الدوحة - قنا
أشار التحليل الاسبوعي الصادر عن مجموعة بنك قطر الوطني إلى أن ما أثبتته أحدث البيانات من أن تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة تظل متقلبة للغاية من شهر لآخر، لكن الاتجاه العام يبقى سلبيا، يعكس حقيقة أن المستثمرين لا يزالون يشعرون بالقلق إزاء الأسس الاقتصادية في الأسواق الناشئة ويقللون من توجههم نحو تلك الأسواق بناء على هذا الأمر.
وأضاف التحليل الصادر اليوم أن تدفقات المحفظة في الأسواق الناشئة تظل متقلبة، وهي بشكل عام في اتجاه تنازلي خصوصا مع التباطؤ الحاد الذي شهدته خلال آب/أغسطس الماضي، إلى جانب أن بلدانا معينة أكثر عرضة لهروب رؤوس الأموال بسبب ضعف أسسها الاقتصادية وقد شهدت تدفقات خارجية للمحفظة خلال الأشهر الأخيرة، كما أن خطة بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لإنهاء برنامج التيسير الكمي في شهر أكتوبر قد تؤدي إلى مزيد من الضغط على تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة التي تعاني هشاشة أسسها الاقتصادية، ومن المحتمل أن يؤدي هذا الأمر إلى عودة حالة عدم الاستقرار للأسواق المالية في أسعار الصرف وأسواق الأسهم في الأسواق الناشئة مستقبلا.
وذكر التحليل أن تدفقات المحفظة في الأسواق الناشئة شهدت تباطؤا حادا خلال شهر أغسطس الماضي، وذلك حسب تقديرات المعهد المالي الدولي "IIF"، وبلغ صافي تدفقات المحفظة في الأسواق الناشئة 9,3 مليار دولار ، وهو أدنى مستوى له منذ يناير 2014، وكان هذا الانخفاض أكثر حدة في الأسواق الناشئة الأوربية، كما شهدت إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط تدفقات خارجية، وتباطأت تدفقات رؤوس الأموال بشكل كبير إلى الأسواق الناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية.
وبمقابل المستويات العالية لتداولات أسواق الأسهم مؤخرا في الأسواق الناشئة والاقتصادات المتقدمة، فإن هناك أيضا قلقا من أن يشكل الاتجاه التنازلي لتدفقات المحفظة نقطة تحول قد تؤدي إلى تصحيح محتمل للسوق مستقبلا، إضافة إلى التوقعات التي تشير الى أن برنامج شراء الأصول في الولايات المتحدة ــ أو ما يعرف بتخفيض التيسير الكمي ــ سينتهي في أكتوبر، وهو ما يؤدي إلى قلق المستثمرين بشأن التأثير الاقتصادي السلبي المحتمل لزيادة تشديد السياسة المالية ولرفع أسعار الفائدة على المستوى العالمي مستقبلا.
وكانت تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة قد ارتفعت بشكل كبير خلال برنامج التيسير الكمي الذي تلى الازمة المالية العالمية لسنة 2008، حيث دفعت أسعار الفائدة القريبة من الصفر في الاقتصادات المتقدمة رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة المرتفعة العوائد، غير أنه ومنذ إعلان بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي عن نيته تخفيض برنامج التيسير الكمي خلال مايو 2013، عانت الأسواق الناشئة من موجات هروب رؤوس الأموال حيث ارتفعت العائدات في الاقتصادات المتقدمة مما أدى إلى إضعاف عملات الأسواق الناشئة والرفع من عوائد هذه الأخيرة، وهو ما أدى بدوره إلى تقلبات في أسعار الأسهم، وقد تأكد هذا الاتجاه من خلال آخر المعطيات التي أصدرها المعهد المالي الدولي والتي أظهرت تراجعا كبيرا عن متوسط التدفقات خلال النصف الأول من سنة 2014.
وكان المعهد المالي الدولي نشر لأول معطيات حول تدفقات المحفظة حسب المناطق وسلطت الضوء على أكثر المناطق التي يخاف منها المستثمرون حاليا، حيث تم تقدير صافي التدفقات الخارجية للمحفظة في الأسواق الناشئة الأوربية بـ 7,3 مليار دولار خلال شهر آب/أغسطس، وهو أكبر تدفق خارجي منذ يناير 2010 عندما بدأ المعهد المالي الدولي إصدار بياناته.
من جانبها ، ساهمت حالة عدم الاستقرار السياسي في أوكرانيا في فقدان المستثمرين الثقة في المنطقة حيث وصلت التدفقات الخارجية في أوكرانيا إلى 1,1 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأخيرة، كما أن النسبة العالية لعجز الحساب الجاري (5,5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي)، وانخفاض احتياطي النقد الاجنبي (1,9 من أشهر تغطية الواردات)، والحصة الكبيرة للملكية الأجنبية في الديون السيادية خلال العام 2013 جعل أوكرانيا عرضة للتدفقات الخارجية للمحفظة، وللتعويض عن هذه التدفقات الخارجية، تتلقى السلطات دعما لميزان المدفوعات في إطار برنامج جديد لصندوق النقد الدولي.
ويقدر صافي التدفقات الخارجية من إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط بـ 1,5 مليون دولار في أغسطس، لكن التفاصيل التي قدمها المعهد المالي الدولي لا توفر معلومات كثيرة حول البلدان التي شهدت هذه التدفقات، ويؤكد المعهد أن إفريقيا، وليس الشرق الأوسط, هي التي شهدت الجزء الأكبر لهروب رؤوس الأموال من المنطقة.
وسجلت تدفقات المحفظة في أمريكا اللاتينية رقما إيجابيا (8,3 مليار دولار ) خلال شهر أغسطس، وقد يكون هذا التدفق المؤقت مرتبط بتنظيم نهائيات كأس العالم، لكن الآفاق الاقتصادية في البرازيل تدهورت أكثر حيث تراجعت ثقة المستهلكين ورجال الأعمال بعد وقوع البلد في ركود اقتصادي خلال النصف الأول من عام 2014.
أما الأسواق الناشئة الآسيوية، فقد قُدرت تدفقات المحفظة فيها بـ 9,7 مليار دولار في آب/أغسطس، واستحوذت الهند على الحصة الأكبر من هذا الرقم الإيجابي بصافي تدفقات بلغ 4,7 مليار دولار، وبيدوا أن المستثمرين الأجانب قد تفاعلوا مع إطلاق سلسلة من المبادرات والإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى تحفيز النمو منذ انتخاب الإدارة الجديدة لرئيس الوزراء نارندرا مودي في مايو، لكن، تظل هناك هشاشة في الأسس الاقتصادية لبقية الأسواق الآسيوية حيث يُقدر أن كل من إندونيسيا وتايلاند شهدتا تدفقات خارجية خلال آب/أغسطس المنصرم.
أرسل تعليقك