القاهرة ـ أ ش أ
"بنك الفقراء" يهدف إلى تبني المشروعات الصغيرة،و يقضي على البطالة و يدفع عجلة الاقتصاد ومطالب بتنفيذ وتطبيق الفكرة في مصر.
و هو مشروع ينتظر التنفيذ في مصر لمساعدة الفئات الأشد إحتياجًا، اذ يعد هذا البنك ساحة لتصالح الفقر مع الفقراء حيث يساعدهم على مواجهة ظروف الحياة الصعبة وتحويلهم إلى فاعلين من خلال مشروعات يفكرون فيها وينفذونها حسب احتياجات واقعهم المحلى وظروفه.
بارقة أمل جديدة يحملها البرنامج العربي للتنمية (أجفند) برئاسة الأمير طلال بن عبد العزيز بانتقال مشروع بنوك الفقراء إلى منطقة جنوب شرق آسيا في خطوة جديدة تعكس إقبال المجتمعات النامية على مثل تلك المشروعات، حيث يدشن الأمير طلال غد الأربعاء (بنك الفقراء) في مانيلا الذي تم تأسيسه في الفلبين بشراكة مع الحكومة الفلبينية والقطاع الخاص وأطلق عليه الفلبينيون اسم (بنك الإبداع للتمويل الأصغر) حيث سيتم تنظيم منتدى ضمن فعاليات التدشين يشارك فيه مدير حملة قمة الإقراض الأصغر لاري ريد، وممثلو بنوك الفقراء في كل من الأردن، واليمن، ولبنان، وسيراليون.
وتقول وكالة أنباء الشرق الأوسط - في تقرير لها حول بنوك الفقراء - أن العالم لم يعد في حاجة لمزيد من التعريف بالقروض متناهية الصغر، بعد أن أصبحت هذه الآلية الاقتصادية التنموية الفاعلة تشكل جزءًا كبيرًا في اقتصاديات الدول، وفرضت نفسها باعتبارها أحد الحلول الناجعة للحد من الفقر، ولكن هذا المفهوم بات أكثر حاجة للتوسع في تطبيق هذه الآلية، ليجنى الفقراء ثمرات الإقراض متناهي الصغر.
ويستهدف مبدأ الإقراض متناهي الصغر شريحة أفقر الفقراء الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، وهم الذين استهدفتهم (الأهداف الإنمائية للألفية)، التي دعت إلى خفض معدل الفقر إلى 50 % بحلول العام 2015، وهؤلاء الذين تضيق أمامهم - بل تنعدم - فرص الاقتراض من البنوك العادية ؛ بسبب الضمانات التي تطلبها، وهؤلاء أفراد وجماعات ـ يحتاجون إلى من يمدهم بالمهارة والمال للبدء في مشروع إنتاجي يدر الدخل لكي يساهموا في تحريك مجتمعهم المحلى وتنميته.
ولذلك فالحاجة تدعو لقيام مؤسسات تقرض هذه الشريحة وتمول مشاريعهم، ولا شك أن الخدمات غير المالية تشكل أهمية قصوى للمشروعات الصغيرة، ومتناهية الصغر التي تستهدف شريحة الفقراء، إلا أن موضوع التمويل يعني حجر الزاوية في دعم تلك المشروعات الصغيرة.
وخلال السنوات الخمس القادمة يتوقع أن تحقق تسهيلات (أجفند) الائتمانية إتاحة نحو 75 قرضًا لبنوك مؤسسات الإقراض الصغير القائمة بمعدل 3 قروض كل سنة من مجموع 24 بنكًا ومؤسسة إقراض صغير، وفي نهاية العام 2015 يتوقع أن تصل المحفظة الائتمانية لهذه التسهيلات إلى 105 ملايين دولار.
ومفهوم عملية تقسيم ثروة المجتمع على أفراده، هو مفهوم منقوص، يتجاهل أن الثروة مهما تضخمت، لا يمكن أن تستمر في الوفاء بالاحتياجات الحياتية للأبد، ما لم تتحول لقوة إنتاجية قادرة على توفير فرص العمل والكسب لأفراد المجتمع، ومع غياب آليات صناعة الثروة بصورة متجددة تنفد الثروة، عاجلًا أو آجلًا مخلفة وراءها فقر مدقع، وتتحول عملية توزيع الثروة لعملية توزيع الفقر، الفقر الذي يمكن أن يدفع الناس إلى التضحية بدماء ذويهم من أجل حفنة جنيهات.
والتصالح مع الفقر ممكنًا قبل وقوع أحداث تسيل فيها الدماء، وإذا كان الدين الحنيف يميل دائمًا إلى عقد الصلح بين الناس بعضهم بعض ويدعو للمحبة والتسامح والعطف، فإنه يدعو كذلك إلى التكافل الاجتماعي الذي يؤدي إلى تصالح الفقراء مع فقرهم وتصالح الفقر مع المجتمع.
وفي ظل حالة الفقر والاستلاب الحضاري والثقافي لا يمكن التحرر النهائي من الفقر، وإنما يجب العمل على تحجيمه، والفقر في مصر متعدد الأبعاد ويمثل عقبة أساسية للتنمية المتواصلة ورفع معدلات النمو الاقتصادي، ويشكل متضمنا مع الحرمان خطرًا على السلام والاستقرار السياسي والاجتماعي.
ويعرف الفقر بأنه حالة من الحرمان من الحياة اللائقة التي ينبغى أن يعيشها المرء أو المجتمع، وهو ما يعرف بـ "الفقر المادى"، والحرمان من فرص التعليم والصحة السليمة والتمتع بمستوى معيشى لائق، وهذا هو "الفقر غير المادى".
وفى ذات الوقت لا يعنى الفقر، الافتقار إلى ما هو ضروري للرفاهية المادية، اذ يمكن تعريفه كظاهرة متعددة الأبعاد، والتساؤل الذي يطرح نفسه هو كيفية الخروج من حلقة الفقر في مصر خروجًا آمنا يبدأ بالتصالح مع الفقر، الذي بلغ نسبته 43 % من عدد السكان طبقًا لتقارير الأمم المتحدة.
لقد كانت مصر قبل 15 عامًا من أولى الدول التي طرح فيها الأمير طلال فكرة إنشاء بنك للفقراء، إلا أنها لم تجد استجابة بزعم أن نسبة الفقراء في مصر ليست كبيرة، وتكررت الدعوة مرات أخرى كثيرة، حين أعلن الأمير طلال بن عبد العزيز رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) أن مصر بحاجة لأكثر من بنك للفقراء يطبق آلية الاقتراض متناهي الصغر، وأن البرنامج على استعداد للمساعدة في هذا الصدد بعدما حقق مشروع بنك الفقراء الذي يتبناه نجاحًا كبيرًا في 8 دول عربية حتى الآن، تم تأسيسه فيها تحت مسميات مختلفة منها بنك الأمل وبنك التنمية.
وحاول الأمير طلال بن عبد العزيز تنفيذ الفكرة مع الدكتور عبدالعزيز حجازي أثناء تولي الدكتور عاطف عبيد رئاسة مجلس الوزراء في مصر تحت مسمي بنك الفقراء على أن تطلق عليه الدولة أي اسم آخر إذا رغبت في ذلك، ولكن الفكرة باءت بالفشل ؛ لعدم موافقة الجهات المسئولة، وبرغم ما صادف الفكرة من عقبات وتحديات إلا أن صاحبها لم يفقد الأمل، وانتشرت الفكرة شرقًا وغربًا ووصلت إلى الفلبين.
واليوم وقد تجاوز أعداد المستفيدين من الفقراء من منظومة تلك البنوك عدد مليون وأربعمائة ألف مستفيد، فإن مصر بحاجة إلى دراسة المشروع، والعمل على تنفيذه بعد التأكد من جدواه.
أرسل تعليقك