لندن ـ وكالات
منذ عدة سنوات طلب القائمون على مكتبة نيويورك العامة من المهندس المعماري البريطاني الشهير، نورمان فوستر، أن ينفذ تصميماً داخلياً لأحد مباني مكتبتهم في مانهاتن، وفي أواخر السنة الماضية تم الإفصاح عن هذه الخطط التي ستكلف أكثر من 300 مليون دولار، ما أشعل معركة مريرة.
لا تلقي بالاً إلى أن اللورد فوستر اقترح إزالة بعض سمات القرن التاسع عشر لإنشاء أفق يدخله الضوء والهواء، ما أشعل الجدال بحق هو أنه يريد إزالة أكوام الكتب القديمة التي نادراً ما تستخدم، وأن يضعها في مخزن تحت الأرض، وهذا سيتيح للمكتبة ضم مجموعات شهيرة من الكتب من أماكن أخرى في نيويورك، إضافة إلى إنشاء مقهى.
ويشرح أنطوني ماركس، رئيس مكتبة نيويورك العامة، الغرض من هذا التوجه قائلا: "نريد أن نستخدم المناطق فوق الأرض من أجل الناس وليس لتصبح مخزنا للكتب". أو كما يقول اللورد فوستر: "هناك فرصة لإنشاء فضاء عمومي كبير لقاطني مدينة نيويورك".
هذه الخطط أرهبت بعضهم، وتساءل أحد فاعلي الخير من مدينة نيويورك: "هل حقاً نحن بحاجة إلى ستارباكس هنا، بدلاً من الكتب؟"، في الحقيقة هاجم الناقد المعماري، مايكل كيميلمان، من صحيفة "نيويورك تايمز" اليومية "المهندس الشهير"، زاعماً أن خططه عبارة عن "طبقات من المعارضة الأدبية الضيقة المبتذلة (...) ومن المحتمل أن تكون مثل كنيسة آلامو التي تحولت إلى قلعة للحصول على المال".
وفي الحقيقة ما هو على المحك أكثر من مجرد الذوق المعماري. السؤال الأساسي الذي يستمسك به رجال مثل الدكتور ماركس هو: ما جدوى المكتبات العامة هذه الأيام؟ إنه موضوع مشحون بالكثير.
عندما أنشأت مكتبة نيويورك العامة عام 1895، كان واضحا لماذا كانت هناك حاجة لها، كانت الكتب قيمة، وكان من الصعب على الأكاديميين والفقراء أن يصلوا إليها، لذا أقدم فاعلو الخير بأسلوب أمريكي أصيل على التدخل، النبلاء، أمثال صاموئيل جي تيلدن وجون جاكوب أستور، أعطوا مبالغ كبيرة لمكتبات نيويورك، وتبرع أندرو كارنيجي عام 1901 بـ 5.2 مليون دولار، وهو أحد أكبر التبرعات الفردية في التاريخ.
واستمر هذا التقليد: في عام 2008، تبرع مدير الأسهم الخاصة، ستيفين شوارزمان، بـ 100 مليون دولار لتجديد المبنى المميز لمكتبة نيويورك العامة في شارع 42، وهذا يضمن أن اسمه ملحق بالمبنى إلى الأبد ومنقوش على قاعدة الأعمدة.
أرسل تعليقك