الدوحه ـ قنا
أكد التحليل الأسبوعي لمجموعة QNB أن إقامة اتحاد مصرفي لمنطقة اليورو خطوة هامة نحو تعزيز الثقة في عملة اليورو وستخلق في نهاية الأمر ساحة على مستوى منطقة اليورو تتنافس فيها البنوك في بيئة رقابية موحدة.
وأضاف التحليل الصادر اليوم أنه لن يكون بمقدور الحكومات الوطنية بعد هذا أن تتدخل في الإشراف على البنوك، مبينا أن الأهم من كل ذلك هو أن إنشاء صندوق لحل مشكلات البنوك سوف يضع حداً لبرنامج "العناق القاتل" الذي ألحق أضراراً جسيمة بمنطقة اليورو خلال السنوات القليلة الماضية.
وأشار إلى اتفاق قادة منطقة اليورو قبل أسبوعين على تخويل البنك المركزي الأوربي مسؤولية الإشراف على البنوك ابتداءً من العام القادم مع إيجاد نظام موحّد لمعالجة الأزمات المصرفية. وذكر أن هذه الإجراءات تضمن مستقبلاً انخفاض مخاطر وقوع أزمة مالية بمنطقة اليورو بالإضافة إلى الحدّ من الارتباط بين الأزمات المصرفية والديون السيادية. كما أنها تمثّل أيضاً خطوة أخرى هامة نحو تعزيز الثقة في عملة اليورو.
وأوضح أن معظم بنوك منطقة اليورو وجدت نفسها عقب الأزمة المالية العالمية معرضة للركود الاقتصادي بدرجة عالية وأنها في حاجة إلى الدعم الحكومي لاستعادة حيويتها المالية.
ورأى أن ذلك يصدق بصفة أخص على البلدان التي عانت فيها القطاعات المصرفية من ديون ثقيلة في سوق الإسكان، كما هو الحال في أيرلندا وإسبانيا، إذ تقدّر الخسائر التي تحملتها البنوك الأوروبية بمبلغ يقارب تريليون يورو منذ اندلاع الأزمة في عام 2007 وحتى عام 2010.
ولفت إلى أن العديد من البنوك واجه صعوبات في السيولة بلغت حد الإعسار لدى بعضها بالتوازي مع تفاقم الركود الاقتصادي واشتداد أزمة سوق الإسكان، وكان على القطاع العام أن يتدخل لإنقاذ هذه البنوك فيما عرف ببرنامج "العناق القاتل".
وقال إن المفوضية الأوربية وافقت على تخصيص 4,5 تريليون يورو كإعانات حكومية للبنوك خلال الفترة من أكتوبر 2008 إلى أكتوبر 2011، وهو مبلغ تضمن قيمة إعادة رسملة البنوك وتقديم ضمانات حكومية مقابل مديونيات البنوك من أموال دافعي الضرائب.
ولفت إلى ما ترتّب على ذلك من تحميل أعباء هائلة على الماليات العامة التي كانت تعاني من الضعف سلفاً، ودفعت بمعدلات الديون السيادية إلى أعلى.
وأضاف أن تأثيرات أزمة البنوك والديون السيادية ألقت في نهاية الأمر، بظلالها السلبية على كل من القطاع الخاص بمنطقة اليورو في شكل انخفاض في الائتمان المقدم من البنوك، وعلى القطاع العام في شكل ارتفاع في العجوزات المالية والمديونيات، ما قاد في النهاية لأطول فترة ركود اقتصادي في تاريخ منطقة اليورو.
وبين تحليل مجموعة QNB أن منطقة اليورو قررت اتخاذ خطوة استباقية بهدف تفادي وقوع أزمة مصرفية مكلفة، تتمثل في خلق اتحاد مصرفي، مشيرا إلى أن المفوضية الأوروبية كانت قد وافقت في يونيو 2012 على مشروع آلية منسقة للتعافي وحل المشكلات المصرفية.
وأوضح انه تم تعزيز هذا المشروع قبل أسبوعين بضغوط من البرلمان الأوروبي لمنح البنك المركزي الأوروبي مزيداً من الاستقلالية في الإشراف والتدخل في شؤون البنوك المتعثرة، بالإضافة إلى تزويده بموارد كافية تمكّنه من تقديم السيولة للبنوك عند الحاجة.
وقال إنه بموجب الاتفاقية الجديدة، سيتولى البنك المركزي الأوروبي تنظيم بنوك منطقة اليورو والإشراف عليها ابتداءً من عام 2015، منبها إلى أن الدول الأوروبية غير المنضوية تحت مظلة منطقة اليورو، مثل المملكة المتحدة، ليست طرفاً في هذه الاتفاقية لأنها لا تملك حق التصويت في مجلس إدارة البنك المركزي الأوربي.
وذكر أن اتفاقية منطقة اليورو تتطلب التزام جميع البنوك بنفس المعايير الرقابية/التنظيمية والخضوع لنفس الإجراءات الإشرافية المشدّدة، معتبرا أن هذا التحول في مسؤولية الإشراف على البنوك لصالح البنك المركزي الأوروبي سيؤدي إلى إضفاء عنصر الحياد على منطقة كانت متروكة في الماضي للسلطات الرقابية الوطنية (مع تدخلات قوية من قبل حكوماتها).
وأكد أن الاتفاقية توفّر أيضاً صلاحيات كبيرة للبنك المركزي الأوروبي للتدخل في شؤون البنوك المتعثرة، فبإمكان البنك المركزي أن يفرض على البنوك رفع رؤوس أموالها إذا رأى أنها لا تملك الرسملة الكافية لمواجهة أي صعوبات اقتصادية وفقاً لاختبارات ضغط معينة.
وقال إن الاتفاقية إضافة لذلك، تمنح رئيس البنك المركزي الأوروبي صلاحيات واسعة لتحديد مدى إعسار بنك ما وإجباره على التصفية، وهو الأمر الذي أصرّ عليه البرلمان الأوربي.
وأضاف أنه سيتم إنشاء صندوق لحل مشكلات البنوك بقيمة 55 مليار يورو خلال الأعوام الثمانية القادمة من أجل توفير الموارد المالية اللازمة للتدخل في شؤون البنوك المتعثرة، على أن يتم جمع المبلغ من إسهامات الحكومات وجبايات البنوك كما سيسمح لهذا الصندوق بأن يقترض من أسواق المال لرفع ميزانيته العمومية.
أرسل تعليقك