب التقليدية هي الترانزستورات الإلكترونية. ولبناء حاسوب يعمل بالتكنولوجيا البصرية، فمن المطلوب وجود ترانزستور بصري يقوم بالعمل الذي يقوم به الترانزستور الإلكتروني. والطاقة التي تستهلكها الفوتونات في معالجة المعلومات ونقلها في المسافات القصيرة أكبر من الطاقة التي تستهلكها الإلكترونات. وللتغلب على هذا التحدي، يتحرى الباحثون إمكانية استخدام التكنولوجيا البصرية غير الخطية. ومن المجالات الأخرى التي بدأت تتناولها البحوث أسلاك النانو من السليكون، التي يمكنها توجيه الضوء مثل الألياف البصرية. ونظراً للطاقة المنخفضة التي تستهلكها هذه الأسلاك وصِغَر حجمها فمن المتوقع استخدامها في مجالات مثل الأجهزة الطبية التي تُزرع في جسم الإنسان، حيث يجب أن تكون هذه الأجهزة صغيرة وليس من اللازم قيامها بعمليات المعالجة بسرعة.
وتعد البحوث التي تستهدف تطوير حاسوب بصري بالكامل من المجالات متعددة التخصصات، حيث تشمل موضوعات مثل الضوئيات الحيوية وضوئيات النانو. ومن اللازم وجود نموذج جديد لتجميع جميع المكونات البصرية. وإلى أن يتم وضع المعايير التي تنظم هذه العملية حتى يمكن إنتاج الترانزستورات البصرية على نطاق واسع، سيبقى الحاسوب البصري مجرد حلم.
أرسل تعليقك