واشنطن ـ العرب اليوم
تنتصب القبب المائة لمحطّة لمتابعة الأقمار الصناعية في «سالفبارد» على امتداد هضبة في إحدى جزر الجزء النرويجي من القطب الشمالي، لتبدو كثمار فطرٍ عشوائية نابتة في الثلوج. لا توحي المحطّة من الخارج بكثير من النشاط، ولكنّ كلّ واحدة من قببها تضمّ هوائيًا يعمل ليلًا ونهارًا، مركّزًا جهوده على الأقمار الصناعية أثناء ارتفاعها إلى ما بعد الأفق، ويتابعها دون توقّف خلال سباحتها في السماء. وقبل بضع دقائق من هبوط القمر الصناعي إلى ما تحت الأفق المواجه، تُرسل المحطّة التعليمات الرقمية له، وتتلقّى البيانات التي يرسلها إلى الأرض.
تُعرف المحطّة باسم «سفالسات» وتعمل كقوّة تشغيلية فائقة الأهميّة بعيدًا عن الأضواء لدعم البحث العلمي. تقع خارج قرية «لونجييربيين» في أرخبيل سفالبارد، على مسافة 1287 كلم من القطب الشمالي، ما يجعلها محطّة الأقمار الصناعية الأبعد في النصف الشمالي من العالم. علاوة على ذلك، تعتبر «سفالسات» من أكبر المحطّات على الكوكب، إذ إنّها تضمّ 100 هوائي، يصل قطر بعضها إلى حوالى 13 مترًا، مهمّتها تتبّع 3500 مرور يومي لمئات الأقمار الصناعية، من بينها تلك التي تراقب كوكبنا وتلعب دورًا مهمًا في دراسة تأثيرات التغيّر المناخي.
يختص اثنان من هذه الأقمار الصناعية الناشطة ببرنامج «لاند سات» المشترك بين وكالة ناسا الفضائية الأميركية وهيئة المساحة الجيولوجية الأميريكية، ومهمّتهما تزويده بصورٍ لصفائح الجليد المتقلّصة والغابات المتغيّرة والخطوط الساحلية المتآكلة، وغيرها من مؤشرات الاحتباس الحراري العالمي.
تتابع محطّة «سفالسات» كثيرا من الأقمار الصناعية أيضًا، أبرزها تلك التّابعة لبرنامج «سنتينل» بإدارة وكالة الفضاء الأوروبية والشبيه بـ«لاند سات»، بالإضافة إلى سفينة «سوومي إن.بي.بي. الفضائية» التّابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي المسؤولة عن قياس درجة حرارة سطح البحر، وكمية الأشعة الشمسية التي تعكسها الأرض، وغيرها الكثير من المتغيّرات المرتبطة بالمناخ.
تدور هذه الأقمار التي تراقب الأرض وغيرها في المدارات القطبية، من قطب إلى آخر لمدّة ساعةٍ ونصف الساعة تقريبًا. يكون بعض هذه الأقمار متزامنا مع حركة الشمس، أي أنّها تمرّ فوق كلّ نقطة على سطح الأرض وبالتزامن مع الشمس بالوقت نفسه، الأمر الذي يعتبر مفيدًا للأقمار الصناعية التصويرية أكثر من غيرها، لأنّ الزاوية التي تضيء الشمس الأرض منها تكون ثابتة في كلّ صورة. تتصل هذه الأقمار الصناعية بأكثر من محطّة في جميع أنحاء الأرض لتأمين تغطية على امتداد مداراتها. ولكنّ موقع «سفالسات» المرتفع يمنحها نوعًا من التفوّق على المحطّات الأخرى، بحسب ما أفادت مديرة المحطّة ماجا – ستينا إكستيدت.
ويسمح موقع «سفالسات» المرتفع للأقمار بدوران قليلٍ نسبيًا لتبقى ضمن نطاقها المحدّد. وتستطيع المحطّة الاتصال بالقمر الصناعي الذي يدور في المدار أو الاكتفاء بمروره بجانبها كما كلّ يوم. وتضيف إكستيدت: «هذا هو الأمر المميّز في سفالبارد. تسمح لنا بتنزيل البيانات من الأقمار وتزويدها بالأوامر مع كلّ مرور لها».
قد يهمك ايضا
مراقبة عبر الأقمار الصناعية ترصد شحنة وقود إيرانية ثالثة إلى لبنان
نقل 36 قمراً صناعياً بريطانياً بطائرة إلى روسيا
أرسل تعليقك